موجة من الاندماجات الحزبية بين قوى يسارية وليبرالية

في أعقاب الصعود الكاسح لتيارات الإسلام السياسي

تصاعدت حدة الاحتجاجات والمظاهرات أمام السفارة الأميركية بوسط القاهرة مع استمرار محاكمة متهمين مصريين في القضية المعروفة إعلاميا بقضية «التمويل الأجنبي» أمس (أ.ب)
TT

بدأت قوى سياسية ليبرالية ويسارية في مصر خطواتها للاندماج بعد أن منيت تحالفاتها الانتخابية بالفشل، حيث أظهرت نتائج الانتخابات البرلمانية التي أعلنت مطلع العام الجاري تفوقا واضحا للقوى الإسلامية التي حازت على نحو 70 في المائة من مقاعد مجلس الشعب (الغرفة الأولى للبرلمان)، ونحو 85 في المائة من مقاعد مجلس الشورى (الغرفة الثانية للبرلمان).

ويقترب حزبا العدل والمصري الديمقراطي الاجتماعي من إعلان اندماجهما، كأول حزبين ليبراليين يقررا بحث الاندماج، كما شكل حزبا التحالف الشعبي الاشتراكي والمصري الاشتراكي لجنة مشتركة لبحث خطوات الاندماج بعد أن أعلنا قبولهما من حيث المبدأ للوحدة.

وقال القيادي البارز في الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي الدكتور محمد أبو الغار لـ«الشرق الأوسط»: «إن المفاوضات بدأت بالفعل مع حزب العدل، وأنها تحقق تقدما ملموسا في اتجاه إعلان الاندماج الكامل».

وحاز حزب المصري الاجتماعي على 15 مقعدا في البرلمان، في حين يملك حزب العدل مقعدا واحدا فقط. ويأمل الحزبان في انطلاقة جديدة لهما بتحقيق الاندماج. وأوضح أبو الغار أن الحزبين يفكران في توسيع طاولة المفاوضات لتضم أحزابا أخرى وشخصيات عامة.

ونفى أبو الغار أن يكون تقدم الإسلاميين الواضح السبب الرئيسي خلف بدء خطوات الاندماج، قائلا: «حزبنا (المصري الديمقراطي) وحزب العدل يؤمنان بالأفكار الليبرالية مع التأكيد على مبدأ العدالة الاجتماعية، وكلانا يدعو لبناء دولة مدنية.. ونسعى لكي نكون نواة صلبة تملك كوادر ومقار تغطي أنحاء البلاد».

وعقب قيام ثورة 25 يناير من العام الماضي أدخلت تعديلات تيسر قيام الأحزاب، بعد أن كانت تتطلب موافقة لجنة شؤون الأحزاب التي كان يترأسها رئيس مجلس الشورى، والتي هيمن عليها الحزب الوطني (المنحل).

وبينما كان الحزبان الليبراليان يجريان مشاوراتهما للاندماج، أعلن حزبا التحالف الشعبي الاشتراكي والمصري الاشتراكي اليساريان قبولهما للوحدة، وشكلا بالفعل لجنة مشتركة لبحث خطوات الاندماج.

وقال القيادي بالحزب المصري الاشتراكي أحمد بهاء شعبان، إن «اللجنة المشتركة ستجتمع خلال الأسبوع الجاري لبحث شروط نجاح الوحدة والبرنامج الزمني اللازم لإنجازها».

وأوضح شعبان لـ«الشرق الأوسط»، أن «الأحوال الاقتصادية المتردية ولدت شعورا عاما بضرورة وجود يسار قوي يحمل هموم ومطالب الطبقات الكادحة في مصر»، لافتا إلى أن سيطرة الإسلاميين على مفاصل الدولة المصرية عجلت من أن يتحول هذا الشعور إلى إرادة.

ويقول مراقبون إن الأحزاب التي ولدت على عجل في أعقاب الثورة المصرية كانت استجابة لحالة السيولة التي طرأت على المجتمع بعد سنوات من انسداد الأفق السياسي، مشيرين إلى أن إلحاح الوحدة أو الاندماج يبدو طبيعيا بعد مرور عام على الثورة، حيث بدأت الخريطة السياسية تتضح كما اتضحت الأوزان الفعلية للقوى السياسية على أرض الواقع.

لكن آمال الوحدة لا تزال مهددة بخلافات اللحظات الأخيرة، وتقول مصادر داخل حزب التحالف الشعبي إن الخلافات بدأت تظهر بالفعل داخل ساحة اليسار اعتراضا على الاندماج.. «هذه وصفات قديمة لواقع جديد».

وقبيل الانتخابات البرلمانية المصرية التي جرت نهاية العام الماضي وأعلنت نتائجها مطلع العام الجاري تشكل تحالف واسع بين قوى ليبرالية ويسارية تحت اسم «الكتلة المصرية» للتنسيق في الانتخابات لكنه سرعان ما فشل، لتشكل الأحزاب اليسارية تحالفا منفصلا تحت اسم «الثورة مستمرة» ضم ائتلافات الثورة، بينما فضلت بعض الأحزاب أن تخوض المعركة الانتخابية منفصلة.

وتسعى رموز سياسية وفكرية في مصر لإقناع الدكتور محمد البرادعي المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، بتأسيس حزب سياسي يضم القوى الثورية بالبلاد في مواجهة صعود الإسلاميين، ومن يوصفون بدعاة «الدولة الدينية».

وتعتبر عدة قوى وائتلافات وحركات معارضة البرادعي الأب الروحي للثورة المصرية. وعقب تراجع البرادعي عن خوض سباق الانتخابات الرئاسية، بدأت قيادات شبابية الضغط على البرادعي من أجل تأسيس كيان يضم دعاة الدولة المدنية ليحقق ما يصفونه بـ«تيار مدني قوي في مواجهة الإسلاميين».