مصادر غربية: أوباما عرض على نتنياهو «قنابل ذكية» مقابل تأجيل ضربة إيران إلى 2013

البيت الأبيض ينفي.. وخامنئي يشيد بتصريحات الرئيس الأميركي بشأن الدعوة للحوار لحل قضية الملف النووي

TT

قالت مصادر غربية، أمس، إن الولايات المتحدة عرضت على إسرائيل أسلحة متطورة، بينها «القنابل الذكية» القادرة على اختراق الخنادق تحت الأرض، مقابل التزام الدولة العبرية بعدم ضرب المنشآت النووية الإيرانية هذا العام، لكن البيت الأبيض نفى هذه الرواية. ورحب الزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي بتصريحات الرئيس الأميركي باراك أوباما الأخيرة، والتي دعا فيها إلى حل أزمة الملف النووي الإيراني عبر الحوار.

وفي الوقت الذي يصر فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على توجيه ضربة عسكرية إسرائيلية إلى إيران، نشرت نتائج استطلاع رأي جديد في تل أبيب يستدل منها على أن غالبية ساحقة بنسبة 58 في المائة من الإسرائيليين تعارض توجيه ضربة كهذه. ومع ذلك فإن هذه الغالبية تريد أن يظل نتنياهو في الحكم، وتركن إليه في قيادة المعركة مع وزير دفاعه، إيهود باراك.

ونقلت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية عن دبلوماسيين غربيين لم تكشف عن أسمائهم، وكذلك عن مصادر استخباراتية، أن الإدارة الأميركية عرضت خلال زيارة نتنياهو إلى واشنطن تزويد إسرائيل بقنابل مضادة للتحصينات وطائرات تزويد بالوقود بعيدة المدى. وفي المقابل تتعهد إسرائيل بتأجيل هجومها المحتمل على إيران إلى عام 2013 بعد انتهاء الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

وخرجت «معاريف» أمس بعنوان صارخ، تقول فيه إن نتنياهو رضخ لإرادة الرئيس الأميركي، باراك أوباما، ووافق على ألا يوجه ضربة لإيران في السنة الحالية، وينتظر حتى ما بعد الانتخابات الأميركية في السنة المقبلة، بشرط أن تقدم الولايات المتحدة له «القنابل الذكية» القادرة على اختراق الخنادق تحت الأرض، التي يحاول الإيرانيون إخفاء مفاعلاتهم النووية فيها، وتزويد الطائرات الإسرائيلية المقاتلة بالوقود في الجو وهي عائدة من قصف المفاعل الإيراني.

وقالت الصحيفة إن أوباما أوضح لنتنياهو أنه لن يزوده بهذين الطلبين، إذا أصر على توجيه الضربة لإيران. وقال له خلال لقائهما في البيت الأبيض، الاثنين الماضي، إنه يريد استنفاد الجهود الدبلوماسية لوقف المشروع النووي الإيراني. وبدلا من إعطائه ضوءا أخضر لتوجيه الضربة، أعطاه ضوءا أصفر أقرب إلى الضوء الأحمر لمنعه من تنفيذها، حيث قال له إن هذه الجهود تسير في الاتجاه الصحيح، وإن الحرب ليست بهذه السهولة وثمنها باهظ جدا، ينبغي على شعوبنا أن تعرفه جيدا قبل أن نقدم عليها.

من جهته، قال البيت الأبيض أمس إن أوباما ونتنياهو لم يناقشا في اجتماعاتهما هذا الأسبوع طلبا إسرائيليا للحصول على تكنولوجيا عسكرية يمكن استخدامها ضد إيران. وقال جاي كارني، المتحدث باسم البيت الأبيض، للصحافيين «خلال الاجتماعات التي أجراها الرئيس لم يتم اقتراح أو التوصل إلى اتفاق بهذا الشأن».

