انشقاق معاون وزير النفط السوري عبدو حسام الدين

المجلس الوطني يتوقع انشقاقات أخرى على مستوى الوزراء

صورة مأخوذة من موقع أوغاريت الإلكتروني لمحتجين سوريين ينددون بقمع الأسد في حي المزة بدمشق أمس
TT

أعلن عبدو حسام الدين معاون وزير النفط السوري، يوم أمس الخميس، انشقاقه عن نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانضمامه إلى «ثورة الشعب السوري الأبي» مؤكدا استقالته من منصبيه معاونا لوزير النفط وعضوا في المؤتمر القطري لحزب البعث العربي الاشتراكي، وهو أكبر موظف ينشق من موظفي الإدارة السورية و«حزب البعث».

وفيما أبلغ مصدر في المعارضة السورية «الشرق الأوسط» أن حسام الدين «أصبح في مكان آمن خارج سوريا»، قال حسام الدين في شريط فيديو حُمّل على موقع «يوتيوب»: «الشعب لن يقبل الضير مع كل هذه الوحشية التي يمارسها النظام ومن يواليه لقمع مطالب الشعب في نيل حريته وكرامته. وأقول لهذا النظام الذي ادعى أنه يملك الأرض. لا تملك إلا موطئ الدبابة التي تحركها وحشيتك بقتل الأبرياء والتي قطعت أوصالها بحواجز الرعب بدلا أن تكون حواجز الأمن والأمان للمواطن وألبست من ادعيت أنه شعبك عاما كاملا من الأسى والحزن وقطعت عنه أبسط مقومات الحياة والإنسانية وأحلت البلاد إلى شفير الهاوية بتعنتك وتكبرك وانفصالك عن الواقع».

ووجه حسام الدين الذي يبلغ من العمر نحو 58 عاما، وهو متزوج وله أربعة أولاد، رسالة إلى زملائه في العمل الحكومي قائلا «قضيت في السلك الحكومي 33 عاما تقلدت فيها العديد من المناصب ولا أريد أن أنهي حياتي الوظيفية في خدمة جرائم هذا النظام لذلك آثرت أن أنضم إلى صوت الحق مع علمي بأن هذا النظام سوف يحرق بيتي ويلاحق أسرتي ويلفق الكثير من الأكاذيب».

ودعا أفراد الطائفة العلوية للتخلي عن النظام قائلا لهم «الشعب حاضنتكم والنظام زائل لا محالة، فلا تكونوا شركاء في قتل شعبكم»، كما نصح في نهاية بيانه جميع زملائه وكل «من لا يزال يسكت عن جرائم هذا النظام»، «بأن يتخلى عن هذا المركب الهالك الذي أوشك على الغرق فدماء الشهداء لن تغفر لمن استمر في التواطؤ معه بذريعة أنه موظف أو ينفذ الأوامر».

ويعد هذا الانشقاق الأول من نوعه لمسؤول رفيع بمستوى معاون وزير، بحيث يُحكم نظام الرئيس بشار الأسد قبضته الأمنية على مؤسسات الدولة وإداراتها العامة خوفا من حدوث انشقاقات ضده. وكان عبدو حسام الدين الذي يحمل إجازة في الهندسة البترولية من جامعة البعث كلية الهندسة الكيميائية والبترولية قد تنقل بين العديد من المناصب الحكومية. إذ عمل في الشركة السورية للنفط في حقول الحسكة (رميلان) ليتدرج لاحقا في وظيفته ويصبح رئيسا لقسم دراسات الحفر. وفي دمشق عمل في مديرية الغاز وشركة عقود الخدمة، وتسلّم لاحقا إدارة دائرة حكومية تختص بعمل شركات أجنبية للتنقيب عن النفط فنيا وماليا وعقديا، ثم كان رئيس قسم العمليات لمتابعة عمل شركات التنقيب عن النفط في سوريا. هذا وتسلّم إدارة المشتريات والعقود في شركة دير الزور للنفط، وانتقل بعدها إلى شركة الفرات للنفط حيث تدرج من معاون مدير مشتريات إلى مدير عمليات في الشركة ثم رئيس مجلس إدارة وعضو منتدب في شركة الفرات.

وقبل أن يتم تكليفه بمهام مدير عام المؤسسة العامة لتكرير النفط وتوزيع المشتقات النفطية التي ترتبط بها كل من شركتي مصفاة حمص وبانياس، فيعفى منه، ويصدر مرسوما بتعيينه معاونا لوزير النفط، عمل حسام الدين مستشارا في وزارة النفط والثروة المعدنية وعضو مجلس إدارة المؤسسة العامة للجيولوجيا. وفي نهاية عام 2007 تمت تسميته رئيس مجلس إدارة في الشركة السورية لتوزيع الغاز إضافة إلى كونه مستشارا لوزير النفط والثروة المعدنية ومتابعا لمشاريع المصافي الجديدة والتوازن المادي والاقتصادي لتكرير النفط في المصافي الحالية والعلاقات مع الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي في مجال الطاقة.

وفي الوقت الذي رحب فيه رئيس «المجلس الوطني السوري» برهان غليون باستقالة معاون وزير النفط عبدو حسام الدين، متوقعا «أن تكون هناك شخصيات أخرى سياسية وإدارية ستنشق عن النظام الذي يدخل الآن في مرحلة تفكك حقيقية بسبب الاستخدام غير الإنساني والوحشي للعنف ضد المواطنين»، استبعد غليون «أن يكون هناك مواطن سوري أو مسؤول سوري له ضمير يستطيع أن يستمر ويقبل أن يخدم في إطار هذا النظام»، معتبرا أنه «ليس هناك سياسة في سوريا»، وأن جميع المسؤولين «إداريون».

بدوره، أشار رضوان زيادة مدير مكتب العلاقات الخارجية في المجلس الوطني المعارض إلى أن «تفكك النظام وانشقاق العاملين فيه أفضل من خيار التدخل الخارجي»، لافتا إلى أن هذا انشقاق حسام الدين «يؤشر إلى تفكك وانهيار النظام السوري، ويؤكد احتمال حدوث انشقاقات على مستوى الوزراء والرتب الأمنية في الجيش».

يُذكر أنه في بدايات شهر يناير (كانون الثاني) من العام الجاري، أعلن المفتّش الأوّل بالجهاز المركزي للرقابة المالية التابع لرئاسة الوزراء السورية والمفتش المالي في وزارة الدفاع محمود سليمان الحاج حمد الترن انشقاقه عن النظام السوري، كاشفا معلومات مهمة تتعلق بمليارات الليرات السورية التي تصرف لتمويل الشبيحة سواء لقمع المتظاهرين أو لممارسة التشبيح الإعلامي متحدثا بشكل خاص عن أسماء سياسيين لبنانيين يتلقون أموالا لهذا الغرض؛ على حساب ميزانية وزارة الدفاع.

ويذكر أن حسام الدين سمعته نظيفة وعرف عنه مهنيته والتزامه بالعمل الوظيفي، كما أنه محبوب بشكل عام. وهو مهندس وكان مسؤولا كمعاون وزير عن الغاز والمصافي في البلاد، بينما معاون الوزير الآخر حسن زينب مسؤول عن النفط. وخلال الفترة الماضية همش نسبيا داخل الوزارة.

وهو متزوج ولديه عائلة ولكن لم يتسن معرفة ما إذا كانت عائلته قد هربت من سوريا مع انشقاقه.