مجازر في بابا عمرو والرستن.. و«الحراك» ساحة معارك جديدة بين قوات الأسد و«الجيش الحر»

ناشطون: الصليب الأحمر ما زال ممنوعا من الدخول.. وحمص معزولة عن العالم

متظاهرون مناهضون للرئيس السوري بشار الأسد في بلدة كفر نبيل بالقرب من إدلب أمس (رويترز)
TT

في حين تحولت مدينة الحراك بمحافظة درعا إلى بؤرة جديدة للصراع بين القوات السورية النظامية والجيش السوري الحر أمس، عاد الوضع داخل حي بابا عمرو في مدينة حمص أولوية ميدانية بعد إعلان المعارضة عن ارتكاب قوات الأمن مجزرة جديدة في بساتين الحي؛ إذ تحدث ناشطون عن أن «كتائب الأسد مدعومة بعناصر من الحرس الجمهوري داهمت بيوت ومزارع وبساتين المدنيين الآمنين في حي بابا عمرو وقامت بذبح عائلتين كاملتين مع أقربائهم وعددهم 19 شخصا»، فيما وصل إجمالي عدد القتلى بمختلف المناطق السورية إلى نحو 41 قتيلا برصاص قوات الأمن حتى مساء أمس، بحسب اتحاد تنسيقيات الثورة السورية.

وفي حين وثقت لجان التنسيق المحلية في الداخل السوري أسماء القتلى الذين قضوا في مجزرة بابا عمرو؛ وبينهم أطفال ونساء، لا يزال الصليب الأحمر وكذلك الهلال الأحمر، ممنوعين من الدخول إلى الحي. وفي هذا الإطار، أكد عضو «تنسيقيات الثورة السورية» في حمص وائل الحمصي أن «النظام السوري ارتكب أمس مجزرة في بابا عمرو، حيث قام بذبح 19 أو 20 شخصا من عائلتين» موضحا أن «عناصر النظام يريدون إلصاق التهمة بالجيش السوري الحر»، وأضاف الحمصي: «حمص معزولة تماما عن العالم.. لا طعام ولا كهرباء ولا اتصالات، فالنظام يريد أن يرتكب المجازر دون أن يعرف العالم».

بدوره، قال عضو تنسيقية حمص عمر التلاوي إن قصفا بالهاون والقذائف الصاروخية والمسمارية استهدف أحياء حمص ومدن الرستن وتلبيسة إضافة إلى حصارها بالدبابات. وتحدث عن مجازر ارتكبت في الرستن، وقال إن «الأمن والشبيحة يقومون بإحراق المنازل والمحلات التجارية وسط انتشار القناصة على المراكز الحكومية»، مشيرا إلى أن حمص مقطوعة عن العالم الخارجي بعد قطع الاتصالات عنها.

وكشف التلاوي أن الأمن يسيطر على المستشفى الحكومي في حمص الذي انحصر العلاج فيه للشبيحة والأمن الذين يمنعون المرضى المدنيين من دخوله «حتى مرضى القلب والأمراض المستعصية»، في ما يشبه العقاب الجماعي لأهالي المحافظة، وفق وصفه.

كما أعلن مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن أن القوات السورية «قصفت جسرا يمر عليه كل الجرحى في طريقهم إلى لبنان قرب مدينة القصير (محافظة حمص) وهو قريب جدا من الحدود اللبنانية». ويعتبر هذا الجسر بالنسبة للناشطين بالغ الأهمية في عملية تأمين مرور النازحين والجرحى. ومن القصير، تحدث الناشط أنس لـ«الشرق الأوسط» عن «نزوح معظم أهالي المنطقة، وبالتحديد مدينة القصير، باتجاه لبنان»، لافتا إلى أنها «تتعرض ومنذ أيام لقصف صاروخي ومدفعي، فيما يسيطر الجيش السوري الحر على قسم كبير منها».

وبالتزامن، أعلن المرصد أن «قوات عسكرية كبيرة تضم دبابات وناقلات جند مدرعة وحافلات، اقتحمت مدينة الحراك في محافظة درعا وسط سماع أصوات انفجارات وإطلاق رصاص كثيف».

وفي بيان لاحق، أوضح المرصد أن «اشتباكات عنيفة تدور بين القوات النظامية ومجموعات منشقة» في مدينة الحراك، «تستخدم فيها القوات النظامية الرشاشات الثقيلة والقذائف»، مشيرا إلى أن «الانفجارات تهز المدينة وتسمع أصواتها في القرى المجاورة».

أما «لجان التنسيق المحلية»، فذكرت أن «عددا كبيرا من سيارات الإسعاف يشاهَد في شوارع» الحراك، لافتة إلى أن القصف طال «مسجد أبو بكر الصديق، أكبر مساجد المدينة».

