زيباري: الشأن السوري سيكون مثار اهتمام القمة العربية.. ومطمئنون حول التمثيل

قال لـ «الشرق الأوسط» إن لقاء لافروف كان «حادا أحيانا» ولكنه خطوة إلى الأمام.. والتحول في الموقف الصيني أكبر

TT

جسد اللقاء العربي - الروسي في القاهرة أول من أمس نقطة مهمة في تحديد الموقف الروسي تجاه سوريا، ولكن كان الاجتماع «حادا أحيانا» بحسب وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري الذي كشف في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط» تفاصيل ما دار في الاجتماع بين وزراء الخارجية العرب ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف. وقال زيباري إن أهم ما جاء في البيان التوافقي العربي - الروسي هو آخر النقاط التي تتحدث عن مهمة كوفي أنان ومرجعية المهمة المستندة إلى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة والمبادرة العربية. وبالإضافة إلى المتابعة الحثيثة للملف السوري، ينهمك وزير الخارجية العراقي حاليا بالاستعدادات العراقية لاستضافة القمة العربية في بغداد يوم 29 مارس (آذار) الحالي. وبينما من المتوقع زيارة الأمين العام لجامعة الدول العربية بغداد قريبا لاستكمال الاستعدادات قبل عقد القمة، أكد زيباري أن إعادة هيكلة الجامعة العربية على رأس القضايا المطروحة. وفي ما يلي نص الحوار الذي دار في القاهرة:

*ما هي أسباب زيارة الدكتور نبيل العربي للعراق قريبا؟ وهل تتعلق بالترتيبات النهائية للقمة العربية المقرر انعقادها ببغداد في الـ29 من الشهر الحالي، أو التشاور حول جدول الأعمال؟

- هناك زيارة مرتقبة للأمين العام لبغداد لوضع اللمسات النهائية على تحضيرات القمة، وخاصة أن جدول الأعمال قد أقر بالأمس خلال الاجتماع الوزاري العربي، وهو مركز وغير مفتوح.. ويركز على مواضيع أساسية تتعلق بالأوضاع الحالية في العالم العربي وإعادة هيكلة الجامعة العربية والصراع العربي - الإسرائيلي ومستقبل إقامة دولة فلسطين، بالإضافة إلى القضايا الاقتصادية ونتائج القمم المتعلقة بهذا الشأن في إطار الاستعداد للقمة الاقتصادية المقبلة التي من المقرر أن تعقد بالرياض. وكذلك (سيتم بحث) مواضيع مكافحة الإرهاب والفتاوى التي تدعو إلى التطرف والتشدد وإلى التكفير، وهذا مطلب عراقي.

*وماذا عن البنود المزمنة التي تطرح باستمرار على جدول أعمال القمة العربية؟

- الاتفاق هو أنه في حالة رغبة بعض الدول في إضافة بنود ترى أنها مهمة على جدول أعمال القمة يمكن ذلك قبل انعقاد القمة بفترة، لأن جدول الأعمال لن يكون مفتوحا على مصراعيه لكل القضايا المهمة والأقل أهمية وكما ذكرت في القائمة ستكون هذه القضايا الأساسية التي ستطرح على القمة، وكذلك موضوع تطورات الأزمة السورية وهو موضوع عربي ودولي وضاغط على مدار الساعة وسيكون مثار اهتمام للقمة.

*ما هو برنامج الأمين العام للجامعة في العراق؟

- سيلتقي بالقيادة العراقية واللجنة التحضيرية التي دعت للمؤتمر ووضع اللمسات النهائية.

*هل ستعقد الاجتماعات التحضيرية للقمة الخاصة بالوزراء في مقر الجامعة العربية على أن تعقد القمة لمدة يوم واحد في العراق؟

- اجتماعات المندوبين وكبار المسؤولين التحضيرية سوف تعقد في مقر جامعة الدول العربية، وسوف تعقد اجتماعات وزراء الخارجية والاقتصاد يومي 27 و28 في بغداد وصولا إلى انعقاد القمة يوم 29 مارس.

*هل وصلتكم تأكيدات من الدول العربية على مستوى التمثيل أم أنه من المبكر الحديث عن ذلك؟

- بعد إرسال الوفود العراقية إلى العواصم العربية لتوجيه الدعوات ومن خلال الاتصالات واللقاءات اليوم مع الإخوة الوزراء وممثلي الدول العربية والاستفسارات مع الأمانة العامة للجامعة وصلتنا إجابات مطمئنة بمستوى التمثيل والمشاركة، وبالأمس كان لدينا جلسة عمل مطولة مع الأمانة العامة للجامعة العربية حول المزيد من النقاش لضمان نجاح القمة والاستجابات وردود الفعل والمشاركة، وكلها إيجابية ولا يوجد أي تحفظ أو امتناع.

