المتحدث الرسمي لحزب النور السلفي: سندعم مرشحا رئاسيا يؤمن بتطبيق الشريعة الإسلامية تدريجيا

بكار لـ «الشرق الأوسط»: أخشى أن ينشغل السلفيون بالسياسة عن مهمتهم الدعوية.. وبعض تصريحات دعاتنا أضرت بالحزب

نادر بكار
TT

بعد عام من المشاركة السياسية في مرحلة ما بعد ثورة 25 يناير (كانون الثاني)، يخشى نادر بكار أن ينشغل السلفيون بالسياسة عن مهمتهم الدعوية، لكنه يعتقد أن السلفيين كسبوا من المشاركة كثيرا من الاحتكاك، وهو ما يقول إنه ولد الكثير من المرونة والتقارب مع التيارات الأخرى التي لم تكن تسمع عن السلفيين ولم تكن تريد أن تسمع منهم.

بكار، المتحدث الرسمي باسم حزب النور السلفي، تحدث عن الأدب الأجنبي بعمق مستشهدا ببعض الروايات، وقال إن بعض تصريحات الدعاة المنتسبين للدعوة السلفية أضرت بحزب النور.

وأوضح بكار، الذي التقته «الشرق الأوسط» في فندق 3 نجوم في القاهرة لا يقدم الخمور، أن التنسيق بين الأحزاب الإسلامية في الانتخابات الرئاسية المقبلة ممكن؛ شريطة أن تقتنع كل التيارات بأن هذا الشخص قادر على قيادة البلاد، بغض النظر عن انتمائه السياسي، مؤكدا أن دعم القوى الإسلامية لمرشح واحد يضمن له النجاح بنسبة كبيرة، وفق ما يبدو من قراءة المشهد السياسي الحالي، وأكد في حواره أن الشعب المصري اختار حزب النور من أجل صياغة الدستور، وأنه ليس من الطبيعي أن يتراجع الحزب أثناء صياغة الدستور ويجعل الأقلية هي التي تصوغه.. وإلى نص الحوار..

* بعد عام من انخراط حزبكم في الحياة السياسية المصرية ماذا كسبتم وماذا خسرتم؟

- يحسب لنا أننا أنشأنا كيانا مؤسسيا حاز على كل هذه المقاعد في مجلسي الشعب والشورى (البرلمان المصري) خلال أقل من عام، لكن هذه القفزة لا بد أن يكون لها سلبيات.. أخشى أن يكون البعض من أعضاء حزبنا انشغل للغاية بالسياسة عن مهمته الدعوية، وبالتأكيد ليس كل القرارات التي يتم اتخاذها تكون سليمة، بعض القرارات قد تكون غير سديدة ولا تستحضرني هنا قرارات شابها ذلك، ولا يجب أن ننسى أن النجاح الذي حققه الحزب وضعنا تحت المجهر، وأي خطأ يتم تضخيمه، وكم العداء يتزايد لأننا اخترنا أن ننافس.

* عبر شهرين من عمل البرلمان.. هل تعتقد أن بعض تصريحات نواب «النور» أساءت لسمعته؟

- الشعب المصري من ضمن خصائصه سرعة النسيان والعاطفة الشديدة، لكني مصرّ على أن الوقت ما زال مبكرا للحكم.. ولو جئنا في الرمق الأخير من الدورة البرلمانية وقمنا بإنجازات كبيرة فستمحى الفترة السابقة عليها، وبالتالي المشوار لا يزال طويلا، وأعتقد أن السبب في هذا أن نوابنا كثر، وينتمون لبيئات مختلفة وثقافات متنوعة، وفجأة أصبحوا في قلب مؤسسة التشريع المصرية، وكل يخرج مكنونه ويعبر عن رأيه في القضايا المهمة، وفي بعض الأحيان تكون طريقة التعبير عفوية ودون انتقاء للألفاظ، وهو أمر غير مطلوب في السياسة.