وفي السياق ذاته، قال الناشط محمود السيد من «مجلس الثورة» في درعا، عبر موقع التواصل الاجتماعي «سكايب»، إن «قصفا من الدبابات يستهدف الأبنية السكنية»، موضحا أن «أعدادا هائلة من الأمن والجيش توغلت في المدينة».

من جهتها، أفادت شبكة «شام» الإخبارية بأن الأمن اقتحم بلدة الحراك في درعا من محاورها الأربعة وسط إطلاق نار عشوائي في البلدة، كما قام الجيش بقصف مئذنة جامع أبو بكر الصديق بقذيفة دبابة.

وقال متحدث باسم تنسيقيات حوران إن «هجوما بربريا» يشنه أكثر من أربعة آلاف عنصر من الجيش ومائة حافلة من الأمن يأتي بعد خطف رائد في الجيش السوري، وأضاف أن الجيش الحر انسحب من المنطقة «حفاظا على أرواح المدنيين، ولعدم تكرار ما جرى في حي بابا عمرو لأن النظام لا يفرق بين مدني وعسكري ولا حجر ولا بشر».

وقالت «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» إنها وثقت ظروف مقتل شخصين عذبا حتى الموت بعد يوم من اعتقالهما في مدينة درعا البلد بمحافظة درعا التي شهدت حملة اعتقالات شملت العشرات.

كما اندلعت اشتباكات بين الجيش ومقاتلين من الجيش الحر في أحياء في حماه وريفها وقرب مطار حلب الدولي. وشنت قوات الأمن حملة اعتقالات في مدينة الباب بريف حلب. وأفاد المرصد السوري أن «قوات عسكرية تضم دبابات وناقلات جند مدرعة تحاصر بلدة طيبة الإمام شمال مدينة حماه» لافتا إلى العثور على جثمان الطبيب زين العابدين العيسى بعد اختطافه من عيادته في حي الخالدية بحلب على يد مسلحين مجهولين.

وقالت لجان التنسيق المحلية إن قوات الأمن قامت باحتلال مستشفى الفارابي وتحويله إلى ثكنة عسكرية وتم نشر قناصة على السطح، في حين تعاني المنطقة من حصار خانق ونقص في المواد الطبية والغذائية وقطع مستمر للكهرباء والاتصالات.

وتشهد مدينة إدلب حركة نزوح للأهالي، بعد تهديد الجيش باقتحامها في حال لم ينسحب منها الجيش الحر. وشهدت أحياء الحارة الغربية والحارة الشمالية حركة نزوح، خاصة من الأطفال والنساء وكبار السن، خوفا من اقتحام قوات الأمن تلك الأحياء أو قصفها.

وتحدث المرصد السوري عن اشتباكات دارت بعد منتصف ليل الاثنين - الثلاثاء بين مجموعات منشقة والقوات النظامية السورية في مدن القورية والميادين ودير الزور.

وخرجت مظاهرات في المناطق السورية كافة أمس، وبث الناشطون مقاطع فيديو لمظاهرات في حي قناة السويس في القامشلي، وفي دير الزور، والمعضمية (ريف دمشق)، فيما أفاد المرصد السوري أن قوات الأمن هاجمت مظاهرة كانت قد انطلقت من كلية الآداب بجامعة حلب، وحاصرت عددا من الطلاب واعتقلت آخرين.

في غضون ذلك، بث ناشطون صورا على الإنترنت تظهر خروج مظاهرات مسائية ليل الاثنين - الثلاثاء في أحياء الشاغور وجوبر ومخيم اليرموك بدمشق. وهتف المتظاهرون بسقوط نظام الرئيس بشار الأسد.

كما بث ناشطون صورا تظهر قيام المتظاهرين بقطع أحد الطرق الرئيسية في حي الميدان بدمشق، ردا على اعتقال عدد من المتظاهرين. وبثوا أيضا صورا تظهر خروج مظاهرة مسائية في حي الميسر بحلب، حيث أحرق المتظاهرون صورا للأسد.

وفي اللاذقية خرجت مظاهرة مسائية في حي الطابيات، حيث ردد المتظاهرون هتافات تضامنا مع مدينة حمص والمدن السورية التي تتعرض لحملات أمنية.

في المقابل، قالت وكالة «سانا» إن «مجموعة إرهابية مسلحة سطت ليل الاثنين - الثلاثاء على مبنى فرع الخزن والتسويق في مدينة إدلب وسرقت نحو 100 أسطوانة غاز بعد كسر وخلع أبواب المبنى» لافتة إلى أن «مجموعة إرهابية مسلحة أخرى أحرقت إعدادية البنين في مدينة سلقين بريف إدلب».

وأشارت «سانا» إلى أن «مجموعة إرهابية مسلحة اختطفت رجل أعمال في الحمدانية بحلب»، لافتة إلى أن «الجهات المختصة عثرت على جثة طبيب الجراحة العظمية زين العابدين عيسى، مواليد نبل، 43 عاما، وعليها آثار تعذيب وتنكيل في منطقة على طريق المسلمية - حلب».