*لكن تردد أن المؤكد مشاركة الرئيس التونسي والكويتي وغيرهما.

- المشاركة على مستوى عال ومعقولة.

*من هم ضيوف القمة؟

- هناك أربع منظمات مدعوة للمشاركة هي الأمم المتحدة، و(الأمين العام للأمم المتحدة) بان كي مون أكد أنه سيشارك، والاتحاد الأوروبي، والاتحاد الأفريقي، ومنظمة التعاون الإسلامي.

*هل ستكون إيران من بين المدعوين؟

- لا، القمة ستكون عربية ومقتصرة على الضيوف الذين أشرت إليهم مع عدم التمييز بين الدول في المشاركة، وربما أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمدون في بغداد يحضرون الجلسة الافتتاحية.

*ما مدى صحة ما تردد بأن القائمة العراقية كشفت عن مخطط لاغتيال الدكتور إياد علاوي ولا تستبعد صلته بالقمة العربية؟

- حقيقة هناك جو من الإشاعات والإثارة والاتهامات، وهذا قدر الديمقراطية العراقية، لكن القضايا الأساسية تم معالجتها. والحكومة الحالية ممثلة لجميع الفئات خاصة بعد عودة نواب ووزراء القائمة العراقية وقد جرى حل الجزء الأكبر من الإشكالية. وهناك قضية (نائب الرئيس العراقي) طارق الهاشمي التي تعد قضائية بحتة، وأيضا هناك جهود لعقد مؤتمر للحوار الوطني العراقي، وهناك لجان تعمل في هذا الاتجاه في سبيل تعزيز المشاركة الوطنية وتمثيل الجميع في كل مؤسسات الدولة وعدم تهميش أي طرف أو مجموعة، وأن العراق للجميع والكل يجب أن يساهم ويشارك فيه، ولذلك فهذه المحاولات مستمرة. كما أن عقد القمة في العراق وحصولها على هذا الاستحقاق ساهم أيضا في تخفيف التوتر السياسي، والجميع يؤيد عقد القمة على المستوى الشعبي والسياسي. صحيح هناك أصوات نشاز، لكن الخط العام إيجابي جدا وهو مؤيد ومشجع وهناك تفاؤل. ونحن نرى أن انعقاد القمة في العراق مهم في اتجاهين هما اندماج هذا البلد في محيطه العربي والإقليمي بعد أن تعافى وخرج من مخاض مؤلم وعسير جدا، وعقد القمة سيكون مؤشرا على أن العراق عاد بكل ثقله وقوته إلى المجموعة العربية. والنقطة الثانية هي زيادة ثقة العالم بالبلد دوليا وإقليميا في كل المجالات.. في العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والتجارية والاستثمار وكل ذلك يعزز من مكانته، وكذلك الأمر مهم بالنسبة للدول العربية فمؤسسة القمة يجب أن تكون قائمة ومستمرة والقادة العرب والدول العربية في حاجة أن تعقد قمة في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها الشعوب العربية نتيجة ثورات «الربيع العربي» والانتقال الحاصل في العديد من هذه الدول والتي تحتاج بالضرورة إلى رؤية مشتركة أو تعاون في هذا المجال، وكذلك بسبب الظروف الراهنة في سوريا والتوتر الحاصل مع إيران لذلك هناك تركيز دولي وعالمي كبير جدا على هذه القمة، والجميع يقول عنها إنها ستكون قمة نوعية بحكم الظروف المستجدة. ونرى أن انعقاد القمة مهم للجامعة العربية واختبار إمكاناتها مع التحولات والتغيرات التي تمر بها المنطقة والمطروح أيضا أن الجامعة تستطيع أن تغير أو تبدل سياساتها وآلياتها وطريقة اتخاذ القرارات ووسائل تنفيذها وميزانيتها ومواردها، إلى آخره. وبالتالي أعتقد أن انعقاد القمة والحفاظ على دوريتها مفيد ومهم لجميع الأطراف.

*متوقع أن تحدث موافقة على الهيكلة الجديدة التي سيقدمها الأمين العام للقادة العرب؟

- هناك لجنة تشكلت برئاسة الأخضر الإبراهيمي وتعمل منذ فترة وأعتقد أن قمة بغداد ستعرف بأنها قمة إعادة هيكلة الجامعة ومنظومة العمل العربي المشترك، وهذا شيء مهم جدا.