* ما موقف الحزب من فكرة «الرئيس التوافقي» من حيث المبدأ؟

نحن ضد فكرة «الرئيس التوافقي»، لأن كلمة «توافقي» تعني اختيار الرئيس سرا.. ونحن ضد اختيار رئيس الجمهورية في الغرف المغلقة لأنها فكرة تلغي الانتخابات وتجعلها «تحصيل حاصل».

* وهل توصل الحزب لمرشحه الرئاسي؟

- حتى الآن لم نتوصل له.. عقدنا اجتماعات مع معظم مرشحي الرئاسة وتمت مناقشتهم في الكثير من الأشياء.. ومعاييرنا للمرشح الرئاسي هي: تاريخه، والقبول الوطني، والمشروع الرئاسي، وفريق العمل المحيط بالمرشح، الذي سيدخل معه قصر الرئاسة.. وتمت مناقشة المرشحين ومدى قدرتهم على تنفيذ مشاريعهم خلال فترة الـ4 سنوات.. وتلقينا إجابات واضحة عن أسئلتنا، ولكن في النهاية لنا تقييمنا الخاص.. وسنقول كلمتنا بعد إغلاق باب الترشح، ونحن نعتقد أن مصر تحتاج إلى مدير تنفيذي، وأقرب المرشحين لنا هم أصحاب المشروع الإسلامي، الداعمون لتحول البلد نحو تطبيق الشريعة الإسلامية تدريجيا.

* هل يمكن التنسيق بين الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية لدعم مرشح إسلامي، وهل يضمن له النجاح؟

- التنسيق ممكن شريطة أن تقتنع كل التيارات بأن هذا الشخص قادر على قيادة البلاد بغض النظر عن انتمائه الحزبي، وأعتقد أن هذا التنسيق يضمن لهذا المرشح النجاح بنسبة كبيرة على اعتبار أن التيار الذي استطاع الفوز في الانتخابات التشريعية بما يقارب الثلثين يستطيع ترجيح كفه مرشح دون غيره.

* كثر الحديث عن سحب الثقة من حكومة الجنزوري وتشكيل حكومة ائتلافية.. حزب النور مع أم ضد تلك الخطوة؟ ولماذا؟

- حكومة الجنزوري لها سلبيات جمة؛ آخرها تهريب المتهمين الأميركيين، وسنتخذ قرارنا قريبا إما بالإبقاء عليها مع «تعديل مسارها»، وإما تشكيل حكومة ائتلافية، وليس لدينا أي مشكلة للمشاركة في حكومة ائتلافية مع أي قوى سياسية، وليس فقط «الإخوان».. وليس لدينا شروط لذلك.

* لماذا يحرص «النور» على السيطرة البرلمانية على لجنة وضع الدستور؟

- ببساطة لأن الناس اختاروا حزب النور من أجل الدستور، وليس من الطبيعي أن نتراجع أثناء صياغته ونجعل الأقلية هي التي تصوغه.. والمادة (60) من الإعلان الدستوري تنص على أن مجلسي الشعب والشورى هما من يشكلان اللجنة التأسيسية للدستور، لكننا نؤمن بأن الدستور للشعب كله، لذا نحن مع تمثيل مختلف الفئات والمهن في صياغته، وفي حزب النور لدينا طرح للدستور، واطلعنا على أكثر من مشروع دستور مما تم طرحها من قبل، واجتمعنا مع أكثر من جهة من الجهات التي أعدت مشاريع للدستور مثل «بيت الحكمة»، وأعتقد أن 90 في المائة من النقاط متوافق عليها دون خلاف بين الجميع.

