تلاسن عربي ـ روسي ينتهي بتراجع موسكو لصالح الموقف العربي تجاه سوريا

الدول العربية وروسيا تتفقان على خمس نقاط لحل الأزمة السورية اعتمادا على الخطة العربية وقرار الجمعية العامة

الشيخ حمد بن جاسم ولافروف والعربي في المؤتمر الصحافي أمس (أ.ف.ب)
TT

بعد اجتماع شهد مواجهة عربية - روسية بسبب مواقف موسكو من الثورة السورية، وعرقلتها لإصدار قرار من مجلس الأمن الدولي بشأن الأزمة، بدا أن روسيا تراجعت عن موقفها لصالح الخطة العربية والذهاب إلى مجلس الأمن، حيث أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، ورئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني في مؤتمر صحافي مشترك أمس في القاهرة إن روسيا والجامعة العربية اتفقتا على خمسة أسس لتسوية الأزمة السورية، من بينها قرارات الجامعة العربية التي تدعو الرئيس السوري بشار الأسد إلى ترك السلطة.

واعتبر هذا الموقف تغيرا ذا مغزى في موقف روسيا التي كانت حتى الآن السند الرئيسي للنظام السوري على الساحة الدولية، واستخدمت حق النقض مرتين خلال الشهور الأخيرة لمنع مجلس الأمن من إدانته.

وقال لافروف إن المناقشات التي أجراها مع الوزراء العرب انتهت إلى اتفاق على خمس نقاط هي «وقف العنف من أي مصدر كان، وإنشاء آلية رقابة محايدة، ورفض التدخل الخارجي، وإتاحة المساعدات الإنسانية لجميع السوريين من دون إعاقة، والدعم الكامل لجهود الموفد الدولي كوفي أنان إلى سوريا، استنادا إلى المرجعيات التي قبلتها الأمم المتحدة والجامعة العربية»، وذلك في إشارة إلى الخطة العربية التي كانت تتضمن تخلي الرئيس السوري بشار الأسد عن سلطاته إلى نائبه فاروق الشرع.

وأكد بن جاسم هذا الاتفاق قائلا إنه «بعد اللقاء مع وزير الخارجية الروسي الذي كان صريحا ومعمقا، هناك نقاط تم الاتفاق عليها كأساس للحل، وهي: وقف العنف من أي مصدر كان، وآلية رقابة محايدة، وعدم التدخل الأجنبي، وإتاحة وصول المساعدات الإنسانية لجميع السوريين من دون إعاقة، والدعم القوي لمهمة أنان لإطلاق حوار بين الحكومة والمعارضة استنادا إلى المرجعيات التي اعتمدت من قبل الأمم المتحدة والجامعة العربية».

وأضاف رئيس وزراء قطر أنه يريد «تأكيد المرجعيات المعتمدة لكوفي أنان، وهي قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة (الصادر) في 16 فبراير (شباط) الماضي، وخطة العمل العربية (المعتمدة) بتاريخ 2 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وقرارات الجامعة العربية في 22 يناير (كانون الثاني) و12 فبراير الماضيين».

يذكر أن روسيا كانت صوتت ضد قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن سوريا في 16 فبراير الماضي.

وكان المجلس الوزاري للجامعة العربية دعا في 22 يناير الماضي الرئيس السوري بشار الأسد إلى ترك السلطة بشكل ضمني، إذ طالبه بـ«تفويض صلاحياته كاملة إلى نائبه للتعاون مع حكومة وحدة وطنية» تشكل بناء على حوار بين الحكومة والمعارضة.

وفي اجتماع آخر للمجلس الوزاري للجامعة العربية في 12 فبراير، قررت الجامعة العربية إنهاء مهمة بعثة المراقبين العرب، و«دعوة مجلس الأمن لإصدار قرار بتشكيل قوات حفظ سلام عربية أممية مشتركة للإشراف على تنفيذ وقف إطلاق النار» في سوريا.

ويتوقع أن يفتح الموقف الروسي المعدل الباب للاتفاق على قرار بشأن سوريا في مجلس الأمن الدولي.

وكانت روسيا قد خفضت تمثيلها الدبلوماسي في قطر قبل عدة أيام بعد أن كانت طلبت من الدوحة الاعتذار عما وصفته بسوء معاملة السلطات القطرية للسفير الروسي لدى قطر خلال وجوده بمطار الدوحة.

وكان مجلس الجامعة العربية، قد طالب في ختام اجتماعه أمس الحكومة السورية بالوقف الفوري لكافة أعمال العنف والقتل حماية للمدنيين السوريين وضمان حرية التظاهر السلمي لتحقيق مطالب الشعب السوري.

وشدد المجلس في بيانه الختامي حول معالجة الأزمة السورية، على ضرورة الإطلاق الفوري لسراح كافة الموقوفين في هذه الأحداث وسحب القوات العسكرية والمظاهر المسلحة من المدن والقرى السورية وإعادة هذه القوات إلى ثكناتها دون أي تأخير، وأكد المجلس على موقفه الثابت للحفاظ على وحدة سوريا واستقرارها وسلامتها الإقليمية وتجنيبها لأي تدخل عسكري.

