اشتباكات عنيفة في إدلب وحمص وأكثر من 62 قتيلا

الآلاف تظاهروا في حلب ودمشق في جمعة «الوفاء للانتفاضة الكردية»

صورة بثت أمس تبين بعض الدمار الذي خلفته قوات بشار الأسد في حي الإنشاءات بحمص (رويترز)
TT

لم تحد زيارات الموظفين الأمميين لسوريا من ضربات النظام الشرسة للمدن والمناطق الثائرة، بل إنها استمرت وعلى نحو أعنف. وخلال زيارة مسؤولة الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة فاليري اموس تعرضت أكثر من مدينة وبلدة لقصف عنيف بعدما سمح بصعوبة لآموس بدخول حي بابا عمرو المنكوب، ولم تمنحها الحكومة السورية سوى موافقة على الانضمام للوكالات التابعة للمنظمة الدولية في «تقييم محدود» للوضع في البلاد، بحسب تصريحات آموس أمس من أنقرة، حيث قالت إنها طلبت من الحكومة السورية السماح بدخول المساعدات للمناطق الأكثر تضررا من دون عائق لكن الحكومة طلبت المزيد من الوقت.

وعشية زيارة مبعوث الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية كوفي عنان لسوريا، قصفت قوات الجيش النظامي عدة أحياء في مدينة حمص وعدة قرى في ريف حماه وفي ريف درعا، حيث جرت اشتباكات عنيفة، وكذلك في ريف محافظتي دير الزور وإدلب، كما أطلقت النار على المتظاهرين الذين خرجوا في يوم جمعة كرس لتحية انتفاضة الكرد السوريين عام 2004، التي أخمدها النظام وأسفرت عن سقوط أكثر من 300 قتيل، واعتقال آلاف الأكراد.

وقال ناشطون سوريون إن أكثر من 62 قتيلا سقطوا معظمهم في محافظتي حمص وإدلب وبينهم أكثر من عشرة أطفال. وقالت لجان التنسيق المحلية إن بين «شهداء أمس سيدتين وعشرة أطفال.. وهناك سبعة وعشرين شهيدا في إدلب منهم عشرون قضوا في مجزرة عين لاروز، واثنان وعشرون شهيدا في حمص، وخمسة شهداء في درعا، وأربعة شهداء في حماه، وشهيدان في دمشق وشهيد في كل من اللاذقية وحلب».

وكان عنان قد دعا إلى التوصل إلى حل سياسي من خلال الحوار، لكن شخصيات معارضة انتقدته بسبب الاقتراح وقالت «إن الدعوات إلى الحوار لا تؤدي إلا إلى إتاحة المزيد من الوقت للسلطة لقمع المعارضة».

وتعرضت مدينة حمص التي شهدت خروج العديد من المظاهرات الحاشدة في أحياء القصور والقرابيص والبياضة إلى قصف عنيف بقذائف الهاون استهدف حيي الخالدية وكرم الزيتون وعشيرة وجب الجندلي وباب تدمر. وقال ناشطون إن قناصة كانوا يطلقون النار على كل ما يتحرك، فيما وجهت المآذن نداءات للأهالي لإخلاء الطبقات العليا من الأبنية بعد سماع أصوات تحليق لطائرات شراعية، وقد تم قصف شارع الستين بالخالدية، والذي انتشرت فيه الدبابات بشكل كثيف منذ ساعات الفجر، وتعرضت معظم المساكن المطلة على الشارع للقصف المدفعي، وأسفر ذلك عن سقوط عدد من القتلى والجرحى وتضرر عدد كبير من المنازل. وفي ريف حمص لا تزال مدينة القصير محاصرة وتتعرض صباح كل يوم لعدة ساعات من القصف، مع استمرار إطلاق الرصاص المتقطع خلال اليوم وانتشار القناصة الذين يمنعون الحركة في كل الشوارع، كما تم إرسال المزيد من التعزيزات العسكرية إلى مدينة الرستن تمهيدا لتوجيه ضربة عسكرية مجددا للمدينة. وفي تدمر وسط البادية السورية قال ناشطون إنه جرت اشتباكات بين الجيش النظامي وجنود منشقين قرب سجن تدمر العسكري الشهير، فيما تبقى الاتصالات مقطوعة عن كامل الريف كما في المدينة.