*ماذا عن الاستعدادات الأمنية لتأمين القمة؟

- كل جهد الدولة العراقية منصب في سبيل ضمان أمن القادة والوفود والمنشآت والمواقع التي سوف تعقد فيها القمة، وما يثار في هذا الجانب نوع من الإثارة، أما مسؤولية أمن القمة ومواقعها وطرقها ومنشآتها فمضمونة 100 في المائة.

*ماذا عن آفاق الانفتاح الذي تشهده العلاقات السعودية - العراقية؟

- بالتأكيد هناك انفتاح في العلاقات وتطور وبوادر طيبة من المملكة العربية السعودية بعد تسمية سفير غير مقيم وبعد زيارات ميدانية لمسؤولين أمنيين عراقيين إلى السعودية، فقد ذهب وزير العدل العراقي إلى السعودية لتوقيع مذكرة تفاهم بشأن تبادل المحكومين والسجناء، وبالتالي فكل الأجواء إيجابية، حتى خلال الاجتماع الوزاري لدول مجلس التعاون الخليجي الأخير الذي انعقد في الرياض كانت تصريحات سمو الأمير سعود الفيصل بالمشاركة والحضور في قمة بغداد إيجابية.

*إذن، العلاقات السعودية - العراقية أخذت الطريق الصحيح سياسيا وأمنيا بما يؤشر للتعاون الثنائي من دون سقف بين البلدين؟

- هي بالفعل تسير على الطريق الصحيح وقد تلقيت اليوم تطمينات من سلطنة عمان التي ستسمي سفيرا غير مقيم في العراق قريبا.

*ماذا عن زيارة رئيس الوزراء نوري المالكي للكويت؟

- هي زيارة مقررة يوم 14 من الشهر الحالي مع وفد وزاري يرافق رئيس الوزراء يضم وزراء الخارجية والنقل والمالية والنفط، وهناك تحضير لهذه الزيارة وقد بحثت على هامش اجتماعات الجامعة مع الشيخ الصباح الخالد الصباح هذه الترتيبات، والنقطة الأساسية هي التأكيد على حسن نية العراق في التعامل مع كل القضايا العالقة مع الكويت وأهمية التعاون المشترك من أجل التغلب على جروح الماضي.

*من المفارقات أن العراق سيكون رئيسا للقمة العربية والكويت رئيسا للدورة الراهنة لمجلس الجامعة العربية، وهذا يقتضي رفع وتيرة التعاون والعمل المشترك بينكما خلال هذه المرحلة.

- بالضبط هذا بالفعل يقتضي التعاون والتنسيق المشترك، وهذا ما قمنا ببحثه اليوم مع وزير الخارجية الكويتي الشيخ الصباح الخالد الصباح، كما أكد أمير الكويت أنه سيشارك شخصيا في مؤتمر القمة، ومن ثم نحن نتطلع إلى أن تكون زيارة رئيس الوزراء نوري المالكي للكويت بادرة طيبة لوضع آلية لمعالجة كل القضايا الثنائية بين البلدين وإرسال رسائل إلى دول الخليج العربي والدول المجاورة للعراق برغبة الحكومة العراقية في التعاون المشترك والاحترام المتبادل وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، وبالتالي ستكون زيارة المالكي للكويت مهمة بكل تأكيد.

*أعلن العراق مؤخرا أنه قام بتشديد الأمن على الحدود العراقية - السورية، هل من تطورات تضر أمن العراق بسبب تداعيات الوضع وخطورته في سوريا؟

- صحيح قمنا بتشديد التأمين، علما بأن الحدود محكمة بنظام تأمين عال منذ السنوات السابقة، لأنها كانت المنفذ لدخول العديد من المجاميع المسلحة والإرهابيين والانتحاريين لذلك قمنا بوضع، سواتر ترابية، ومخافر للمراقبة كما دفعنا بتعزيزات أخرى لأن المنافذ الحدودية ما زالت مفتوحة وهناك تبادل وتعاون وهجرة عكسية من العراقيين الموجودين في سوريا إلى العراق وقد بدأت مئات العوائل في العودة.

*هل معظمهم من البعثيين؟

- معظمهم من الذين تركوا العراق بعد أحداث 2003، أي بعد سقوط النظام السابق، وهذا مؤشر يؤكد أن أبناء العراق يرون أن بلدهم أكثر أمنا من سوريا.

