مقتل وإصابة 8 أشخاص في قصف جوي تتهم جنوب السودان سلاح الجو السوداني بأنه نفذه في داخل حدودها

استئناف المفاوضات بين الخرطوم وجوبا بأديس أبابا في أجواء من التوتر

TT

جددت دولة جنوب السودان اتهاماتها ضد الحكومة السودانية بقصف مواقع داخل الدولة مما أدى إلى مقتل عدد من جنود الجيش الشعبي ومواطنين في ولاية الوحدة الغنية بالنفط، في وقت طالب فيه مجلس الأمن الدولي دولتي السودان وجنوب السودان بوقف الأعمال العدائية والهجمات في المناطق الحدودية بينهما، فيما بدأ وفدا البلدين مفاوضات بينهما في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا برعاية الاتحاد الأفريقي أمس.

وقال فيليب اقوير المتحدث الرسمي باسم جيش جنوب السودان لـ«الشرق الأوسط» إن القوات المسلحة السودانية ما زالت مستمرة في الاعتداء على دولة جنوب السودان. وأضاف أن يوم أمس شهد قصفا جويا من قبل سلاح الجو السوداني على مواقع في ولاية الوحدة الغنية بالنفط أدى إلى مقتل جنديين وإصابة ثلاثة آخرين في بلدة (جاو)، مشيرا إلى أن الاعتداءات تتم من على الجو وتحريك القوات على الأرض. وقال إن الخرطوم حركت ميليشيا الدفاع الشعبي التي تقاتل إلى جانب القوات المسلحة تحت اسم الجهاد من مدينة (كوستي) ووصلت بلدة الخرصانة الحدودية. وأضاف أن هذه القوات تستهدف مناطق النفط لتدميرها أو احتلالها. وتابع «نحن جاهزون وسنلقن الخرطوم درسا لن ينسوه أبدا».

من جانبه قال تعبان دينق حاكم ولاية الوحدة لـ«الشرق الأوسط» أمس إن القصف الذي قامت به القوات المسلحة السودانية أدى إلى مقتل اثنين وجرح (6) آخرين في منطقة (جاو). وأضاف أن جيش دولة جنوب السودان يحرس حدود البلاد وسيرد على أي هجوم أرضي من قبل قوات دولة السودان. وتابع «سندحر قوات طغمة المؤتمر الوطني الحاكمة في الخرطوم وستكون عواقب ذلك وخيمة».

إلى ذلك طالبت الدول الـ(15) الأعضاء في مجلس الأمن الدولي السلطات السودانية بالسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، اللتين تقعان على الحدود مع جنوب السودان وتشهدان مواجهات عسكرية بين القوات السودانية الحكومية وثوار الجيش الشعبي في شمال السودان، وأعرب مارك ليال غرانت سفير بريطانيا لدى الأمم المتحدة في بيان عن قلق المجلس العميق إزاء التوتر المتزايد بين البلدين، داعيا الطرفين إلى وقف العمليات العسكرية في الحدود بينهما.

من جهة أخرى بدأت أمس في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا المفاوضات بين دولتي السودان وجنوب السودان حول القضايا العالقة وأهمها عبور النفط الجنوبي إلى التصدير عبر خطوط الأنابيب في دولة الشمال، ولا يتوقع أن يتوصل الطرفان إلى اتفاق بسبب مواقفهما المتباعدة والتوترات الحدودية بينهما إلى جانب تمسك كل طرف بموقفه السابق الذي أدى إلى فشل المحادثات.

وقال باقان أموم كبير مفاوضي جنوب السودان في تصريحات صحافية بمقر الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا «لا أعتقد أنه حدث أي تطور إيجابي». منذ جولة المفاوضات السابقة غير المثمرة التي عقدت في يناير (كانون الثاني) الماضي.

وتتعلق المفاوضات الجديدة بتقاسم عائدات النفط وترسيم الحدود وتحديد الجنسية وغيرها. وستستمر حتى السادس عشر من مارس (آذار) بوساطة من رئيس جنوب أفريقيا السابق ثابو مبيكي. ومنذ استقلال جنوب السودان عن الخرطوم في يوليو (تموز) الماضي لا ينفك التوتر يتزايد بين الطرفين اللذين يتهم كل منهما الآخر بدعم حركات تمرد في الجهة الأخرى من الحدود.

وإثر انفصال جنوب السودان عن الشمال بموجب اتفاق السلام الموقع في 2005 والذي أنهى حربا أهلية استمرت عقودا، باتت الدولة الوليدة تنتج ثلاثة أرباع إجمالي ما كان ينتجه السودان قبل الانفصال (نحو 350 ألف برميل يوميا). لكن جوبا لا تزال تعتمد على الشمال لتصدير هذا النفط، ويدور الخلاف حاليا بين الطرفين على الرسوم المتوجب على الجنوب دفعها للشمال مقابل السماح له بتصدير ذهبه الأسود.

من جهته قال وزير النفط في دولة جنوب السودان استيفن ديو داو لـ«الشرق الأوسط» إن وفد بلاده وصل أديس أبابا للتفاوض رغم التوترات بين البلدين. وأضاف «لن ننسحب من المفاوضات التي يرعاها الاتحاد الأفريقي مهما كانت الظروف ولكننا سنناقش كافة القضايا العالقة في ترسيم الحدود، منطقة أبيي، الجنسية ومواطني البلدين الموجودين في السودان وجنوب السودان والنفط»، مشددا على أن حكومته لن تبادر بوضع سابقة عالمية في صناعة النفط في رسوم عبور النفط بالاتفاق مع ما تقوله الخرطوم من مطالب، وقال إن التجارب العالمية واضحة في مثل هذه الأمور. وتابع «أقصى ما يمكن أن نتفق عليه أن ندفع سبعة دولارات تشمل العبور، والمعالجة، والنقل والمناولة في الميناء».

واعتبر داو أن خطوة تصدير نفط بلاده عبر ميناء لامو الكيني لا رجعة فيها حتى وإن توصلت جوبا إلى اتفاق مع الخرطوم، وقد تم تدشين العمل فيه الأسبوع الماضي بمشاركة رئيسي جنوب السودان سلفا كير ميارديت، والكيني مواي كيباكي ورئيس الوزراء الإثيوبي ملس زناوي، وقال إن الحكومة السودانية رأت أن تقوم بقصف آبار النفط لممارسة التهديد ضد جنوب السودان. وأضاف «هذه محاولة يائسة لن تفيد الخرطوم وسيكون لذلك ما بعده»، مشيرا إلى أن إنهاء العمل في ميناء لامو لم يحدد. وقال «حتى لو استمر العمل لثلاث سنوات نحن جاهزون لكل هذه الفترة ولا رجعة عن هذا القرار لأنه ليس تكتيكيا والخطأ الاستراتيجي كان اعتمادنا على ميناء دولة الشمال ولقد استفدنا من ذلك الخطأ».