انقسامات في المجتمع الدولي حول سبل التدخل في سوريا

أغلبها يميل لاستبعاد تكرار السيناريو الليبي

الإعلان عن تشكيل كتيبة عمر المختار تابعة للجيش السوري الحر بقيادة الملازم أول ياسر الحسين في حمص
TT

دفع ازدياد وتيرة العنف وازدياد عدد القتلى خلال عام من أحداث الثورة السورية التي اندلعت في مارس (آذار) من العام الماضي، إلى مطالبة البعض بضرورة التدخل لوضع حد لنزف الدم، لكن مواقف الدول والمنظمات الدولية والإقليمية تباينت حول تأييد التدخل العسكري الصريح، وتسليح الجيش السوري الحر، وبين فرض عقوبات اقتصادية وتأمين ممرات لإدخال مساعدات إنسانية.

وتجد الولايات المتحدة نفسها في مأزق داخلي أمام طرح الخيار العسكري ضد سوريا، حيث يؤيد الجمهوريون؛ ومن أبرزهم السناتور جون ماكين، الخيار العسكري. ودعا ماكين إلى ضرورة توجيه ضربات جوية ضد نظام الرئيس بشار الأسد لإجباره على التنحي، فيما أكد السناتور الجمهوري ليندسي غراهام على أهمية تسليح الثوار في سوريا.

واستبعدت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون خيار التدخل العسكري على غرار التجربة الليبية، وهو ما أكدته تصريحات رئيس أركان الجيش الأميركي الجنرال مارتن ديمبسي، التي استبعد فيها التدخل العسكري لوقف الآلة العسكرية السورية.

وحول تسليح المعارضة السورية، قالت كلينتون: «نحن لا نعلم، في الحقيقة، ما الجهة التي سنسلحها». أما في فرنسا، التي قادت حملة دولية بقيادة رئيسها نيكولا ساركوزي لإقناع العالم بضرورة التدخل العسكري في ليبيا، فقد استبعد وزير خارجيتها، ألان جوبيه، فرضية التدخل العسكري في سوريا، مفضلا التدخل الإنساني وتوفير «ممرات إنسانية آمنة» لمساعدة المنكوبين.

ولم يختلف الموقف البريطاني كثيرا عن موقف باريس، فقد أكد وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ على أن التدخل العسكري في سوريا خيار غير محتمل لعدم وجود قرار من الأمم المتحدة وكذلك بسبب وقوعها في منطقة مضطربة، مؤكدا أن «بريطانيا تقوم، جنبا إلى جنب مع المجتمع الدولي، بتشديد الخناق دبلوماسيا واقتصاديا على دمشق». وحذرت ألمانيا على لسان وزير خارجيتها، غيدو فيسترفيلي، من التدخل العسكري في سوريا.

وعبرت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، كاثرين آشتون، عن مواقف الاتحاد الأوروبي الرافض للتدخل المباشر، حيث استبعدت تكرار السيناريو الليبي. واكتفى الاتحاد الأوروبي بتشديده العقوبات الاقتصادية على دمشق التي تضمنت تجميد أرصدة البنك المركزي السوري، وفرض حظر على استيراد المعادن الثمينة، ووقف حركة الطيران مع سوريا وتجميد أرصدة الأسد، وفرض حظر على تصدير الأسلحة والمعدات، كما فرضت عقوبات بحق 13 مسؤولا سوريا.

أما عن موقف الناتو، فقد أكد أمينه العام، آندريه فوغ راسموسن أنه ليست هناك أي نية للناتو للتدخل في سوريا أو حتى تسليح الثوار، في الوقت الذي صرح فيه القائد العسكري لحلف (الناتو) جيمس ستافريديس، في 1 مارس (آذار) الحالي بأن تسليح المعارضة السورية وتزويدها بأنظمة اتصالات ومعلومات استخباراتية تكتيكية يمكن أن يؤدي إلى الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد.

أما عن الجانب العربي والإقليمي، فتعد المملكة العربية السعودية وقطر من أكثر الدول العربية ترحيبا بالتدخل العسكري المباشر في سوريا وعدم الاكتفاء بالدعم الإنساني والعقوبات الاقتصادية فقط؛ فقد أعلن الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي، أن الحل الوحيد للأزمة هو نقل السلطة «إما طوعا أو كرها». وكذلك أيدت قطر ودول الخليج تمويل وتدريب المعارضة وتسليح الجيش السوري الحر.

وقال وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، في مؤتمر «أصدقاء سوريا» الذي عقد في تونس قبل أسبوعين: «نتطلع لوقف العنف؛ ولا يكون ذلك إلا بتشكيل قوة عربية دولية لحفظ الأمن وفتح ممرات إنسانية آمنة لإيصال المساعدات إلى سوريا وتنفيذ قرارات الجامعة العربية التي تم اعتمادها بتاريخ 22 يناير (كانون الثاني)».

وأعلنت تونس والدول المغاربية تمسكها بالحل السلمي للأزمة السورية ورفض تسليح المعارضة والتدخل العسكري الأجنبي في سوريا لأنه قد يؤدي إلى حرب أهلية، نظرا للتركيبة العرقية والطائفية في سوريا.

وأكد وزير الخارجية المصري، محمد كامل عمرو، رفض القاهرة لأي تدخل أجنبي في الشأن السوري تحت أي اسم. وكذلك يرفض الأردن الخيار العسكري، بل ويطالب باستثنائه من العقوبات الاقتصادية التي فرضت على سوريا.

واستبعدت تركيا الخيار العسكري لحل الأزمة، مشددة على عدم مشاركة تركيا في حلف الناتو في حال توجيه ضربة عسكرية إلى سوريا، رغم أن تركيا استضافت مؤتمرات للمعارضة وتفتح أراضيها للاجئين السوريين.

أما الجامعة العربية، فقد قال أمينها العام، نبيل العربي، في يناير الماضي إن «استخدام القوة ضد سوريا ليس واردا».

* وحدة أبحاث «الشرق الأوسط»