إدلب تحيي الذكرى الـ32 لمجزرة «جسر الشغور» وسط مخاوف من تكرارها

ناشط لـ«الشرق الأوسط»: النظام يواجه هذه المرة السوريين جميعا

TT

خصصت المعارضة السورية يوم السبت مظاهراتها المطالبة بإسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد لإحياء ذكرى مجزرة جسر الشغور التي ارتكبتها عناصر من الجيش السوري سنة 1980 خلال الصراع المسلح بين النظام وتنظيم الإخوان المسلمين، وراح ضحيتها نحو 800 ضحية. ويصادف هذا اليوم مرور 32 سنة على ارتكاب المجزرة التي «لم ينل مرتكبوها عقابا عادلا على جرائمهم»، كما يقول أحد الناشطين.

ويقول هذا الناشط لـ«الشرق الأوسط»: «التاريخ يعيد نفسه، فبينما نحن نحيي ذكرى مجزرة جسر الشغور، فإن دبابات النظام السوري الأسدي تقتحم - ليس فقط مدينة الجسر - وإنما محافظة إدلب بأكملها، وتقصف شوارعها وقراها وبيوت ناسها الآمنين». لكن الذي تغير في رأي الناشط هو أن «النظام اليوم لا يواجه الإخوان المسلمين كما قال في الثمانينات كذريعة لارتكاب مجازره وإخضاع المجتمع لتسلطه، إنه يواجه الشعب السوري كله وسكان إدلب كلهم، عليه أن يقتلنا جميعا كي يوقف الثورة».

وتقع بلدة جسر الشغور التي تتبع محافظة إدلب في نهاية سهل الغاب، قبل أن يدخل نهر العاصي لواء إسكندرونة، وتتوسط المسافة بين حلب وحماه واللاذقية، ويقدر عدد سكانها بنحو 44 ألف نسمة يعرف عنهم المحافظة الدينية والاجتماعية، كما تعيش في المدينة أقلية مسيحية لا يتجاوز عددها المئات، وتعد المدينة مركزا رئيسيا للعديد من القرى المحيطة بها.

ويقول سامر، أحد سكان المدينة: «الجسر بلدة جريحة لم يلتئم جرحها حتى الآن، بل تجدد خلال ثورة الكرامة التي اندلعت في مارس (آذار) من العام الماضي وقررت إسقاط نظام بشار الأسد. أهالي المدينة نزلوا في مظاهرات تنادي بالحرية فقوبلوا بالرصاص والاعتقال والتعذيب، الأمر الذي دفع بعض الجنود الذين يؤدون خدمة العلم في الجيش السوري - وينتمي معظمهم إلى المنطقة - إلى الانشقاق عن النظام والدفاع عن أهلهم».

ويؤكد سامر أن «سكان الجسر تظاهروا بشكل حضاري وسلمي في البداية، لكن عنف النظام حول البلدة بشكل تدريجي إلى قاعدة للجيش السوري الحر، يتمركز فيها عناصر منشقة، مهمتها حماية المدنيين من ضربات الجيش النظامي».

وقام الجيش الموالي للأسد بشن حملة عسكرية ضخمة ضد المدينة في منتصف يونيو (حزيران) من العام الماضي، وتمت مواجهته آنذاك بمقاومة شرسة من قبل قوات الجيش الحر المتمركزة على الأطراف، إلا أنه استطاع خلال أيام أن يحكم سيطرته على المنطقة بعد تكبده خسائر بشرية كبيرة. وقد مهد النظام السوري لعملية الاقتحام حين قال إن عصابات مسلحة قتلت 120 فردا من رجال الأمن والجيش، وإنه سوف يعيد الأمور إلى نصابها بالقوة. لكن المعارضة السورية شككت في رواية النظام، معتبرة إياها ذريعة لتدمير البلدة وإنهاء الثورة فيها.

يذكر أن مجزرة جسر الشغور التي أحيا المتظاهرون السوريون ذكرى مرورها أول من أمس قد ارتكبتها عناصر من القوات الخاصة السورية بقيادة العميد علي حيدر، ووفقا لرواية الشهود فقد «وصل إلى البلدة أكثر من 25 طائرة عمودية محملة بالجنود، وقاموا بقتل الآلاف من الشباب الذين اعتقلوهم من بيوتهم، وأحرقوا عشرات المحلات التجارية والبيوت السكنية.. كما تم تجميع الناس بالساحات وإذلالهم. وجاءت هذه المجزرة بعد يومين من الإضراب، الذي أعلنه أهالي المدينة احتجاجا على الممارسات الدموية لنظام حافظ الأسد خلال تلك الفترة».