محكمة عسكرية مصرية تبرئ المتهم في قضية «كشوف العذرية»

قوى سياسية تدعو لوقفات احتجاجية وتصف الحكم بـ«الصادم».. وحقوقيون يلوحون بتصعيد دولي

الناشطة المصرية سميرة إبراهيم التي أقامت الدعوى ضد المجلس العسكري الحاكم تبكي عقب تبرئة المجند الطبيب أمس (أ.ف.ب)
TT

برأت محكمة عسكرية مصرية، أمس، طبيبا مجندا بالجيش المصري من تهمة ارتكاب فعل مخل بالحياء من خلال الكشف قسرا على عذرية ناشطات بعد القبض عليهن في ميدان التحرير في مارس (آذار) الماضي، واستندت المحكمة في حكمها ببراءة الطبيب المجند إلى تناقض أقوال الشهود في القضية، وهو ما أثار غضبا واسعا داخل الأوساط السياسية والحقوقية، التي هددت بتصعيد القضية دوليا.

وعقب نطق المحكمة ببراءة المجند الطبيب أحمد عادل محمد الموجي (27 عاما)، من تهم توقيع كشف على عذرية ناشطات مصريات تم احتجازهن في السجن الحربي عقب اعتقالهن من ميدان التحرير في 9 مارس الماضي، انفجرت في البكاء والصراخ الناشطة المصرية سميرة إبراهيم، التي أقامت الدعوى ضد المجلس العسكري الحاكم تتهمه بانتهاك حقوقها الآدمية أثناء احتجازها على يد قوات الجيش. وقالت سميرة، تعليقا على الحكم عقب مغادرتها قاعة المحكمة: «إن هذا الحكم ظالم ومسرحية هزلية».

وقالت تقارير حقوقية: إن 17 ناشطة ألقي القبض عليهن خلال اعتصام في ميدان التحرير، وإن 7 منهن أدعين أنهن تعرضن لكشف العذرية. كانت النيابة العسكرية قد خففت التهمة الموجهة للمجند من «هتك عرض» إلى «ارتكاب فعل مخل بالحياء»، وهو ما قوبل باعتراضات واسعة من جانب منظمات حقوقية تتبنى القضية، خاصة بعدما استبعدت النيابة العسكرية توجيه اتهامات لعدد من ضباط القوات المسلحة استمعت إلى أقوالهم خلال التحقيقات.

وتظاهر عشرات النشطاء أمام مقر المحكمة احتجاجا على الحكم، ورددوا شعارات تهاجم المجلس الأعلى للقوات المسلحة (الحاكم)، وساندت عدة ناشطات مصريات سميرة إبراهيم في قضيتها، وقمن بتنظيم وقفة احتجاجية أمام مقر وزارة الدفاع المصري، أمس، احتجاجا على سياسات المجلس العسكري والحكم ببراءة المتهم.

وألزمت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة في حكم لها، نهاية الشهر الماضي، المجلس العسكري بالتوقف عن إجراء كشوف العذرية للناشطات الموقوفات، واحتج مصريون قبل 3 أشهر ضد ما سموه انتهاكات المجلس العسكري ضد فتيات مصر وكانت آخرها واقعة سحل إحدى الفتيات وتعريتها في ميدان التحرير نهاية السنة الماضية.

إلى ذلك، أعلنت عدد من المنظمات الحقوقية أنها تدرس اللجوء إلى المحاكم الدولية ومقاضاة السلطات المصرية بسبب ما وصفه حقوقيون بـ«إغلاق القضية أمام القضاء المحلي».

من جانبه، وصف حافظ أبو سعدة، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، قرار المحكمة بالصادم، قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «إن القرار جاء صادما ولم نتوقعه بالمرة، خاصة مع توافر جميع الأدلة والشهادات على واقعة كشوف العذرية لسميرة ولغيرها من الفتيات، والمفاجأة هي التي سيطرت علينا تماما إزاء حكم المحكمة، ويمكن اعتبار الحكم انتهاكا واضحا للقانون وحقوق الإنسان». وتابع: «لن نصمت إزاء هذا الحكم، وأمامنا فرصة مبدئية لتقديم طعن على الحكم أمام النيابة العسكرية، مع الأخذ في الاعتبار ضرورة الاطلاع على حيثيات الحكم التي قد تكون صدرت بناء على أسباب إجرائية».

من جانبه، أشار نجاد البرعي، المحامي والحقوقي المصري، إلى أن قرار المحكمة غير مفهوم حتى الآن، قائلا: «إن حكم البراءة قد يكون صدر ضد المتهم ويعني أنه ليس هو تحديدا من قام بهذه الفعلة، لكنه لا ينفي وجود الفعلة من الأساس، خاصة أن المحكمة اعترفت بالواقعة ولم تنفها».

وقال البرعي لـ«الشرق الأوسط»: «أقدر الحالة النفسية السيئة لسميرة، لكن عليها أن تتروى لمعرفة من المتهم الحقيقي وراء هذه الواقعة المؤسفة أولا، فلن يسعدها أن يصدر حكم قضائي على شخص بريء».

من ناحيته، أكد اللواء عادل محمود المرسي، رئيس هيئة القضاء العسكري، أن القضاء العسكري شأنه شأن القضاء العادي لا يتأثر بالرأي العام ولا يخضع لضغوط أيا ما كانت، فالقاضي لا يحكم إلا بما يمليه عليه ضميره وبما هو ثابت بالأوراق، وناشد أجهزة الإعلام ألا تتناول القضايا المطروحة على ساحات المحاكم وتترك القاضي وشأنه، فهو لن يحكم إلا بضميره ووجدانه، وهو ملزم، في جميع الأحيان، بالضوابط المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية وقانون القضاء العسكري، وبما هو مستقر عليه في قضاء النقض وقضاء المحكمة العليا للطعون.

ودعت عدة حركات سياسية مصرية إلى تنظيم وقفة احتجاجية أمام دار القضاء العالي بالقاهرة لتأييد موقف الناشطات المصريات.

من جانبها، دعت حركة «كفاية» إلى تنظيم مسيرة إلى وزارة الدفاع اعتراضا على قرار المحكمة وتبرئه الجناة الذين لوثوا شرف فتيات مصر، بحسب قولهم.