وزير المجاهدين الجزائري لـ«الشرق الأوسط»: لدينا ما نقوله عن احتفالات فرنسا بتجميد الاستعمار

استياء جزائري من إعطاء باريس مدلولا مزيفا للثورة

TT

قال محمد شريف عباس، وزير المجاهدين في الحكومة الجزائرية: إن الفرنسيين «يمجدون الاستعمار» بمناسبة التحضير للاحتفال بمرور نصف قرن على خروجهم من الجزائر «ونحن لدينا ما نقوله بهذه المناسبة»، تعبيرا عن استياء جزائري من برنامج احتفالات فرنسي، بدأ بقانون يدين من يشتم الجزائريين المتعاونين مع الاستعمار ضد ثورة التحرير.

وذكر عباس لـ«الشرق الأوسط»، أمس، بالعاصمة، بمناسبة لقاء كوادر الوزارة بمناسبة الانتخابات البرلمانية المرتقبة في 10 مايو (أيار) المقبل: «في تقديري ينبغي أن نحتفل بمرور 50 سنة على استقلال الجزائر بما يخدمنا، ولنتركهم (الفرنسيين) يحتفلون بالمناسبة بما يخدمهم».

وتأخذ الحكومة الجزائرية على التحضيرات الفرنسية بذكرى نهاية احتلال الجزائر، أنها «تمجيد للاستعمار». وبعبارة أخرى، تنظر لقانون جديد أصدره البرلمان الفرنسي حديثا يتعلق بإدانة من يهين أو يشتم الجزائريين الذين تعاونوا مع الاستعمار(الحركيين)، على أنه استفزاز لشعب بأكمله.

ومعروف أن الجزائر خاضت حربا ضروسا ضد الاستعمار الفرنسي، اندلعت في 1 نوفمبر (تشرين الثاني) 1954 وانتهت في 19 مارس (آذار) 1962 بإعلان وقف إطلاق النار. وحصلت على استقلالها في 5 يوليو (تموز) من العام نفسه، بموجب استفتاء حول تقرير المصير. ودفعت الجزائر مليونا ونصف المليون من الشهداء في مقابل استعادة سيادتها، بعد 132 من الاحتلال.

وأعطى وزير المجاهدين لكوادر الوزارة، في اجتماع مغلق، توجيهات تفيد بأنهم مطالبون بتوزيع منشورات ومطويات على الآلاف من الأجيال التي جاءت بعد الاستقلال. وتتضمن المنشورات، حسب مصدر من الوزارة «إبراز فظاعة الاستعمار الفرنسي، وبشاعة ممارساته من خلال قتل مئات الآلاف من المدنيين العزل، وحرق واغتصاب الأراضي وتعريض سكان الصحراء لإشعاعات القنابل النووية التي فجرتها، وأشياء أخرى نرد بها على مزاعم الفرنسيين الذين يقولون إن لهم دورا حضاريا في شمال أفريقيا».

وقال وزير الدولة، عبد العزيز بلخادم، أول من أمس: «إنه سيأتي يوم تعتذر فيه فرنسا عمَّا اقترفته في الجزائر، سواء قبل الرئيس الفرنسي بذلك أم رفض»، وذلك في إشارة إلى مقابلة أجرتها صحيفة فرنسية مع الرئيس نيكولا ساركوزي نُشرت الخميس الماضي، جاء فيها أن الحرب التي دارت رحاها في عقد الخمسينات من القرن الماضي «وقعت فيها تجاوزات وفظاعات ارتُكبت من هذا الطرف ومن الطرف الآخر»، بمعنى أن القتلى الفرنسيين على أيدي أفراد «جيش التحرير» والقتلى الجزائريين على أيدي أفراد الجيش الفرنسي الاستعماري يتساوون، مشيرا إلى أن «تلك التجاوزات يجب أن تكون موضع إدانة، لكن فرنسا لا يمكنها أن تعبر عن الندم على شنها هذه الحرب». ويثير هذا النوع من التصريحات حساسية كبيرة لدى الجزائريين، الذين يرفضون أن يتساوى «الجلاد والضحية».

وعبر مسؤولون جزائريون عن استيائهم من «إعطاء مدلول مزيف لثورة الجزائر»، عندما اطلعوا على برنامج الاحتفالات الفرنسية الجاري الإعداد لها، وأطلقوا، نهاية العام الماضي، برنامجا للاحتفال بالمناسبة نفسها، لكن بطريقة تبرز فظاعة ما لحق بالجزائريين خلال 132 عاما من الاحتلال. وصرح بلخادم للصحافة، قبل مدة، بأن «مؤسسة ذاكرة حرب الجزائر»، التي أنشأتها الحكومة الفرنسية وكلفتها بالإعداد للاحتفال «تعتبر تمجيدا للاستعمار يدعونا إلى الرد على تزييف التاريخ وتزوير الحقيقة، وإلى إعطاء عيد الاستقلال ما يستحقه من الاهتمام تاريخيا وسياسيا وثقافيا وجماهيريا.. ذلك هو الرد على الاقتحام الفرنسي العنصري لتاريخ الثورة ورموزها بالجزائر، وفي ساحات المهجر».