الفقيه الدستوري نور فرحات يطالب المجلس العسكري بحسم الخلاف حول «تأسيسية الدستور»

قال لـ «الشرق الأوسط» إن هيمنة التيار الإسلامي على تشكيل الجمعية ستحدث قلاقل في المجتمع

TT

بينما هددت جماعة الإخوان لمسلمين باستخدام أغلبيتها البرلمانية لحسم الخلاف حول تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور المصري الجديد، قال الدكتور محمد نور فرحات الفقيه الدستوري، الأمين العام السابق للمجلس الاستشاري المصري، إن «هذه الخلافات تعكس صراع القوى السياسية حول من تكون له الغلبة في هذه الجمعية، المنوط بها تأسيس أول دستور في البلاد بعد ثورة 25 يناير، التي أطاحت بالرئيس المصري السابق حسني مبارك».

وأوضح فرحات في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» أن «الإسلاميين يقترحون أن تشكل غالبية الجمعية من البرلمان، في حين أن القوى والأحزاب المدنية تسوق حججا قانونية وسياسية لعدم تمثيل أعضاء البرلمان في الجمعية أو على الأقل يمثلون بنسب قليلة.. وهذا الخلاف مظهره قانوني وحقيقته سياسية».

وتوقع فرحات أنه «إذا نجح التيار الإسلام السياسي في فرض آرائه ووجهة نظره منذ البداية بحيث تكون له الأغلبية في جمعية وضع الدستور، سيكون لذلك انعكاسات سياسية كبيرة في الشارع المصري، تتمثل في عدم الاستقرار، والدخول في مرحلة من القلاقل السياسية»، متمنيا أن «يقوم المجلس الأعلى للقوات المسلحة (الذي يدير شؤون البلاد)، بما له من سلطات دستورية بغلق هذا الخلاف، بطريقته وهو أن يصدر إعلانا دستوريا يحدد فيه شكل الجمعية»، وقال: «هذا ما وعد به فيما قبل، لكن يبدو أن حسابات القوى السياسة لم تمكنه من الوفاء بوعده».

ومنذ انعقاد البرلمان بمجلسيه في جلسة مشتركة السبت الماضي لبحث تشكيل اللجنة، برزت عدة خلافات حول شكل اللجنة وكيفية اختيار أعضائها، حيث اقترح حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، تشكيل الجمعية بنسبة 40 في المائة داخل البرلمان، منهم 28 عضوا من مجلس الشعب و12 من مجلس الشورى، أما الـ60 في المائة فتكون من خارجه، في حين دعا حزب النور السلفي إلى اختيارها من 60 في المائة من داخل البرلمان، و40 في المائة من خارجه، وقال حزب «الجماعة الإسلامية» إنه يجب تشكيلها بنسبة 70 في المائة من الداخل.

وفي المقابل، دعت أحزاب وقوى ليبرالية ومستقلون إلى أن تكون أغلبية أعضاء اللجنة من خارج البرلمان، وأن يمثل فيها الأقباط والمرأة والشباب بشكل واضح وفاعل، حيث تتخوف هذه القوى من أن تنعكس سيطرة تيارات الإسلام السياسي الواضحة في البرلمان على شكل الجمعية وأعضائها، ومن ثم كتابة الدستور فيما بعد، وأن ينفرد هذا التيار، وعلى رأسه «الإخوان»، بالكلمة الفصل حين يتخذ أي قرار عن طريق التصويت بدلا من «التوافق الوطني».

وبينما تمسّك كل حزب بما طرحه حتى الآن، مصرا على رؤيته لتشكيل الجمعية، هدد حزب الحرية والعدالة، الذي تصل نسبة مقاعده في مجلس الشعب لـ43 في المائة، فيما تتجاوز الـ60 في المائة في مجلس الشورى، باستخدام أغلبيته البرلمانية لحسم هذا الخلاف، ودون التحالف مع أي قوى سياسية أخرى.

وقال المهندس سعد الحسيني، العضو عن حزب الحرية والعدالة، رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس الشعب لـ«الشرق الأوسط»: «بالتأكيد كل قرارات المجلس تؤخذ عن طريق التصويت، سواء حدثت تفاهمات أو فشلنا في الوصول إلى قرار.. وإلا كيف سيتخذ القرار»، مشيرا إلى «أن هناك حوارات متواصلة ومستمرة مع كل الأحزاب والقوى، والتخوفات تكون عندما لا تكون هناك مشاورات أو مناقشات، لكن عندما توجد المناقشات ونفشل في الوصول لحول وسط ويتم الحسم عن طريق التصويت أيا كانت النتيجة».

وتنتهي اليوم (الخميس) المهلة التي أعلنتها الأمانة العامة بمجلسي الشعب والشورى (البرلمان المصري)، والتي دعت فيها جميع الأحزاب والقوى السياسية والهيئات الحكومية والخاصة والأفراد والنقابات والاتحادات الرسمية وغير الرسمية، إلى تقديم مقترحاتهم الخاصة بتشكيل الجمعية التأسيسية.

ووفقا للمادة 60 من الإعلان الدستوري الصادر في مارس (آذار) الماضي، يتولى الأعضاء غير المعينين في مجلسي الشعب والشورى انتخاب جمعية تأسيسية من مائة عضو لوضع مشروع الدستور الجديد.

وقالت اللجنة إنه من حق أي مواطن التقدم بأي مقترحات يراها في موعد أقصاه الثالثة من عصر اليوم (الخميس)، غير أنها لم تتلقّ حتى الآن أي مقترح من المواطنين، واقتصرت المقترحات المقدمة التي وصلت لنحو مائة مقترح على أعضاء مجلسي الشعب والشورى وبعض الأحزاب.

ويدور حول الدستور الجديد نقط خلافية رئيسية تتعلق بتحديد نظام الدولة، وهل هو رئاسي أو برلماني أم نظام مختلط يجمع بين الاثنين، كما تبرز سلطات رئيس الجمهورية كإحدى النقاط المهمة التي تعتزم الجمعية التأسيسية بحثها بشكل يتم فيه تقليصها، إضافة إلى صلاحيات المؤسسة العسكرية (الجيش)، ومسألة تطبيق الشريعة الإسلامية.