وفي العاصمة دمشق، وكما جرت العادة كل جمعة، زادت السلطات السورية التعزيزات الأمنية داخل المدينة، وحاصرت المساجد في الأحياء الثائرة تحسبا لخروج مظاهرات، حيث قامت بإطلاق النار على متظاهرين خرجوا في حي الميدان. وقال ناشطون إنه جرت مواجهات بين قوات الأمن والشبيحة والمتظاهرين في حارات قويق والصحابة والموصلي في الميدان، وقام المتظاهرون برشق قوات الأمن بالحجارة، بينما أطلقت قوات الأمن الرصاص والغاز المسيل للدموع. وفي حي التضامن تم إطلاق النار على مظاهرة خرجت من جامع الزبير مما أسفر عن سقوط قتيل وإصابة العديد بجراح. وفي حي كفرسوسة قتل أكثر من ثلاثة أشخاص أثناء تفريق قوات الأمن والشبيحة لمظاهرة خرجت من جامع النعيم، وتأزمت الأوضاع هناك مع خروج مظاهرة حاشدة شارك فيها عدة آلاف أثناء تشييع قتيل سقط مساء أول مس في حي كفرسوسة في إطلاق نار من الأمن على المنازل لدى قيام أهالي الحي بالتكبير مساء.

كما هاجمت قوات الأمن والشبيحة مظاهرات خرجت في أحياء القابون وبرزة والمزة والشيخ سعد وببيلا والعسالي والحجر الأسود ودف الشوك ونهر عيشة والقدم وغيرها، وجرت حملة اعتقالات واسعة في تلك الأحياء.

وفي مدينة دوما في ريف دمشق، حيث جرى انتشار أمني كثيف في المدينة منذ ساعات الصباح الأولى، وسماع إطلاق نار أثناء صلاة الجمعة، خرجت مظاهرة حاشدة من جامع حسيبة تهتف للمدن المحاصرة وتطالب بتسليح الجيش الحر، وجرى إطلاق نار كثيف لتفريق المظاهرة، وإطلاق نار أيضا عند الجامع الكبير وسقوط عدد من الجرحى، ومحاصرة منطقة جامع حوى وإطلاق نار على المتظاهرين في مساجد التوحيد والبغدادي ومسجد أمهات المؤمنين عند مفرق يلدا. وفي مدينة القطيفة قال ناشطون إن إطلاق نار كثيف من أسلحة ثقيلة جرى هناك عقب انشقاق عدد من الجنود وانضمامهم للجيش السوري الحر الذي اشتبك مع القوات النظامية. وفي مدينة الهامة التي تشهد حملة اعتقالات متواصلة منذ أسبوع، خرجت مظاهرة حاشدة تطالب بالإفراج عن المعتقلين وتندد بأعمال النهب والسرقة التي قامت بها قوات الأمن وجيش النظام السوري. وفي مدينة قدسيا، تم إرسال المزيد من التعزيزات الأمنية والعسكرية مع استمرار الحصار، كما خرجت مظاهرة في مدينة جديدة عرطوز من جامع عمر بن الخطاب، وفي مدينة الضمير جرت اشتباكات عنيفة مع قوات النظام.

كما جرت اشتباكات في مدينة الضمير وصفت بالأعنف منذ بداية الأحداث بين الجيش الحر والجيش النظامي، استخدمت فيها الرشاشات الثقيلة والمتوسطة وقذائف الـ«آر بي جي» والروسيات، بعد مظاهرة خرجت في مدينة ضمير، دخلت على أثرها قوات الأمن والجيش بالمدرعات وناقلات الجند والباصات للمدينة، وبدأت المواجهات بين الجيش الحر وقوات الأمن والجيش، وسط توارد أنباء عن تفجير سيارة للأمن ومقتل عسكريين اثنين، ولا أنباء عن أي إصابات لأفراد الجيش الحر.

وفي حوران - جنوب البلاد - حيث سجل أكثر من سبعين نقطة تظاهر، قال ناشطون إن الجيش الحر قام بتفجير دباباتين للجيش النظامي في بلدة الكرك الشرقي، تبعت ذلك اشتباكات عنيفة أسفرت عن هدم 3 منازل على الأقل نتيجة القصف المدفعي. وفي داعل خرجت مظاهرات من الجوامع رغم الحواجز، وهتفوا لوحدة العرب والكرد. وقال ناشطون إن أربعة جنود انشقوا في داعل، اثنين من حمص وجنديا من إدلب وآخر من ريف دمشق، وحصل على أثر ذلك اشتباك بين المنشقين وجيش النظام أسفر عن مقتل المجند محمد عبد المجيد رمضان من معرة النعمان واعتقال المجندين المنشقين من حمص وفرار المجند الرابع. وقامت قوات الأمن باختطاف جثمان المجند المنشق الذي قتل في الاشتباك.

