سلفيو مصر يتذمرون من استغلال «الإخوان» نقص خبرتهم السياسية

قيادي بحزب النور يستقيل اعتراضا على «التبعية للإخوان».. ورئيسه: هذا كلام أجوف

TT

جددت استقالة تقدم بها أول من أمس أحد قياديي حزب النور (السلفي) لاعتراضه على ما سماه «تبعية الحزب للإخوان» ما يتردد في أوساط النخبة السياسية في مصر عن أن حزب النور يعيش في ظل الإخوان المسلمين، وأن الأخيرة تستثمر حداثته بالحياة السياسية، في سد هذا النقص وتوجيهه بما يتفق ومصالحها في نهاية المطاف.

من جهته، اعتبر الدكتور عماد عبد الغفور رئيس حزب النور، الحديث عن تبعية حزبه لجماعة الإخوان المسلمين كلاما أجوف، في الوقت الذي تتوجه فيه الأنظار إلى تيار الإسلام السياسي في مصر بجناحيه الإخوان المسلمين، وحزبها السياسي، والسلفيين، الذين يمثلهم عدد من الأحزاب السياسية الإسلامية أبرزها حزب النور، في رسم ما تبقى من خطوات ديمقراطية تترقبها البلاد، خاصة تشكيل لجنة وضع الدستور المقبل، ويرى مراقبون أن وقوف هذا التيار الذي حظي بأكثر من 70 في المائة من أغلبية البرلمان المصري بغرفتيه، خلف مرشح رئاسي بعينه قد يجعله الأولى بالفوز بالمنصب الرفيع، خاصة مع فتح باب الترشح أمس لأول انتخابات رئاسية في مصر بعد الثورة، وسط تدافع من شخصيات سياسية بارزة لإعلان ترشحها.

ولكن انتقادات للنخبة السياسية تترصد هذا التيار خاصة الجناح السلفي منه بسبب مواقفه من الحريات واعتباره الديمقراطية نوعا من أنواع الوصول للسلطة بحسب تصريحات بعض قياداته، وهذه الانتقادات لا تأتي من فراغ، فقد أثارت تصريحات لعدد من القيادات السلفية في مصر عقب ثورة 25 يناير، مخاوف الكثيرين من ضياع حلم الدولة المدنية خاصة تلك التصريحات التي نادت بالتطبيق المشدد للشريعة الإسلامية، كما امتدت لتقييد حرية الفن والسياحة وتكفير بعض المنتمين لتيارات ليبرالية ويسارية.

ويرى مراقبون أن قلة خبرة هذا التيار بالشؤون السياسية مما أنتج تصريحات متضاربة في البداية، قد تجعل هذا التيار يسير وراء «الإخوان» لتدارك نقص الخبرة السياسية لديه. وهو ما تجسد مساء أول من أمس في تقديم الشيخ راضي شرارة، القيادي بحزب النور السلفي، استقالته رسميا من عضوية الحزب، اعتراضا منه على ما سماه «دوران الحزب في فلك جماعة الإخوان، وانتهاجه لما تنتهجه الجماعة من قرارات ومواقف»، معترضا على هيمنة حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية للجماعة، على مقاليد الحياة السياسية في مصر، معتبرا إياه بمثابة إعادة صياغة لسياسات الحزب الوطني (المنحل) الذي حكم البلاد إبان عهد الرئيس المصري السابق مبارك.

من جانبه، قال عماد عبد الغفور، رئيس حزب النور السلفي، إن الحزب لا يسير وراء أي قوى سياسية أو توجه سياسي مهما كان، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «الحديث عن تبعية حزب النور لجماعة الإخوان المسلمين كلام أجوف وغير منضبط»، وتابع عبد الغفور: «أكبر دليل على استقلالية حزب النور عن حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان المسلمين أن الحزب خاض الانتخابات التشريعية في البلاد بقائمة منفردة ضمت قوى أخرى تحت راية حزب النور، ولم نخض الانتخابات تحت عباءة الإخوان أو حزبهم السياسي»، وأضاف عبد الغفور: «حتى قراراتنا في مجلس الشعب منفصلة عن الإخوان ولا نلتزم بخط معين ولكن مصلحة البلاد هي ما يحدد مواقفنا، وكذلك حزب الحرية والعدالة، فمن الطبيعي أن يكون هناك نقاط تشابه ونقاط اختلاف بيننا ولا يجب أن تفسر نقاط التماس على أنها تبعية.. حزب النور كيان كبير لديه 160 عضوا في البرلمان وانفصال شخص أو انسحابه من الحزب هو أمر طبيعي».

وتابع عبد الغفور: «إن الحديث عن أن السلفيين قليلو الخبرة السياسية هو أمر غير حقيقي، لأن الكثير من أعضاء جماعة الإخوان في البرلمان المصري يدخلون البرلمان لأول مرة ولم يتحدث أحد عن أنهم قليلو الخبرة».

من جهتها، تقول الدكتورة نهى بكر، أستاذة العلوم السياسية بالجامعة الأميركية في القاهرة: «هناك كثير من التشابه بين السلفيين والإخوان.. وأدرك السلفيون بذكاء أن خبرتهم السياسية قليلة ويمكنهم الاعتماد على خبرة الإخوان السياسية لتدعيم ما لديهم من نقص، بينما استخدم الإخوانُ السلفيين في كثير من الأحيان كفزاعة لبعض القوى الأخرى».

ويبدو أن بوادر اختلاف شديد بين الإخوان والسلفيين ستظهر على المشهد السياسي المصري بعد أن اختلفا حول لجنة وضع الدستور، حيث رأى حزب الحرية والعدالة أن يكون التشكيل بمعدل 40 عضوا من مجلسي الشعب والشورى، و60 عضوا من خارج البرلمان من الشخصيات العامة، بينما تصر الأحزاب السلفية على العكس، وعلى الرغم من اتفاق الطرفين على أن يكون الرئيس المقبل «ذا خلفية إسلامية»، فإن توجهات كل فريق حول الشخص الذي سيدعمه في انتخابات الرئاسة قد تحدث مزيدا من التباعد بين طرفي الإسلام السياسي في مصر.

وتضيف بكر: «أعتقد أن المزيد من المواقف السياسية والتجارب ستوضح الفروق بين الإخوان والسلفيين، ومن غير الموضوعي الحكم عليهم الآن، وتبعية أحدهما للآخر لن تكون في مصلحة البرلمان المصري ولن تكون في مصلحة كليهما».