مراقبون: تجاوزات في الانتخابات الروسية.. ودمعة بوتين تثير الاندهاش

لندن: النتائج «حاسمة».. وبرلين تطالب بالإصلاحات.. وباريس تعتبر فوزه «ليس محل شك».. وبكين تهنئ

زعيم المعارضة الليبرالي فلاديمير ريجكوف يتحدث خلال احتجاجات للمطالبة بانتخابات نزيهة في وسط موسكو أمس (رويترز)
TT

قال المراقبون التابعون لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، أمس: إن الانتخابات الرئاسية الروسية التي فاز فيها فلاديمير بوتين شهدت مخالفات كبيرة خلال احتساب الأصوات بعد حملة «سُخرت بشكل واضح» لمصلحة رئيس الوزراء.

وقال تونينو بيكولا، وهو أحد المراقبين من منظمة الأمن والتعاون في أوروبا في بيان: «لم تكن هناك منافسة حقيقية. وإساءة استغلال موارد الحكومة بددت أي شكوك حول من سيفوز بالانتخابات في نهاية الأمر». واستطرد: «نتائج الانتخابات يجب ألا تكون محسومة سلفا. وهذا لم يكن الحال في روسيا».

وقال المراقبون: «مع أن المرشحين للانتخابات الرئاسية الروسية كانوا قادرين على القيام بالحملة من دون عراقيل، سُخرت الظروف بشكل واضح لمصلحة مرشح واحد هو رئيس الوزراء فلاديمير بوتين». وتابعوا أن «هذه الانتخابات أظهرت أن هناك فائزا واضحا بأغلبية مطلقة من دون الحاجة إلى دورة ثانية. لكن خيار الناخبين كان محدودا والتنافس الانتخابي لم يكن عادلا وغاب حكم مستقل».

واعتقل مائتا معارض، على الأقل، في موسكو وسان بطرسبورغ، أمس، خلال تظاهر آلاف الأشخاص احتجاجا على فوز بوتين بالرئاسة الروسية. وفي موسكو، اعتقل مائة متظاهر، بينهم الكاتب إدوار ليمونوف أمام مقر اللجنة الانتخابية؛ حيث كانوا ينوون التظاهر احتجاجا على انتخاب بوتين. وقال ألكسندر أفيرين، المتحدث باسم حركة «روسيا الأخرى»، التي يتزعمها ليمونوف: «تم اعتقال مائة شخص».

من جانبها، تحدثت الشرطة عن اعتقال نحو 50 شخصا. وحاول نحو 1500 معارض يهتفون «العار لبوتين» التجمع في وسط سان بطرسبورغ؛ حيث سُجل انتشار كثيف للشرطة لتفريق هذه المظاهرة غير المرخص لها.

من جهته، اعتبر وزير الخارجية الفرنسي، ألان جوبيه، أمس، في بوردو (جنوب غرب)، أن فوز بوتين «ليس محل شك» وأنه محاور فرنسا «للسنوات المقبلة». وقال جوبيه في تصريح للصحافيين: «أرى أن الرئيس بوتين هو محاورنا للسنوات المقبلة»، مضيفا: «نرى أنه إجمالا وعلى الرغم من الانتقادات فإن إعادة انتخاب الرئيس بوتين ليست محل شك».

كما دعت الولايات المتحدة الحكومة الروسية إلى التحقيق في تقارير حول وقوع انتهاكات خلال انتخابات الرئاسة التي جرت وأسفرت عن فوز رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين.

وطالبت وزارة الخارجية الأميركية في واشنطن بإجراء تحقيق مستقل وجدير بالثقة في جميع التقارير التي تتحدث عن وقوع انتهاكات في الانتخابات.

من جهته، هنأ الرئيس الصيني هو جينتاو، أمس، فلاديمير بوتين على فوزه بالانتخابات الرئاسية الروسية، كما أعلنت وزارة الخارجية الصينية. وقال الناطق باسم الوزارة، ليو ويمين: «إن الرئيس هو جينتاو وجه رسالة تهنئة إلى بوتين»، معتبرا أن «الانتخابات جرت بنجاح». وأضاف أنها «قضية داخلية روسية». وكان بوتين قد قال لأنصاره وقد وقف بجواره الرئيس المنتهية ولايته ديمتري ميدفيديف: «وعدتكم بأننا سنفوز، وها قد فزنا.. المجد لروسيا». وندد بـ«محاولات تدمير الدولة الروسية واغتصاب السلطة». وقال: «إن الشعب الروسي أثبت اليوم أن مثل هذه السيناريوهات لن تنجح في أرضنا.. لن ينجحوا». وقال بوتين، والدموع تسيل على خديه، إنه حقق «انتصارا نظيفا»، حسب «رويترز».

وقد أثارت صورة بوتين وقد انحدرت الدمعة من عينه من السخرية قدر ما أثارته من الاندهاش؛ إذ كُتب تعليق على الصورة على الإنترنت يحمل اسم فيلم سوفياتي حاصل على جائزة أوسكار وهو «موسكو لا تصدق الدموع». وشكا خصومه من حدوث تلاعب على نطاق واسع في الانتخابات، وقالوا إنهم لا يعترفون بنتيجة الانتخابات وإنهم سيتجمعون قرب الكرملين.

وقال منظمو الاحتجاج، الذين يعتبرون بوتين زعيما شموليا ستؤدي عودته للرئاسة إلى عرقلة الأمل في إجراء إصلاحات اقتصادية وسياسية، إن مظاهراتهم ستزيد الآن وإنهم سيعبرون عن سخطهم وازدرائهم خلال مظاهرة حاشدة في موسكو. وقال الصحافي سيرجي بارخومينكو، وهو من زعماء حركة الاحتجاج المعارضة: «إنه يدفع الأمور نحو نقطة الانهيار. إنه يعلن الحرب علينا. ونتيجة لذلك فإن قاعدة كراهيته تتزايد».

كما اعتبرت الصحافة الروسية، أمس، أن بوتين، الذي فاز في الانتخابات الرئاسية، سيكون بمواجهة نقص في الشرعية خلال ولايته الثالثة في الكرملين، على الرغم من فوزه الساحق. وكتبت صحيفة «فيدوموستي» الاقتصادية: «فلاديمير بوتين فاز بالانتخابات الرئاسية بفارق جيد»، لكن السلطة «لم تتمكن من زيادة شعبيتها» التي تضررت جراء حركة الاحتجاج في الأشهر الماضية. واعتبر كاتب الافتتاحية في الصحيفة، كيريل روغوف، أن «الانتخابات تمت حسب إجراء لا يضمن شرعية الفائز».

إلى ذلك، صرح ناطق باسم رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، أمس، بأن نتائج الانتخابات الرئاسية في روسيا، التي فاز فيها فلاديمير بوتين، «حاسمة» على الرغم من «مشاكل» تحدثت عنها منظمة الأمن والتعاون في أوروبا.

كما طالبت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، بوتين بإجراء المزيد من الإصلاحات. في الوقت نفسه، أكدت المستشارة الألمانية استمرار الشراكة الاستراتيجية مع روسيا.

إلى ذلك، قالت المفوضية الأوروبية أمس إنها «تشجع روسيا على معالجة الثغرات» في العملية الانتخابية غداة فوز بوتين في الدورة الأولى من الاقتراع الرئاسي. وقالت الناطقة باسم المفوضية مايا كوسيانسيتش: «إن الاتحاد الأوروبي أخذ علما بالنتائج الأولية»، مشددة على أن المفوضية تشاطر المراقبين الدوليين قلقهم بعد تقرير لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا تحدث عن مخالفات.