* وما هي أبرز النقاط الخلافية بينكم وبين القوى الأخرى حول الدستور المقبل؟

- أعتقد أنه سيكون نظام الدولة.. نحن ندعم النظام البرلماني، لكن بالنقاش أعتقد أننا قد نصل للنظام البرلماني الرئاسي وبيت القصيد سيكون صلاحيات الرئيس، والفارق بين قوة الرئيس وقوة مجلس الوزراء وقوة مجلس الشعب. وسنسعى إلى تقسيم صلاحيات الرئيس على الـ3 جهات لإغلاق الباب على صناعة ديكتاتور جديد وتدعيم دولة المؤسسات.

* وبالنسبة للخلاف حول المادة الثانية للدستور..

- هي ليست خلافية، ولكن الخلاف القائم حاليا حول المبادئ أو الأحكام.. وموقفنا أن كلمة مبادئ سيساء استخدامها في ما بعد.. ومن أجل ذلك إما القول بشكل صريح أحكام لا مبادئ، وإما القول بأن تكون الشريعة الإسلامية هي مصدر التشريع، وهو الأقرب جدا للتطبيق.

* البعض يتخوف من سيطرة تيار الإسلام السياسي على لجنة إعداد الدستور وفرض قيود على الحريات في الدستور الجديد..

- الحريات تتحدد بالحالة المجتمعية نفسها.. والحالة الاجتماعية في مصر محبة للإسلام.. ولنا مطلق الحرية لدعوة الناس بصراحة حول تعاليم الإسلام.. أما بالنسبة للأفعال؛ فلن نفرض شيئا، لأننا نؤمن بأن الشعب مجني عليه وليس جانيا حول وجود تلك المخالفات.. ولن نفرض أي شيء بخصوص الحريات من الحجاب وخلافه.. سنترك للنظام العام والقانون الموضوع على الخلفية الإسلامية للدولة الحكم في المخالفات.

* ما موقف الحزب من أي وضعية خاصة للقوات المسلحة؟

- من ضمن أسباب اعتراضنا على «وثيقة السلمي» وضع امتيازات خاصة للقوات المسلحة، ولن نسمح بأن تكون أي مؤسسة في الدولة لها وضعية خاصة في الدستور المقبل، لأنه سيكون وضعا مشينا بعد الثورة.. وبالنسبة لميزانية القوات المسلحة تناقش سرا داخل لجنة الدفاع والأمن القومي في مجلس الشعب، وسيؤخذ تعهد بعدم إفشاء أسرارها.. ولكن ليس مقبولا أن تكون ميزانية القوات المسلحة أمرا تضعه المؤسسة العسكرية وتناقشه وتراقبه القوات المسلحة.

* كيف ينظر الحزب إلى أزمة السماح للمتهمين الأجانب في قضية المنظمات الحقوقية بالسفر؟

- ننظر إليها باعتبارها أزمة كاشفة.. فالمسألة أعمق من جرح الكرامة.. فالأزمة كشفت لنا أزمة حقيقية في صنع القرار في مصر.. وأثبتت أن البرلمان المصري معزول عن صنع القرار.. كما كشفت أن الحكومة المصرية تخضع للضغط.. كما تم إدخال السلطة القضائية في الأمر، مما أدى إلى اهتزاز الثقة في القضاء حتى النخاع.

* هل ذلك يؤدي إلى تخوفكم على مسار محاكمة رموز النظام السابق أو الانتخابات الرئاسية؟

- بصراحة الوضع مقلق بالنسبة للأمرين.. ولا بد أن تكون هناك ضمانات واضحة لاستقلال القضاء قبل الانتخابات الرئاسية.

* وهل أنتم مع تشديد القيود على عمل المنظمات الحقوقية وعلى مسألة التمويل الأجنبي؟

- نحن نؤيد أن يعمل الكل تحت مظلة الدولة.. وبالنسبة للتمويل، لا بد أن تكون هناك ضوابط.. لا بد أن نعرف كيف يدخل كل دولار لمصر ولمن يوجه وفي أي جهة يصرف.. وأعتقد أن وضع المنظمات الأجنبية الآن يثير الحساسية، وأرى أنه وضع غير مسموح به.. ونريد أن نعرف في أي شيء تعمل المنظمات الأجنبية في مصر.. هذا حقنا.

