حملة اعتقالات واسعة تطول مناطق سورية عدة وتستهدف ناشطين من الشباب

وصل عددهم في اليومين الأخيرين إلى أكثر من 450 شخصا في حماه فقط

TT

يبدو واضحا من خلال المعلومات التي ينقلها الناشطون السوريون والتنسيقيات الفاعلة على الأرض، أن دائرة عمليات الاعتقال توسعت بشكل ملحوظ في الأيام القليلة الماضية لتطال بشكل أساسي الناشطين الشباب الفاعلين على الأرض. وهي وإن تركزت في حماه، حيث تجاوز عدد المعتقلين فيها في اليومين الأخيرين الـ450 معتقلا، إلا أنها شملت مناطق سورية عدة، وأهمها دمشق وريفها.

وفي هذا الإطار، أكد أبو غازي الحموي، العضو في تنسيقية حماه، لـ«الشرق الأوسط»، أن حملة الاعتقالات هذه قد بدأت منذ شهر تقريبا، إلا أن وطأتها اشتدت بشكل ملحوظ في اليومين الأخيرين، ولا سيما في «طريق حلب»، وهي المنطقة التي تشكل التجمع الرئيسي للمظاهرات التي يشارك فيها ناشطون من المناطق المحيطة. ولفت أبو غازي إلى أن هذه الاعتقالات تنفذ بشكل عشوائي، مترافقة مع تعذيب وإهانات. وأضاف «يداهمون المنازل باحثين عن أشخاص مطلوبين، وإذا لم يجدوا هذا الشخص، يقومون باعتقال أي شخص من أفراد عائلته من دون أن يستثنوا كبار السن، مع ما يرافق ذلك من تخريب وسرقة لأثاث المنزل ومحتوياته».

ورأى أبو غازي أن هذه الاعتقالات هي محاولة من النظام لتخويف الحمويين وكسر عزيمتهم كي لا يخرجوا في المظاهرات التي تتزايد يوما بعد يوما في حماه، لا سيما أنها تطال بشكل أساسي الناشطين على الأرض، والذين تظهر أسماؤهم في الإعلام، وهؤلاء يتم وضعهم في فرع المخابرات الجوية في حمص وفي سجن صيدنايا وسجن أمن الدولة في دمشق. وأضاف «يخرج بدلا من كل معتقل من حماه، عشرة متظاهرين، وهذا يدل على أكاذيب النظام الذي يقول إن حماه عادت إلى رشدها إلى جانب النظام ورفعت الراية البيضاء».

وعن الأماكن أو المعتقلات التي يتم وضع المعتقلين فيها، يقول أبو غازي «أهم المعتقلات في حماه هي سجن حماه المركزي ومدرسة ناصح علواني ومدرسة المعلوماتية التي تعتبر في الوقت عينه تجمعا لشبيحة النظام».

كذلك، أكد أبو غازي أن عددا كبيرا من المعتقلين الذين لا يخضعون للتحقيق يموتون تحت التعذيب، ولا يزال عدد كبير منهم في عداد المفقودين، وحتى المراقبون لم يتمكنوا من معرفة أي معلومات عنهم.

في المقابل، وضمن حملة الاعتقالات التي تشنها قوات النظام، تم اعتقال مساء الخميس، 12 شابا وشابة بينهم ابنة المحامي ميشال شماس، كانوا في مقهى «نينيار» الواقع في حي باب شرقي في دمشق. وقال الشماس لوكالة «فرانس برس» إن صاحب المقهى حاول معرفة الجهة الأمنية التي ينتمي إليها العناصر، إلا أنهم «امتنعوا عن الإفصاح عن ذلك»، مشيرا إلى أن «جميع المحاولات لمعرفة سبب الاعتقال أو الجهة التي اقتيدوا إليها باءت بالفشل».

وأضاف المحامي شماس، أن «المادة 53 من الدستور الذي تم الاستفتاء عليه وأصبح نافذا في 28 شباط (الماضي) لا تجيز اعتقال المواطنين إلا بأمر من السلطة القضائية»، محملا «الحكومة السورية كامل المسؤولية عن وضع يارا ورفاقها». وطالب «بالإفراج عنها فورا والكف عن سياسة الاعتقال التي لم تؤد إلا إلى المزيد من الضغائن وتأجيج الوضع المتوتر في سوريا». وقال «ابنتي ليست سلفية وليست جهادية ولا تنتمي إلى مجموعات متشددة».

كذلك، أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان، إلى أن قوات الأمن شنت حملة اعتقالات في منطقة المهمة في ريف دمشق أسفرت عن توقيف 54 مواطنا، مضيفا أن القوات النظامية اقتحمت قريتي قسطون والحميدية، في ريف حماه، وقرى شاغوريت والجج وحميمات والصحن في ريف إدلب، وشنت حملة مداهمات بحثا عن عناصر منشقين.

من جهته، أدان المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية هذا الاعتقال، مؤكدا أن مثل هؤلاء الشباب يؤكدون بكل وضوح كذب النظام حول طبيعة الثورة التي يقوم بها الشعب السوري لنيل حريته، مطالبا «بإطلاق سراحهم فورا وإطلاق سراح جميع المعتقلين».

كما أدانت الرابطة السورية للدفاع عن حقوق الإنسان في بيان لها، هذا الإجراء الذي يتعارض مع كافة المواثيق والمعاهدات الدولية التي انضمت إليها الحكومة السورية، محملة السلطات المسؤولية الكاملة عن سلامة الشباب. وطالبت بالإفراج الفوري وغير المشروط عنهم. وأبدت قلقها البالغ من تصاعد وتيرة الاعتقال التعسفي وحالات الاختفاء القسري للمعتقلين التي بدأت تأخذ منحى جديدا خلال الفترة الأخيرة.