وفي بلدة الحارة، قامت قوات الجيش النظامي بإطلاق النار من الرشاشات، ونتجت خمس إصابات إحداها خطيرة عند مسجد مصعب بن عمير. وشنت قوات النظام حملة اعتقالات واسعة، كما قامت باقتحام بلدة الشيخ مسكين من جهة نوى تحت وابل من إطلاق النار العشوائي، واستمرت الحملة لعدة ساعات، ثم توجهت القوات بعدها إلى بلدة ازرع ومعها دروع بشرية من المدنيين، حيث اعتقلت أكثر من 30 مدنيا بشكل عشوائي من الشيخ مسكين. واقتحمت أيضا بلدة المليحة الشرقية ودمرت ساحة التظاهر وسط إطلاق نار كثيف على مظاهرة خرجت هناك وتمركز مدرعتين وناقلة داخل البلدة. وفي انخل، تم إطلاق النار بشكل عشوائي وبكثافة لتفريق المظاهرات في البلدة مما أسفر عن إصابة العشرات بجراح وقامت قوات الأمن باعتقالات عشوائية.

وفي إدلب، حذر ناشطون من عملية عسكرية شرسة يستعد النظام للقيام بها على غرار ما حصل في بابا عمرو، وخرجت مظاهرات حاشدة يوم أمس هناك رغم الوجود الأمني والعسكري المكثف هناك، حيث خرجت مظاهرة حاشدة في مدينة إدلب بعد صلاة الجمعة تهتف لحمص والريف المنكوب، وشهدت معظم مدن وبلدات الريف مظاهرات وفي بلدة سلقين تعرض المظاهرة لهجوم من شبيحة أهل جلخي الذين قاموا برمي الحجارة من أسطح البيوت على المتظاهرين. وقال ناشطون إن قوات النظام ارتكبت مجزرة جديدة في بلدة عين لاروز أودت بحياة عشرين شخصا بينهم أفراد من عائلتين، وعرف منهم: سميح القسوم، ابنه الطفل جميل 16 سنة، طاهر قنطار وأخوه نجم، جميل قنطار، إبراهيم قنطار عبد الحي قنطار، مصطفى قنطار، عبد الله حسن اليوسف، الإخوة عبد الكريم وحسن ومحمد أنور برهوم، وجميل مصطفى الحسين قنطار، في وقت حاصرت فيه مدرعات الجيش النظامي المساجد في مدينتي حاس وكفر نبل وأطلقت النار لمنع خروج المظاهرات.

وفي حلب وريفها، خرجت أكثر من 51 مظاهرة في 34 نقطة تظاهر في حصيلة أولية. وفي ريف مدينة حماه، اقتحمت منذ الصباح الباكر ليوم أمس قوات الأمن قرى وبلدات قسطون والحميدية وشاغوريت واللج وحميمات والصحن، وسط إطلاق نار كثيف وسقوط قذائف مدفعية دفعت الأهالي للنزوح. وفي بلدتي حلفايا وطيبة الإمام، تم إغلاق كل المساجد مع تكثيف نصب الحواجز على الطرقات لمنع التظاهر. وفي بلدة التريمسة، سقط ثلاثة قتلى وعشرات الجرحى بينهم حالات خطيرة إثر قصف عنيف على البلدة.

كما تحولت بلدة خنيزير إلى ثكنة عسكرية، حيث تجري حملة تهجير منظم لسكانها البالغ عددهم نحو 8000 نسمة، وتعرض أكثر من ثمانية منازل للحرق، وتم الاعتداء على النساء، حيث تم تسجيل أربع حوادث اغتصاب. ورغم القمع وتواصل القتل والقصف، خرجت المظاهرات في كرناز وكفرنبودة وكفرزيتا ومعظم بلدات الريف الحموي. وفي مدينة حماه هاجمت قوات الأمن مظاهرات خرجت في حي جنوب الملعب. وقال ناشطون إن قوات الأمن بدأت بإطلاق الرصاص في عدة مناطق في مدينة حماه وريفها فور انتهاء صلاة الجمعة، ورغم ذلك خرج المتظاهرون في مدينة حماه من مساجد المدينة.. فقد خرج الأحرار من مساجد المحسنين وعبد الله بن سلام والسرجاوي والرحمن، واجتمعوا في باب قبلي، وخرج المتظاهرون من مسجد المصري في غرب المتل وتم تفريقهم بالرصاص الحي، وفي القصور خرجوا من عدة مساجد مثل مسجد بشر الحافي واجتمعوا في ساحة الحرية، أما في الصابونية فقد خرج المتظاهرون من مسجد الفلاح وتم الهجوم عليهم من قبل الأمن، واستبسل الجيش الحر في الدفاع عن المتظاهرين في اشتباكات استمرت لساعات في شارع الزاغة.

وفي مدينة البوكمال شرق البلاد، أسفر إطلاق النار على مظاهرة خرجت عن سقوط قتيل وإصابة نحو أحد عشر شخصا، ثلاثة منهم في حالة خطيرة بينهم طفلان دون سن العاشرة. وفي مدينة دير الزور، حصلت اشتباكات بين الجيش الحر والجيش النظامي في بلدة موحسن.

وفي إحصاء أولي، بلغ عدد المظاهرات 406 في 329 نقطة تظاهر في جمعة الوفاء للانتفاضة الكردية بحسب ما أفاد به ناشطون.