واشنطن تبحث عن شريك يعتمد عليه في مصر الجديدة

ما بعد أزمة جمعيات دعم الديمقراطية

TT

يشير مسؤولون أميركيون إلى أن النهاية التي تم التوصل إليها عن طريق التفاوض لأزمة شملت عاملين في جماعات داعمة للديمقراطية قد سلطت الضوء على قضية ما زالت تقف كحجر عثرة في طريق العلاقات المصرية - الأميركية، ألا وهي غياب شريك موثوق به في أعقاب الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك.

«تتمثل إحدى مشكلاتنا في أنه ليس لدينا حكومة مصرية نتحاور معها»، هذا ما قالته وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون في شهادة أدلت بها مؤخرا أمام الكونغرس، في خضم جهود دبلوماسية انتهت الأسبوع الماضي عندما تم ترحيل أميركيين من مصر كانوا يخضعون لتحقيق جنائي، وأضافت قائلة: «وأظل أذكر نفسي بذلك، نظرا لأنه موقف محير لجميع اللاعبين السياسيين على اختلاف فئاتهم».

الآن، يتولى جنرالات مصريون كبار السن كانوا في الخدمة في عهد مبارك إدارة شؤون الدولة، التي تعتبر أشهر دول العالم العربي، وكان سياسيون محتفظون بمناصبهم منذ عهد مبارك، من بينهم فايزة أبو النجا، وزيرة التخطيط والتعاون الدولي، هم من تزعموا حملة توجيه الاتهامات ضد المنظمات غير الحكومية.

ويأمل مسؤولون أميركيون في أن يتغير اللاعبون بعد انتخاب المصريين رئيسا جديدا هذا الصيف. غير أنهم يدركون أيضا أنهم سوف يتعاملون مع مراكز قوى مختلفة وغير معروفة، ويقولون: إن هدفهم الرئيسي ينبغي أن يتمثل في بناء وترسيخ علاقة مع القادة الجدد في مصر، في الوقت الذي تخوض فيه الدولة عملية تحول مضنية إلى الديمقراطية التي يأملها كثيرون.

وألقى سام لحود، مدير المعهد الجمهوري الدولي في القاهرة وأشهر أميركي من بين من تم ترحيلهم من مصر الأسبوع الماضي، اللوم في فضيحة التمويل الأجنبي على أذيال نظام مبارك.

«الحقيقة هي أنه سيتعين على مصر رسم خريطتها الخاصة بشأن علاقتها المستقبلية بالولايات المتحدة»، هكذا قال في مقابلة أجريت معه يوم الاثنين الماضي.

بصور عدة، لم تؤد الاتهامات التي مفادها أن الحكومة المصرية استهدفت العاملين بالجماعات الداعمة للديمقراطية والطريقة التي حلت بها الأزمة سوى إلى تأصيل المشاعر العدائية بين كثير من المصريين تجاه الولايات المتحدة، والتي كان ينظر إليها في مصر بوصفها نصير مبارك، حتى فترة قريبة قبل الإطاحة به العام الماضي.

وفي ظل وجود برلمان منتخب حديثا يسيطر عليه الإسلاميون، يشير مسؤولون أميركيون إلى قلقهم من دخول العملية الانتقالية مرحلة جديدة حرجة خلال الشهرين المقبلين، مع صياغة أول دستور لمصر ما بعد الثورة، والذي سيعقبه إجراء الانتخابات الرئاسية. ويشير البعض إلى خوفهم من أن يؤدي غضب مجلس الشيوخ والنواب الأميركيين من أسلوب تعامل مصر مع الجماعات المؤيدة للديمقراطية إلى تعقيد مسار المرحلة التالية.

وقال جيفري فيلتمان، مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، في مقابلة: «بسبب التركيز على قضية المنظمات غير الحكومية، فقد ضاعت الرسالة الأساسية، ألا وهي أننا منبهرون بما يحاول أفراد الشعب المصري تحقيقه، وأننا ندعم بشكل كامل جهودهم الرامية لإرساء نظام ديمقراطي»، وأضاف: «نحن لا نرغب في أن نكون شركاء معهم على المدى الطويل. الآن، بات لزاما علينا أن نخصص وقتا أطول للحديث، على سبيل المثال، إلى أعضاء الكونغرس من أجل تذكيرهم بمصالحنا طويلة الأجل في مصر والمزايا بعيدة المدى التي نرى أن كلتا الدولتين تتمتع بها».

وقال مايكل وحيد حنا، خبير مصري بمؤسسة «سنتشري فاونديشن»: «إن موجة الغضب التي تجتاح مصر تجاه الولايات المتحدة بعد عام من الحملات الإعلامية المدعومة من الحكومة لتأصيل فكرة الذعر من الأجانب ليست بالأمر الذي يمكن القضاء عليه بسهولة، فضلا عن أن الطريقة التي تم من خلالها رفع حظر السفر قد أثارت موجة غضب شعبي عارمة». وقال حنا: «الرأي العام يشكل أهمية بطريقة لم يمثلها مطلقا في ظل حكم مبارك الاستبدادي».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»