هيئة دينية مرتبطة بالحكومة تغضب أنصار المرأة في أفغانستان

«مجلس العلماء» دعا لمنع الاختلاط وقبول تعدد الزوجات.. ومنتقدوه يتهمونه بمغازلة طالبان

أفغانيات داخل مقهى إنترنت مخصص للنساء في كابل (رويترز)
TT

أصدر «مجلس علماء أفغانستان»، وهو عبارة عن هيئة دينية مرتبطة بالحكومة الأفغانية، توصيات بخصوص المرأة أثارت غضب بعض المنظمات الأهلية والمؤسسات المدافعة عن حقوق المرأة في البلاد. ورغم أن بيان المجلس صدر بهدف الاحتجاج على إقدام جنود أميركيين على حرق مصاحف في قاعدة باغرام العسكرية في الآونة الأخيرة، فإنه تطرق أيضا إلى أمور تخص وضع المرأة، الأمر الذي خلف ردود فعل متباينة.

واعتبر البيان الذي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، أن القوات الأميركية ارتكبت خطأ لا يمكن محوه بالاعتذار، مطالبا بمحاكمة مرتكبي هذا العمل محاكمة عاجلة وعلنية لامتصاص غضب الشارع الأفغاني والعالم الإسلامي، ثم تطرق إلى أمور تتعلق بالمرأة التي «حاولت التمرد والخروج من عباءة الرجل بفضل وجود المجتمع الدولي والقوات الدولية» منذ أكثر من عشر سنوات. وضمن البيان قرارات أو توصيات تدعو المرأة الأفغانية إلى الالتزام بأحكام الشريعة خاصة في ما يتعلق بالحجاب، والابتعاد عن أماكن الاختلاط بالرجال. وأوصى المجلس أيضا بالفصل بين الرجال والنساء في الدوائر الحكومية، واحترام قوامة الرجل على المرأة، واحترام مبدأ تعدد الزوجات، وتجنب سفر النساء من دون محرم شرعي. يذكر أن «مجلس علماء أفغانستان»، لا يحمل أي صفة قانونية في البلاد، وتعد توصياته غير ملزمة. ويتشكل هذا المجلس من أكثر من ثلاثمائة من علماء الدين من مختلف مناطق أفغانستان، يحصلون على رواتب شهرية من ميزانية الدولة وربما من مساعدات الجهات المانحة. وكان المجلس قد تعرض إلى انتقادات تعتبر أنه يعمل من أجل تنفيذ أجندات سياسية خاصة بحكومة الرئيس حميد كرزاي.

وجاءت توصيات المجلس في وقت تشهد فيه الساحة الأفغانية خلافا بين الحكومتين الأفغانية والأميركية حول تسليم إدارة قاعدة باغرام العسكرية إلى الجانب الأفغاني.

وأثارت توصيات المجلس بخصوص المرأة غضب البعض الذي اعتبر أنها تتشابه مع فتاوى هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي كانت موجودة في عهد نظام طالبان. وتقول شكرية باركزاي، وهي عضو البرلمان الأفغاني رئيسة لجنة الدفاع والأمن في البرلمان، إنه على «مجلس علماء أفغانستان أن يخجل من نفسه ويراجع حساباته من هذه القرارات»، ثم تساءلت عن موقف المجلس من قتل المدنيين الأفغان من قبل الجماعات المسلحة، وقالت: «ألا يستحق هذا الموضوع إصدار فتوى تحرم العمليات الانتحارية مثلا؟! ألا يستحق الفساد المنتشر في جميع الدوائر الحكومية إصدار فتاوى تحرم الرشى؟!». كما تساءلت عن «صمت مجلس علماء أفغانستان تجاه الانتهاكات التي ترتكب من قبل أمراء الحرب والخارجين عن القانون بحق المرأة الأفغانية والقاصرات والأطفال مثل استغلالهن جنسيا وإجبارهن على الزواج مما يؤدي إلى عمليات انتحار وحرق الناس للمرأة في كثير من المحافظات الأفغانية».

بدورها، انتقدت فوزية كوفي، الناشطة السياسية عضو البرلمان الأفغاني، قرارات مجلس العلماء، معتبرة أنها غير ملزمة ومحاولة لإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه في زمن طالبان. واتهمت بعض المسؤولين في الحكومة بأنهم يسعون إلى إعادة عقارب الساعة للوراء ومحاولة «طلبنة» الأمور. وقالت إن «هذه المساعي ستفشل وإن المرأة الأفغانية وجدت طريقها ولن تتراجع عن حقوقها ولا يمكن لأي كان أن يحرمها من هذه الحقوق التي ضمنها لها الدستور».

أما «حزب التحالف الوطني»، أكبر الأحزاب السياسية في البلاد، الذي يتزعمه عبد الله عبد الله وزير الخارجية السابق، فاعتبر أن بيان مجلس العلماء، غير ملزم وغير قابل للتنفيذ. واتهم المجلس بالتحرك وفقا لأجندات حكومية تسعى إلى استرضاء حركة طالبان لقبول الحوار مع الحكومة. وطالب حزب التحالف، المجتمع الدولي والأمم المتحدة بتحمل مسؤولياتهم تجاه حقوق المرأة الأفغانية، وعدم السماح بأن تكون ضحية صفقات سياسية تقدم عليها الحكومة مع طالبان.

لكن في الجهة المقابلة، دافع الرئيس حميد كرزاي، عن توصيات مجلس العلماء، وقال «إنها لا تقيد حريات المرأة الأفغانية بل تستمد شرعيتها من الشريعة الإسلامية ونحن جميعنا ملتزمون بها».

ورأى محللون أن صدور مثل هذه الفتاوى أو التوصيات، ربما يهدف لاسترضاء أعضاء حركة طالبان وقادتهم للقبول بالجلوس إلى طاولة الحوار مع الحكومة الأفغانية، وإبداء حسن النيات تجاه الحركة بأن الحكومة مستعدة لمناقشة جميع المسائل بما فيها قضية حرية المرأة. ومعروف أن وضع المرأة الأفغانية قد تغير منذ الإطاحة بنظام طالبان، إذ باتت المرأة الآن ممثلة في البرلمان بنسبة 40 في المائة، وفي الطاقم الوزاري بـ3 حقائب.

وكان «مجلس علماء أفغانستان» قد تشكل قبل نحو سبع سنوات، بهدف الإشراف على الشؤون المتعلقة بالشريعة، ويترأسه قيام الدين كشاف، وهو واحد من قيادات «حزب الاتحاد الإسلامي» بقيادة عبد رب الرسول سياف (أحد قادة المجاهدين البارزين ضد السوفيات). ويضم المجلس المئات من علماء الدين، معظمهم تخرجوا في مدارس دينية داخل أفغانستان أو في مدارس باكستانية معروفة مثل مدرسة حقاني في بيشاور.

ورغم أن مجلس العلماء ليست له صفة قانونية، فإن توصياته غير الملزمة، تحظى بقبول واسع لدى عموم الشعب الأفغاني وتجد صداها في المدن الأفغانية. وكان مجلس العلماء طلب من قبل من الرئيس كرزاي منع جماعات الإغاثة الأجنبية من التبشير للمسيحية وسط السكان المحليين، وطالب بإعادة العمل بعقوبة الإعدام وتنفيذها في مكان عام.