المجلس الوطني رافضا تدخل القرضاوي: وصايته شوشت على دعم الإمارات لثورة سوريا

الزياني يندد بتصريحات المتحدث باسم الإخوان المسلمين.. وغضب خليجي

صورة أرشيفية للشيخ القرضاوي إبان حضوره مؤتمر القدس بالدوحة في فبراير الماضي (أ.ف.ب)
TT

رفض المجلس الوطني السوري تصريحات يوسف القرضاوي عن السوريين الذين ألغيت إقاماتهم بدولة الإمارات العربية المتحدة، واصفا تدخل شخصيات عامة في هذا السياق بـ«الوصاية على السوريين».

واعتبر المجلس السوري في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أن تدخل شخصيات عامة بالوصاية أحدث لغطا كبيرا شوش على سياسة دولة الإمارات في دعمها ووقوفها مع نضال الشعب السوري في ثورته.

وأثارت تصريحات القرضاوي باب الجدل، خاصة عقب اتساع دائرة التصعيد على لسان محمود غزلان، المتحدث الرسمي باسم جماعة الإخوان المسلمين، الذي دعا لتحرك إسلامي ضد الإمارات حال اعتقال القرضاوي ردا على تصريحات ضاحي خلفان، القائد الأعلى لشرطة دبي الذي وعد بملاحقة القرضاوي عن طريق الإنتربول الدولي.

وفي هذا الصدد، أصدر المجلس الوطني السوري بيانا توضيحيا بشأن مسألة التوسط حول إلغاء إقامة سوريين في الإمارات، حاثا الجالية السورية على احترام قوانين الإقامة واحترام قوانين البلد المضيف.

وقال المجلس الوطني في بيانه: «أثارت قضية إلغاء إقامة بعض السوريين المقيمين في دولة الإمارات والمداخلات الخارجية التي حصلت بشأنها من قبل بعض الشخصيات العامة لغطا كبيرا شوَّش على سياسة دولة الإمارات الثابتة في دعمها لقضية الشعب السوري ووقوفها مع ثورة الحرية والكرامة، كما أساءت إلى قضية السوريين المقيمين في الإمارات».

وأفاد المجلس الوطني السوري أنه «إذ يأسف لما حصل، يدعو جميع السوريين المقيمين في الإمارات إلى الالتزام الدقيق بقوانين البلاد وأعرافها، كما يأمل أن تعامل دولة الإمارات وحكومتها إخواننا الذين ألغيت إقاماتهم بروح الأخوة والتسامح، آخذين في الاعتبار الوضع المأساوي الذي يعيشه الشعب السوري اليوم نتيجة القمع الوحشي الذي يمارسه النظام القائم».

وأشار البيان الصادر إلى أن «الأخوة التي جمعت دائما شعب الإمارات والشعب السوري في الماضي هي مثال للأخوة الصادقة، وهي كانت ولا تزال وسوف تستمر في المستقبل، ولا يمكن أن تتأثر بحادثة عرضية. وإن المجلس الوطني يريد أن يخرج من هذه الحادثة المؤسفة بالتعبير عن شكره الجزيل لما تقدمه حكومة الإمارات وشعبها المضياف من الدعم والتأييد المستمرين لشعبنا السوري في كفاحه المرير من أجل الحرية».

وأوضح المجلس أنه «لم يطلب مثل هذا التدخل، خاصة أننا لا نحتاج لأي وساطة مع دولة الإمارات التي تربطنا بها علاقات وثيقة قائمة على التعاون والتفاهم الأخويين»، وأضاف البيان: «كم كان المجلس الوطني ورئيسه يتمنيان على فضيلته عدم زجّ اسم المجلس أو رئيسه في مواقف خلافية لا تعبر عن موقفنا ولا تفيد في تطوير علاقتنا الأخوية الثابتة مع دولة الإمارات».

يذكر أن الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الدكتور عبد اللطيف بن راشد الزياني، كان قد ندد بالتصريحات التي صدرت عن محمود غزلان الناطق الرسمي باسم جماعة الإخوان المسلمين في جمهورية مصر العربية، تجاه دولة الإمارات العربية المتحدة، ووصفها بأنها تصريحات غير مسؤولة وتفتقد إلى الحكمة وتتعارض مع ما يربط الشعوب العربية والإسلامية من روابط وصلات مشتركة، كما أنها لا تخدم الجهود التي تبذلها دول مجلس التعاون وجمهورية مصر العربية لتعزيز علاقاتهما التي ترسخت على قواعد متينة عبر السنين.

يشار إلى أن محمود غزلان هدد في وقت سابق بأن يتحرك العالم الإسلامي بأسره، وليس جماعة الإخوان فحسب، ضد الإمارات، للذود عن الشيخ يوسف القرضاوي في حال اعتقاله، بعد أن هدد القائد العام لشرطة دبي، الفريق ضاحي خلفان، بملاحقة القرضاوي عن طريق الإنتربول، وذلك بعد ظهور الأخير في حلقة تلفزيونية انتقد فيها قرار الإمارات بترحيل سوريين شاركوا في مظاهرة خارج مقر قنصلية بلادهم في دبي.

