كلينتون تطلب ضمانات من بكين مع تفوق الإنفاق العسكري الآسيوي

الإنفاق الصيني هو الثاني بعد الولايات المتحدة.. وبعض دول أوروبا خفضت إنفاقها بنسبة 10%

TT

يدخل العالم مرحلة جديدة مع تجاوز الإنفاق العسكري في القارة الآسيوية للإنفاق الأوروبي. وأصبحت الصين، التي أنفقت 89.8 مليار دولار للدفاع خلال العام الماضي، القوة العسكرية الثانية بعد الولايات المتحدة التي أنفقت 739 مليار دولار في المجال العسكري خلال العام نفسه. وبينما ما زالت الولايات المتحدة متفوقة بشكل كبير على الصين والقوى الآسيوية، أصبحت أوروبا هذا العام في المرتبة الثالثة مقارنة بالإنفاق العسكري على الصعيد الدولي. وبسبب الأزمة المالية العالمية، خفضت بعض الدول الأوروبية ميزانياتها العسكرية بنسب تصل إلى 10 في المائة، بينما زاد الإنفاق العسكري في آسيا بنسبة 3.15 في المائة.

ودعت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون الصين إلى أن تثبت «بطرق ملموسة» أن تزايد قوتها هو في مصلحة العالم، معتبرة أنه على بكين أن تتحمل قسطا أكبر من المسؤولية. وفي خطاب حول العلاقات بين قوى المحيط الهادي، جددت كلينتون الدعوات الأميركية للصين لحماية حقوق الشركات الأجنبية وتعديل قيمة عملتها «غير المنصفة» وتحسين سجلها في مجال حقوق الإنسان. ورفضت كلينتون المفهوم الصيني القائل بأن واشنطن تحاول احتواء بكين، مشددة في المقابل على أن ازدهار الصين وتزايد قوتها سيفيد في نهاية الأمر الطرفين. لكن وزيرة الخارجية الأميركية قالت إن نمو الصين يعني أنها ليس بإمكانها أن تطلب معاملتها كقوة ناشئة في بعض الأمور وكدولة نامية مع مسؤوليات أقل في أمور أخرى.

وجاءت تصريحات كلينتون أمام «المعهد الأميركي للسلام» بمناسبة الذكرى الـ40 لزيارة الرئيس الأميركي السابق ريتشارد نيكسون إلى الصين وفتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين، لكنها جاءت تزامنا مع إعلان معهد الدراسات الاستراتيجية والدولية بأن دول آسيا، وفي مقدمتها الصين، ستتقدم على أوروبا هذا العام في الإنفاق العسكري.

ولفتت كلينتون إلى أن «العالم ينظر إلى الصين لكي تلعب دورا يتناسب مع موقعها الجديد، ويعني ذلك ألا تكون بعد الآن انتقائية» في الشؤون العالمية. وتابعت «من الواضح أن المجموعة الدولية تريد بعض الثقة في أن القوة المتزايدة لبلد ما ستستخدم لمصلحة الجميع». وأضافت «نظرا للتحديات التاريخية للأمن والاستقرار التي تشكلها القوى الناشئة، فإن لديها التزاما خاصا بأن تثبت بطرق ملموسة أنها ستسلك طريقا بناء». وأوضحت «هذا ينطبق على دولة تزايد نموها بسرعة وبشكل كبير مثل الصين».

وقالت كلينتون إنه يتعين على الصين أن ترد على أسئلة تتعلق بسياساتها في أماكن أخرى، مشيرة خصوصا إلى الأزمة السورية. وتساءلت كلينتون «هل ستستخدم (الصين) قوتها للمساهمة في وقف العنف الوحشي ضد المدنيين في أماكن مثل سوريا؟». وأضافت «هل ستعطي تفسيرات لتعزيز جيشها والأهداف النهائية لاستراتيجياتها العسكرية وسياساتها وبرامجها.. من أجل طمأنة الدول المجاورة لها وتجنب سوء التفاهم والمساهمة في الحفاظ على الأمن الإقليمي؟».

وكانت الصين قد أعلنت الأحد الماضي أن إنفاقها العسكري سيصل إلى مائة مليار دولار في 2012، في أكبر زيادة يعلن عنها في الآونة الأخيرة، مما تسبب في انزعاج دول آسيوية لديها نزاعات حدودية مع الصين.

ويذكر أنه بين عامي 2008 و2010، تم خفض الإنفاق في نحو 16 دولة في أوروبا، وفي بعضها فاقت نسبة الخفض 10 في المائة. وأشار جون تشيبمان، مدير عام المعهد، خلال مؤتمر صحافي بلندن بمناسبة عرض تقرير «التوازن العسكري في 2012»، إلى أنه «منذ الأزمة المالية في 2008، حصل تقارب بين مستوى الإنفاق العسكري في أوروبا وآسيا». وأضاف «في الوقت الذي بقيت فيه مستويات الإنفاق بحسب الفرد في آسيا أقل ارتفاعا بشكل ملموس من أوروبا بالوتيرة الحالية، فإن نفقات آسيا العسكرية ستتجاوز على الأرجح في 2012 نفقات أوروبا بحسب التوقعات». وأضاف أنه بين عامي 2001 و2011 تضاعفت النفقات العسكرية للصين مرتين ونصف المرة، بحسب تشيبمان، الذي قال لوكالة «رويترز»: «إننا نرى تحولا رئيسيا من دون شك».

ويأتي تعاظم الإنفاق العسكري الصيني على خلفية إعلان واشنطن عزمها تصعيد وجودها الآسيوي خاصة في المحيط الهادي. وأعلن نائب وزير الدفاع الأميركي أشتون كارتر أمس أنه «خلال السنوات المقبلة ستكون 60 في المائة من السفن الحربية الأميركية في المحيط الهادي، وهي الآن 52 في المائة». وأضاف «سيرون المزيد من الجيش الأميركي في المنطقة الآسيوية وليس أقل».

واهتمت الصحف الأوروبية بهذا التطور اللافت، إذ غطت كبرى الصحف البريطانية الخبر، بينما وضعته صحيفة «فاينانشيال تايمز» على صفحتها الأولى. وقال موقع «يورو بوليتيكس» المختص بالسياسة الأوروبية أمس إنه «في مواجهة الانخفاض المتزايد على الإنفاق العسكري، تبحث الدول الأوروبية عن طرق للتعاون والتشارك في قدراتها العسكرية».