أحمدي نجاد لأوباما: اتركوا جميع الخيارات على الطاولة.. حتى تتعفن

البرلمان الإيراني يستعد لاستجوابه الأربعاء.. وانطلاق الجلسة الثانية في قضية الاختلاس الكبرى

الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد يحيي أنصاره الذين تجمعوا في ملعب بمدينة كرج الإيرانية أمس (أ.ف.ب)
TT

يبدو الرئيس الإيراني، محمود أحمدي نجاد، غير مكترث على الإطلاق بالضربات التي يوجهها خصومه له داخل النظام الإيراني، ولا بالهزيمة النكراء التي لحقت به وبأنصاره في الانتخابات التشريعية التي جرت مؤخرا، والتي انتهت بفوز منافسيه من أنصار المرشد الأعلى في إيران، آية الله علي خامنئي. فالرئيس الإيراني يواصل أنشطته، و«بروح عالية»، فهو يستقبل المسؤولين الزائرين لبلاده مع الحرص على التقاط الصور التذكارية معهم وتعلو فمه ابتسامة عريضة، كما يواصل جولاته في المدن الإيرانية للاطلاع على أوضاع الشعب «عن كثب»، غير آبه بموعد استجوابه أمام مجلس الشورى الإسلامي المقرر الأربعاء في وقت يبدو فيه أعضاء المجلس من خصوم الرئيس على أهبة الاستعداد لإطلاق سهام أسئلتهم والسعي لإحراجه خلال جلسة الاستجواب «التاريخية» غير المسبوقة منذ إعلان الجمهورية الإسلامية في 1979.

وحاول رئيس البرلمان الإيراني، علي لاريجاني، أمس، إضفاء صفة «الديمقراطية» على جلسة الاستجواب، ووصف الأمر بأنه «عادي وسلوك ديمقراطي ومنطقي ولا ينبغي تهويله وتعقيده»، في محاولة للتخفيف من وطأة الجلسة واستبعاد أي استهداف شخصي للرئيس الإيراني. وليس من المعروف إن كان أعضاء مجلس الشورى الإيراني سيتطرقون من خلال أسئلتهم إلى قضية الفضيحة المالية التي وصفتها الصحافة الإيرانية بـ«الكبرى»، التي تورط فيها مقربون من أحمدي نجاد وصهره إسفنديار رحيم مشائي، بعد اتهامات باختلاس نحو 2.6 مليار دولار.

وبدأت، أمس، الجلسة الثانية من محاكمة المتهمين بالاختلاس المصرفي الضخم في طهران. وحسب وكالات الأنباء الإيرانية، فقد مثل 29 متهما من الرجال و3 من المتهمات، أمام المحكمة التي شكلت برئاسة القاضي ناصر سراج.

وفي هذه الجلسة، التي حضرها أيضا المدعي العام بطهران، عباس جعفري دولت آبادي، قام القاضي فراهاني، باعتباره ممثلا للادعاء العام، بقراءة لائحة الاتهام، كما حضر الجلسة الثانية من المحاكمة، كل من محامي المتهمين، والممثل القانوني للبنوك والخبراء الرسميون للعدلية.

وبينما انعقدت الجلسة في طهران، أمس، وسط اهتمام الشارع الإيراني بهذه القضية التي قد يواجه معظم المتهمين فيها عقوبة الإعدام، اختار الرئيس الإيراني في تلك الأثناء أن يكون بعيدا عن العاصمة الإيرانية، حيث شد الرحال إلى مدينة كرج غرب طهران عاقدا العزم على التركيز على التهديدات الغربية والإسرائيلية لبلاده بسبب برنامجها النووي وانتقاد «حكام المنطقة»، متجاهلا الخوض في القضايا المحلية التي يعاني منها الإيرانيون، كالفقر والبطالة والتضخم وارتفاع الأسعار الجنوني.

وسعى نجاد إلى تجاهل الهزيمة التي لحقت بأنصاره خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة، وتطرق إلى «عدم شعبية» الحكام في الدول الأخرى في المنطقة، وقال في خطابه إن «اعتماد بعض القوى الغربية على عدد من الحكام الذين لا يتمتعون بقاعدة شعبية ودعم الكيان الصهيون، هو جزء من أخطاء الغرب ف المنطقة»، وأضاف مخاطبا الغرب: «لا تتصوروا أن بإمكانكم ترسيخ موقعكم بسبب أن عددا من حكام المنطقة يتجاوبون معكم، فإن هؤلاء لا يتمتعون بقاعدة بين شعوبهم.. لو أعطيت الحرية لشعوب هذه الدول فإنها ستطيح بحكامها ف غضون يوم واحد»، متجاهلا أو متناسيا المظاهرات العارمة التي انطلقت في أعقاب إعادة انتخابه رئيسا للبلاد في 2009، والتي اعتبرتها المعارضة الإيرانية قد زورت لصالح نجاد.

كما قلل الرئيس الإيراني من أهمية تهديدات القوى العالمية الكبرى بشأن برنامج إيران النووي. وقال بلهجة لاذعة، في خطاب ألقاه أمام أهالي مدينة كرج، لبث الطمأنينة فيهم بشأن التقارير المتكررة عن قرب توجيه ضربة عسكرية إسرائيلية إلى مواقع نووية في بلاده: «إنهم يقولون إن جميع الخيارات مطروحة.. دعوها (الخيارات) على الطاولة حتى تتعفن.. وستتعفنون أنتم أيضا (القوى العالمية)». وجاءت كلماته تلك في رد ضمني على تصريحات الرئيس الأميركي، باراك أوباما، أمام رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في البيت الأبيض الأسبوع الماضي، حول أن جميع الخيارات في التعامل مع طموحات إيران النووية ما زالت على الطاولة، وهي الدبلوماسية والحوار والعقوبات والضغوط، والخيار العسكري أيضا.

وقال الرئيس الإيراني، في خطابه الذي بثه التلفزيون الرسمي الإيراني، إن «جميع هذه التهديدات مجرد حرب نفسية، وبما أن الاقتصاد قوي، فإن إرادة الشعب قوية أيضا، وسوف تتغلب الحكومة في النهاية على جميع المشكلات». وأضاف أن «القوى العالمية تريد الانتقام من الأمة الإيرانية لمقاومتها وتقدمها التكنولوجي، ولكن كل هذه التهديدات سوف يتضح في النهاية أنه لا طائل منها». وتابع قائلا إنه إذا أرادت القوى العالمية التوصل لتسوية بشأن النزاع النووي، فعليها أن تتخلى عن تهديداتها وتحترم الحقوق المشروعة لإيران.