وفي إسرائيل، يبدو أن الجمهور الإسرائيلي الذي تابع اللقاءات الماراثونية التي أجراها كبار المسؤولين الإسرائيليين مع الرئيس أوباما ومساعديه خلال الأسابيع الماضية لم يقتنع بالخطابات الرنانة لرئيس حكومته، واقتنع أكثر بالموقف الأميركي. وقد انعكس ذلك في استطلاع رأي أبدى فيه الإسرائيليون تمسكهم بنتنياهو رئيسا للحكومة ومنحوا حزبه (الليكود) 37 مقعدا في البرلمان (يوجد له اليوم 27 مقعدا)، لكنهم رفضوا بشكل واضح وقاطع موقفه السياسي وتوجهه إلى الحرب. وأبدى 58 في المائة منهم معارضتهم الشديدة لتوجيه ضربة عسكرية إلى إيران. وتثير نتائج هذا الاستطلاع غرابة في إسرائيل، حيث إن الإسرائيليين يؤيدون نتنياهو ويعارضون سياسته، وفي الوقت نفسه يؤيدون سياسة المعارضة، بقيادة تسيبي ليفني، لكنهم لا يريدون أن يروها رئيسة حكومة. ومع أن حزب كديما المعارض يتبنى هذا الموقف، ويعارض مثل غالبية الجمهور توجيه الضربة لإيران، فإن نتائج استطلاعات الرأي تشير إلى أن هذا الحزب سيتحطم في الانتخابات القادمة، وغالبية الجمهور الإسرائيلي تمقته.

إلى ذلك، قالت وكالة الجمهورية الإسلامية الإيرانية الرسمية إن الزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي رحب بتصريحات للرئيس الأميركي باراك أوباما تقلل فيها من الحديث عن عمليات عسكرية ضد إيران بسبب برنامجها النووي. ونقلت الوكالة عن خامنئي قوله «سمعنا قبل يومين أن الرئيس الأميركي قال إنهم لا يفكرون في الحرب مع إيران. هذه الكلمات طيبة وهي خروج من إطار الوهم». لكن خامنئي أضاف أن أوباما تحدث أيضا عن «تركيع الشعب الإيراني من خلال العقوبات. هذا الجزء من تصريحاته يظهر أن الوهم ما زال مستمرا». وقال أوباما يوم الثلاثاء إن هناك «فرصة» لاستخدام الدبلوماسية لحل القضايا المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني، وإن من مصلحة الجميع معرفة مدى إمكانية حلها بطريقة سلمية.

إلى ذلك، رأى نائب إسرائيلي مسؤول عن التحضيرات في الجبهة الداخلية أن الدولة العبرية «غير مستعدة تماما» لمواجهة النتائج المترتبة على الحرب بينما يتصاعد التوتر حول مواجهة محتملة مع إيران. وقال زئيف بيليسكي، رئيس لجنة تحضيرات الجبهة الداخلية، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن هناك «نقصا كبيرا في أقنعة الغاز الجاهزة للاستخدام في حال وقوع حرب». وأوضح بيليسكي العضو في حزب كديما (يمين الوسط) أن «60 في المائة فقط من الإسرائيليين لديهم أقنعة غاز». وتابع «يوجد حاليا نحو مليوني مواطن من دون أي حماية من القنابل ومن دون ملاجئ»، مشيرا إلى أنه «يجب أن نكون حاضرين في أي لحظة لأي سيناريو محتمل، واليوم نحن غير مستعدين تماما».

ورأى بيليسكي أن النقص في أقنعة الغاز هو نتيجة لفشل الحكومة في تخصيص أموال كافية للمصنعين الإسرائيليين اللذين يقومان بصناعة الأقنعة. وبحسب بيليسكي فإنه مع الاضطرابات الحالية في المنطقة «خاصة في ضوء الذي يحدث في سوريا، يشكل امتناع الحكومة عن توفير المنتج الأساسي الذي ينبغي أن يحصل عليه كل مواطن تجاهلا متعمدا».

من جهتها، قالت متحدثة باسم شركة البريد الإسرائيلية المسؤولة عن توزيع الأقنعة لوكالة الصحافة الفرنسية إنه حتى الثلاثاء الماضي وزعت الشرطة نحو أربعة ملايين وخمسين قناعا للغاز، ولديها حاليا أقل من مائة ألف باقية. وأشارت ميراف لابيدوت «هذا كل ما لدينا. إنه ليس كافيا لكل المواطنين الإسرائيليين، وعندما يكون لدينا أكثر سنوزع أكثر»، موضحة أنها لا تعلم متى أو حتى ما إذا كان سيتم توزيع المزيد من الأقنعة أم لا.

وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، قال رئيس الطيران في الجيش الإسرائيلي الميجور جنرال عمير ايشيل والذي كان حينذاك رئيس قسم التخطيط في الجيش، إن لدى إسرائيل مخاوف جدية مما سيحدث «للمخزون الهائل من الأسلحة البيولوجية والكيماوية في سوريا عندما ينهار نظام الأسد». وتابع أن «هذا مصدر قلق كبير لأنني لا أعرف من سيمتلكها بعد يوم من ذلك».