* بعض التقارير ذكرت أن تمويل بعض الأحزاب الإسلامية يفوق ما تحصلت عليه كل الجمعيات الأهلية في مصر.. هل تخشون إعلان مصادر تمويلكم؟

- لا يوجد أي خشية من إعلان مصادر تمويلنا، ومن يأخذ تمويلا أجنبيا يظهر عليه.. نحن نقيم في فندق 3 نجوم ومعظم دعايتنا الانتخابية كانت قماشا، ومصادر تمويلنا الوحيدة هي اشتراكات الأعضاء البالغة 10 جنيهات فقط (نحو دولار أميركي ونصف الدولار) والكثير منهم لا يقدر على دفعها.. وأوجه مصاريفنا مثبتة ويمكن للجهاز المركزي للمحاسبات مراجعتها.

* هناك دوما مجموعة من التخوفات تدور حول التيار السلفي في مصر، وبخاصة وضع المسيحيين والمرأة؟

- البرلمان وسيلة يراد بها الوصول إلى إصلاح المجتمع ومنها تعديل وضع المرأة التي كانت مظلومة ومضطهدة.. لكن اللوائح ألزمتنا بوضعها على قوائمنا رغم معرفتنا أنها لن تنجح، نحن نملك لجنة للمرأة، وهذه اللجنة تهتم بشؤون المرأة، ورئيستها طبيبة تعمل، وهذه رسالة بأننا لسنا ضد عمل المرأة.. كما أننا سنعمل على تحسين وضع المرأة عبر القوانين وبشتى الطرق المختلفة.

* البعض يتهمكم بالدعوة لحزب النور من فوق منابر المساجد..

- هذا لا يصلح شرعا، لأننا لو اعتبرنا حزب النور شركة تجارية يتم الدعاية لها من المسجد فإن ربطها بالدعوة داخل المسجد يربط نجاحها أو سقوطها بالدين.. وهو أمر غير جائز شرعا، واختلاط ما هو دعوي بما هو سياسي خطأ.. ولا يجوز أن يختلط الاثنان معا، فالسياسة فن قيادة الناس والدعوة هي دعوة الناس إلى الطريق الصحيح، خطابي على المنبر هو خطاب دعوي، ولو استخدمت نفس الخطاب في أثناء قيادة الناس وتوجهيهم في السياسة فسنقع في الخطأ ولن نصل لشيء.. نحن نستخدم السياسة الشرعية.

* ماذا تعني السياسة الشرعية؟

- المبادئ لا مكان لها في السياسة المجردة.. فالكذب وخلافه يمكن أن يكون محمودا في السياسة المجردة.. أما السياسة الشرعية فهي منهج يعتمد على تولي القوي الأمين، ومن الممكن أن تعتمد على المداراة واختيار ألفاظ، لكن تبعد عن الكذب والخيانة.. وهي تخضع للكثير من الاجتهاد.

* ولكن بعض قيادات ومشايخ سلفيين تحدثوا عن أن الدين انتصر بفوزكم في الانتخابات؟

- الناس اختارت من يريد تطبيق الشريعة، وبالتالي هذا انتصار فعلا لمن يريد تطبيق الشريعة.. وهذا لا يعني أننا الشريعة.

* قمتم في الفترة الأخيرة بجهود كبيرة لإثبات انفتاحكم على القوى السياسية، هل ترى أن تلك الجهود أثمرت نتيجة إيجابية؟

- نعم جاءت بنتائج إيجابية، فالقوى السياسية شعرت أننا لسنا متعالين ولا نريد أن نقصي أحدا.. ونحن من نعرض التعاون والتوافق، ذلك رغم أن الطبيعي أن يحدث العكس.. والكثير من التيارات ربما يميل للتعاون معنا الآن أكثر من الحرية والعدالة.