*هل تعتبر أن نقاط التوافق الخمس التي أسفر عنها اللقاء العربي - الروسي والقرار الصادر عن وزراء الخارجية العرب ترقى إلى مستوى المخاطر التي يتعرض لها الشعب السوري؟

- حضرت اللجنة الوزارية العربية المعنية بسوريا مع الوزير الروسي سيرغي لافروف وكان الاجتماع صريحا وواضحا حول ردود الفعل العربية من الموقف الروسي وكان النقاش صريحا للغاية في الجلسة المغلقة غير المعلن، حيث أوضح الجانب العربي أن روسيا كانت دائما مع القضايا والشعوب العربية، لكن في الموضوع السوري اتخذت موقفا مغايرا بعكس رغبة الكل وهناك تباعد بين موقف روسيا ومواقف الدول العربية. ولا أحد يريد لهذا التباعد أو الانقسام أن يتوسع وقد خلقت تصورات معينة من وسائل الإعلام العربية بأن روسيا ضد الموقف والمبادرة العربية وضد طموحات الشعب السوري في الحرية والديمقراطية ومن ثم كان الهدف من زيارة الوزير الروسي هو تصحيح هذه الصورة والتوصل إلى تفاهم مع الدول العربية للمزيد من التنسيق، وكان مطلوبا من اللجنة الوزارية والأمانة العامة إجراء تشاور مكثف مع الصين وروسيا قبل الذهاب إلى مجلس الأمن في المرة الأولى وقد تحدثت عن هذه النقطة في الاجتماع. وأكدنا أيضا على أن يكون هناك حل سياسي، وتحديد ما هو دور روسيا للمساهمة في الحل السياسي. إذن النقاط الخمس التي أسفر عنها الاجتماع الوزاري العربي مع الوزير الروسي صدرت بعد نقاش يمكن وصفه بأنه كان حادا أحيانا.

*لكن من الملاحظ أن النقاط الخمس التي صدرت عن الاجتماع الوزاري العربي مع الوزير الروسي سيرغي لافروف لم تأت بجديد.

- لا، فيه تفاصيل جديدة وأهم نقطة هي آخر نقطة في هذه النقاط والتي تتعلق بمهمة المبعوث المشترك للأمم المتحدة والجامعة العربية، ومرجعيات عمله المستندة إلى قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ومبادرة الحل العربي. وقد حدث اتفاق على مواصلة التشاور، وللحقيقة لا نستطيع القول إن الموقف الروسي تغير بالكامل وإنما تحسن خطوة وهو بداية تفهم للموقف العربي.

*هل هذا التحسن يرجع إلى تأكيد القرار العربي برفض عسكرة الأزمة؟

- بالفعل هناك تأكيد جماعي لرفض استخدام التدخل الخارجي والعسكري، وأن القرار النهائي هو للشعب السوري، فهو الذي يقرر مصيره ومستقبله ونظامه السياسي واختيار حكامه، كما أكد الجميع أنهم ليسوا في موقع يجعلهم يفرضون على الشعب السوري حكما معينا أو أن نوصي بمن يحكم سوريا، هذا القرار يملكه الشعب فقط. وأيضا عرفنا أن هناك تحولا أو تطورا في الموقف الصيني من خلال رسائل واتصالات مع الجانب العربي.

*هل التحول الصيني بنفس القدر في الموقف الروسي؟

- التحول في الموقف الصيني ربما أكبر.

*إذا فشل كوفي أنان في مهمته خاصة في ما يتعلق بوقف إطلاق النار والتمكن من وصول المساعدات الإنسانية والإغاثة، فهل يعرض الأمر على مجلس الأمن لإصدار قرار بهذا الشأن؟

- يوجد حاليا مسودة مشروع مقترحة مخففة من الأميركيين تطالب بأمرين هما وقف العنف وإيصال المساعدات الإنسانية. وهناك بعض المؤشرات التي تؤكد احتمال الموافقة على إصدار قرار من المجلس في هذا الاتجاه. أما حاليا فكل الأنظار مركزة على مهمة أنان وعلى الجانب الإنساني وعلى إيصال المساعدات إلى المحتاجين والمناطق المتضررة.

*هل كانت هناك لغة حادة بين كل من رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف؟

- كانت هناك أسئلة وأجوبة لأكثر من مرة واحتد النقاش حتى توصلنا إلى الصيغة التوافقية التي برزت في النقاط الخمس.