الجزائر: جدل حول ضم آلاف العساكر إلى القائمة الانتخابية خارج الآجال القانونية

المعارضة تشتم رائحة «تزوير مسبق» للانتخابات التشريعية

TT

يحتدم صراع قوي في الجزائر بين لجنة مراقبة الانتخابات البرلمانية المنتظرة يوم 10 مايو (أيار) المقبل المتكونة من الأحزاب، ووزارة الداخلية التي تشرف على التنظيم اللوجيستي للاستحقاق. فقد احتجت الهيئة على «إضافة أعداد كبيرة من أفراد الجيش»، إلى القائمة الانتخابية خارج آجال مراجعتها، واعتبرت ذلك «مؤشرا قويا على التزوير».

وعاب محمد طالبي، وهو مسؤول كبير بوزارة الداخلية، على الأحزاب التي تحتج على «التزوير المبكر للانتخابات»، أنها «تبحث عن التعويض المادي» في إطار العضوية بالهيئة التي توكل لها مهمة مراقبة الاقتراع المقبل، وحمايته من التزوير. وقال طالبي للإذاعة الحكومية، أمس، إن قانون الانتخابات «ينص على دعم اللجنة بالوسائل اللوجيستية، ولا يتحدث عن دفع التعويض لأعضائها».

على عكس ذلك، قال محمد صديقي، رئيس «لجنة مراقبة الانتخاب»، للصحافة إن الحكومة «تمارس مقاييس مزدوجة» بخصوص توفير الوسائل والإمكانات، بين «لجنة الإشراف على الانتخاب» المتكونة من 316 قاضيا مهمتهم تلقي شكاوى محتملة متعلقة بتزوير محتمل لأصوات الناخبين، «ولجنة المراقبة» التي تتكون من أحزاب غالبيتها معارض للسلطة. واتهم صديقي المنتمي لحزب «عهد 45» المعارض، الحكومة بـ«عرقلة عمل اللجنة لمنعها من مواجهة التزوير الذي يجري التحضير له».

وأخذ الصراع بين الطرفين أبعادا أخرى، فقد أعلنت لجنة الأحزاب صراحة بأنها «تشتم رائحة التزوير»، بضم 30 ألف عسكري إلى القائمة الانتخابية خارج الآجال القانونية لمراجعة القائمة، والتي انتهت في 21 فبراير (شباط) الماضي. وذكر محمد حديبي، القيادي في حزب النهضة الإسلامي، لـ«الشرق الأوسط»: «لدينا معلومات مؤكدة مفادها أن الآلاف من أفراد الجيش تمت إضافتهم إلى القائمة الانتخابية العامة، في الولايات التي توجد فيها الثكنات التي يشتغلون بها»، في إشارة إلى ثكنات تقع بجنوب البلاد. وأضاف حديبي «هؤلاء العساكر لم يتم شطبهم من مقار البلديات التي ولدوا فيها أو التي يقيمون بها، ونخشى بجد أن تستعمل أصواتهم للانتخاب بدلا عنهم في مقار إقامتهم أو مكان ولادتهم، بمعنى أن كل فرد منهم سينتخب مرتين. ولنا كل الحق في الاعتقاد بأن الأصوات ستذهب لصالح أحزاب السلطة»، في إشارة إلى حزب «جبهة التحرير الوطني» الذي يملك الأغلبية ويقوده وزير الدولة عبد العزيز بلخادم، و«التجمع الوطني الديمقراطي» الذي يرأسه الوزير الأول أحمد أويحيى.

ورد محمد طالبي عن طريق الإذاعة على اتهامات المعارضة بقوله إن القانون يعطي أجلا إضافيا بعد انتهاء المدة الزمنية لمراجعة القائمة الانتخابية، مشيرا إلى أن العساكر تمت إضافتهم «على سبيل استدراك تأخر». أما عن ضمهم بصفة جماعية، فقال «العساكر يشتغلون كمجموعات كبيرة في مواقع واحدة، فطبيعي أن يتم تسجيلهم جماعيا بالقائمة». ونفى طالبي قطعيا وجود نية في التلاعب بأصوات الناخبين، مشيرا إلى أن الحكومة «وفرت كل الضمانات القانونية لإجراء اقتراع تعددي نظيف، وأهم هذه الضمانات أن عددا كبيرا من المراقبين الأجانب سيتابعون سير العملية الانتخابية».

وتقول المعارضة عشية كل موعد انتخابي، إن السلطة تستخدم «الكتلة العسكرية الناخبة»، التي يبلغ تعدادها مليوني عسكري، لتوجيه أصواتها إلى الحزب أو المرشح الذي يريده النظام أن يفوز. وبحكم طبيعة الانضباط والصرامة والانصياع إلى الأوامر، التي يتميز بها أفراد الجيش، فهم ينتخبون بصوت واحد في الغالب، بحسب مآخذ أحزاب المعارضة.