وأدان المجلس في قراره الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان في حق المدنيين السوريين واعتبار مجزرة بابا عمرو المقترفة من الأجهزة الأمنية والعسكرية السورية ضد المدنيين جريمة ترقى إلى الجرائم ضد الإنسانية، وتتطلب مساءلة المسؤولين عن ارتكابها وعدم إفلاتهم من العقاب والتحذير من مغبة تكرار مثل هذه الجريمة في مناطق أخرى في سوريا.

وطالب المجلس الحكومة السورية بالسماح بالدخول الفوري لمنظمات الإغاثة العربية والدولية لتمكينها من إدخال المواد الغذائية والدواء والمستلزمات الطبية لإسعاف المواطنين المتضررين وتسهيل وصول هذه المواد إلى مستحقيها في أمان ودون أي عوائق ونقل الجرحى والمصابين إلى المستشفيات وذلك تحت إشراف الأمم المتحدة وأجهزتها المختصة.

ورحب الاجتماع الوزاري العربي بمهمة المبعوث المشترك للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية إلى سوريا السيد كوفي أنان الأمين العام السابق للأمم المتحدة ونائبه دكتور ناصر القدوة لقيادة العملية السياسية نحو إيجاد حل للأزمة السورية والانتقال السلمي إلى حياة ديمقراطية في سوريا، ودعا مجلس الجامعة المعارضة السورية بكافة أطيافها إلى توحيد صفوفها من أجل الدخول في حوار جدي يقود إلى تحقيق الحياة الديمقراطية التي يطالب بها الشعب السوري. وقرر المجلس البقاء في حالة انعقاد دائم لمتابعة تطورات الوضع في سوريا.

وقال الدكتور نبيل العربي الأمين العام للجامعة العربية في مؤتمر صحافي مشترك عقده مع الشيخ صباح خالد الصباح نائب رئيس وزراء دولة الكويت وزير الخارجية رئيس الدورة الحالية، إن النقاط الخمس التي تم الاتفاق عليها مع وزير الخارجية الروسي ذات أهمية كبيرة، كاشفا عن زيارة مبعوث صيني للجامعة العربية يوم الثلاثاء المقبل. وقال: «نريد أن تأخذ موقفا مشابها ليكون هناك إعداد إذا ذهبت الدول العربية لمجلس الأمن».

وأشار العربي إلى أن الجامعة العربية تحاول الالتفاف على الفيتو الذي أجهض قرارها السابق، لإحالة الموضوع مرة ثانية لمجلس الأمن دون اعتراض روسيا والصين، وأن الوزير الروسي سيسافر لنيويورك ويجتمع مع الدول الأعضاء في مجلس الأمن. وقال: «نحن نتحدث عن إرسال مراقبين وليس قوات حفظ السلام، ومجلس الأمن هو الذي يحدد ذلك».

وقال إن المبعوث الأممي العربي المشترك كوفي أنان يرغب في البقاء ليوم آخر، مشيرا إلى أن «أنان ذهب وحده هذه المرة، دون الدكتور ناصر القدوة، وسوف يتوجه أنان بعد ذلك إلى بعض الدول العربية، ثم إلى مقره جنيف وسوف أتقابل معه هناك بعد عدة أيام».

وفيما يتعلق بالآلية المحايدة المقترحة في النقاط الخمس.. قال العربي إن قرارات الجامعة العربية كانت تقول إن الآلية المحايدة تتكون من الدول العربية والإسلامية والصديقة. أما الآن فإن الآلية ستقررها الأمم المتحدة عبر مجلس الأمن.

وفيما يتعلق بمستوى حضور القمة العربية المتوقع في بغداد.. قال العربي إن جميع الدول العربية دعيت، ونرجو أن يكون هناك أكبر عدد ممكن من القادة، منوها بالاستعدادات العراقية اللوجستية والأمنية للقمة.

من جانبه، قال الشيخ صباح خالد الصباح إن الاجتماع أعاد التأكيد على الحل العربي وأعرب عن بالغ الأسى والأسف على إصرار الحكومة السورية على العمل العسكري، مشيرا إلى أن القرار يطالب الحكومة السورية بالوقف الفوري للعنف والقتل، وضمان حرية التظاهر وإطلاق سراح الموقفين في الأحداث، وسحب القوات المسلحة من المدن، وإدانة الانتهاكات.

وقال إن المجلس قرر اعتبار مجزرة بابا عمرو جريمة ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية، وتتطلب مساءلة المسؤولين عنها، والتحذير من تكرارها، وضرورة السماح للمنظمات الدولية بالدخول إلى سوريا، ودعم مهمة كوفي أنان في سوريا، والترحيب بنتائج مؤتمر أصدقاء سوريا في تونس.