وأكد الزياني أن ما يمس الإمارات العربية المتحدة يمس دول مجلس التعاون جميعا، مؤكدا في الوقت ذاته رفض دول المجلس واستنكارها التهديدات التي أطلقها محمود غزلان والتي تأتي مخالفة تماما لكل الجهود والمساعي، التي تعمل على توحيد الصف العربي والإسلامي ونبذ الانقسام، إضافة إلى أنها «تتجاهل احتضان الإمارات للعرب وتبنيها قضايا العالم العربي في جحود يستنكره كل عاقل»، مشيرا إلى أن مثل هذه التصريحات من مسؤول حزبي كبير مستهجنة وغير مسؤولة، وأنها لا تنبئ عن نوايا طيبة ضد حكومات وشعوب المنطقة.

من جهته، طالب وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان الحكومة المصرية بأن توضح موقفها من تصريحات المتحدث الرسمي باسم الإخوان المسلمين محمود غزلان، التي وصفها بالمستهجنة تجاه الإمارات.

وأضاف في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، مساء السبت: «أتمنى على الحكومة المصرية الشقيقة أن توضح موقفها من تصريحات غزلان المستهجنة تجاه الإمارات». وتابع في تدوينة أخرى: «ما صرح به غزلان دليل على نية سيئة، مع الأسف.. فكر لا تستحقه مصر الغالية».

وحول ما إذا كان الأمر يستدعي تدخل مجلس التعاون الخليجي في الرد على جماعة الإخوان المسلمين، بدأ الدكتور وليد السديري، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الملك عبد العزيز، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، متسائلا حول: هل كان الأمر يستدعي أساسا أن يصدر تصريح رسمي من مصدر مسؤول في الجماعة ضد دولة الإمارات الشقيقة؟ مؤكدا أن هذا هو مصدر المشكلة والتصعيد.

وقال السديري: «القرضاوي بدأ بالتعرض لقرار سيادي بطريقة خطابية غير ملائمة، وخلفان رد عليه ولم يكن تصريحا أو موقفا رسميا للإمارات، ولم يكن للجماعة أن تتدخل بهذه الطريقة»، مؤكدا أن «جماعة (الإخوان) اليوم ليست في وضعها السابق، حيث أصبحت حزبا سياسيا له وضعه في السلطة في مصر الشقيقة وفي غيرها من الدول العربية، ويجب على رموزها ومتحدثيها الرسميين أن يرتقوا لمستوى مسؤولية هذا الواقع الجديد، ولم يعد هناك متسعا للعذر في تصريحاتهم الانفعالية كما كان يحدث في الماضي تعاطفا مع واقعهم الصعب، فعليهم أن يدركوا خطورة وتبعات ما يدلون به».

وأوضح السديري الذي يشغل منصب رئيس «بيت الخبرة لدراسات السياسة العامة» في السعودية، أن «المنطقة تمر بتحديات صعبة، تستدعي من دول المجلس؛ بل ومن جميع الدول العربية، مزيدا من التنسيق والتعاون والتوحد في المواقف والسياسات»، معتبرا ذلك «مطلب للجميع، خاصة أبناء دول المجلس. وتعاون دول المجلس في النهاية لا يصب في مصلحة وحماية المجتمع الخليجي ودوله فقط، بل إن إيجابياته تمتد لتحقق مصالح للمجتمعات والدول العربية بأكملها. من هنا، أرى أن توحيد الموقف الإعلامي الخليجي في القضايا الأساسية مهم، وهو يعبر عن توافق وتوحد في الموقف السياسي، وهو الأهم. والمرحلة تتطلب القوة في ذلك».

وحول ما إذا كانت ثمة بوادر تأزم، قال السديري: «يجب تغليب الحكمة بأن لا يكون هناك تأزم، والأمر بالدرجة الأولى يعتمد على توجهات وسلوك جماعة الإخوان المسلمين، وأتحدث عن الجماعة هنا ككيان سياسي تحديدا، التي أرى أن على حكمائها وعقلائها واجبا كبيرا في أن يعوا خطورة المرحلة وما يدور حولنا».

وذكر السديري، أنه مع صعود «الإخوان» سياسيا، «يزيد على أثر ذلك حجم المسؤولية والمساءلة، والجميع يراقبهم ويطالبهم ويتوقع منهم توخي الحكمة وأقصى درجات المسؤولية في تصريحاتهم وسلوكهم. فهم أصبحوا في السلطة الآن، وليسوا جماعة خارجها؛ ولتصريحاتهم ومواقفهم تبعاتها، وواجبهم اليوم أن يتكيفوا مع وضعهم الجديد، وأن يكونوا واقعيين أيضا في تطلعاتهم».

وأكد السديري «وجود خشية حقيقية من أن تدفع الأزمات الداخلية التي تشهدها مصر الحبيبة إلى مزايدات سياسية وإعلامية واختلاق أزمات خارجية. وكما تساهم الجماعة في بناء مصر الجديدة، عليها بقدر أكبر واجب أن تعيد النظر في فكرها وتنظيمها وأساليبها لتعمل في إطار سياسي مشروع وشفاف»، مطالبا الجماعة بأن «تلعب دورا رئيسيا في طمأنة الجميع؛ ليس كتكتيك مرحلي، وإنما تغير حقيقي تتطلبه معطيات الواقع وحماية مصالح الأمة العربية والإسلامية. وإذا لم تسعَ الجماعة بإيجابية في تحقيق التعاون وتنمية العلاقات العربية والإسلامية بما يخدم ويحترم مصالح الجميع، فلن تضيف للسياسة العربية سوى عبء وصفحة مؤلمة جديدة. ودول مجلس التعاون الخليجي اختبار جيد لمصداقية الجماعة في ذلك، فالمعروف عن دول المجلس أن ذراعيها مفتوحتان للتعاون والعلاقات البناءة، وأنها سند وفيّ ومفيد».