الأمير سعود الفيصل: النظام السوري على وشك الانهيار.. وما يحدث بحق الشعب «مذبحة»

قال ردا على الاتهامات الروسية: ما العاصمة التي تحتضن الإرهابيين من جميع الجنسيات؟ هل هي سوريا أم السعودية؟

الأمير سعود الفيصل خلال المؤتمر الصحافي مع نظيره الألماني في الرياض أمس (واس)
TT

وصف الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية السعودي، ما يحدث بحق الشعب السوري بـ«المذبحة»، مؤكدا أن استمرار هجوم النظام السوري على شعبه يعتبر «نية معلنة من جانب الحكومة السورية لمواصلة هذا الهجوم على الشعب».

وأضاف الفيصل: «إن كان الرئيس السوري واثقا من دعم شعبه وأن هناك أشخاصا يحاربون وهم إرهابيون فإنه يجب أن يقبل إرادة الناس وأن يسمح للحل السلمي والمفاوضات السلمية أن تنطلق».

وكان الأمير سعود الفيصل، يرد على أسئلة الصحافيين في المؤتمر الصحافي المشترك مع نظيره الألماني غيدو فسترفيلي عقب جلسة المباحثات بين الجانبين، التي تناولت الأزمة السورية والملف النووي الإيراني.

وقال الفيصل: «إن ما يحدث في سوريا لا يمكن أن يكون وفق القانون الدولي ولا الإسلامي، وبالتالي ما يقوم به النظام في سوريا في الحقيقة مذبحة لسكان سوريا، لا أدري كيف يمكن تبريرها تحت أي مبرر كان، لا أخلاقيا ولا سياسيا ولا دينيا؛ فهي خطأ من النواحي كلها، ولأجل ذلك هناك موقف نشيط يكاد يكون شبه عالمي ضد ما يجري في سوريا، وعسى أن يشعر بذلك النظام في سوريا وأن يعدل مساره».

وشدد الفيصل على أن الحل العسكري لا يمكن أن يكون حلا، وقال: «إن الطريقة الوحيدة للحل السلمي أن نقوم بشيء مقنع، والحل العسكري لا يمكن أن يكون هو الحل، ولهذا السبب فإن الطريقة الوحيدة التي يمكن القيام بها هي عدم التدخل، لكن السماح للمواطنين السوريين أن يحموا أنفسهم بأنفسهم من دون أن يكون هناك معارضة يمكن أن يغير عقلية الحكومة الهجومية من أجل مواصلتها الهجوم الدموي على شعبها».

وتابع: «ليس هناك أحد ضد سوريا أو النظام السوري، لكن نحن ضد الأعمال التي يقوم بها النظام في سوريا، إذا أوقفت ذلك فهذا ما نتطلع إليه، والأمور تعود للسوريين، لكن من غير الإنساني أن نشاهد ما نشاهد ولا ندعم السوريين للدفاع عن أنفسهم».

وأكد أن هذه العمليات «لا تبرَّر، وليس لها عذر قانوني أو دولي أو عالمي»، وقال: «إن الناس والشعوب لديهم الحق في التعبير عن رأيهم، كما أن المجتمع الدولي يجب أن يقف مع هؤلاء الناس ويشجعهم ويدعمهم، وهذا ما نطمح إليه وما ناقشناه ليس على المستوى الثنائي، لكن على المستوى الدولي، بالأمس في القاهرة، واليوم في الرياض، وغدا في نيويورك».

وبيَّن وزير الخارجية السعودي أن بلاده لا تعرف السبب وراء معارضة الصين وروسيا بـ«الفيتو»، وقال: «إذا كان لديهم بديل، لماذا لا يطرحونه ونراه، ويكون هناك سلام وطريق للحل السياسي، ويكون هناك النقل السلمي للسلطة؟ ومن سيعترض على ذلك؟ ومن سيرفض ذلك؟ لكن بالنسبة لجهود الأمم المتحدة يمكن أن يكون هناك بديل، فإن هناك مواصلة للقمع في سوريا، وروسيا لن تحصل على شيء من سياستها الرامية إلى دعم سوريا، وإن كانت ستشعر بالسعادة والرضا بالنسبة للحكومة السورية بالطبع، فإن ذلك سيجعل الشعب السوري غير سعيد والخيارات موجودة ومطروحة»، وتساءل «من سيستفيد من الوضع الحالي: الشعب الذي يُقتل كل يوم ويذبح كل يوم، أم الحكومة السورية؟».

وأضاف الفيصل: «أما بالنسبة للعرب والمسلمين والمجتمع الدولي فإننا نرى أن ما يحدث ضد المصالح في المنطقة، نحن نحترم كلتا الدولتين ولنا علاقات قوية معهما، ونريد أن نبني علاقات أقوى، لكن الأفعال التي تحدث أيضا لم تكن في مصلحة روسيا أو الصين، نأمل أن تغيرا موقفهما، وأن يغير السوريون أيضا مواقفهم».

وحول اتهام روسيا للسعودية بدعم الإرهاب داخل سوريا، أكد أن السعودية لا تحتاج إلى أن تثبت أنها ضد الإرهاب، وقال: «أي عاصمة تحتضن الإرهابيين من جميع الجنسيات؟ هل هي سوريا أم السعودية؟»، لافتا إلى المكاتب المفتوحة في سوريا للإرهابيين في العالم، وأن هناك مكتبا لكل مجموعة إرهابية «فهذا الكلام لا يقبله العاقل، والمملكة تحارب الإرهاب وفي صراع بقاء مع الإرهاب في هذه البلاد، وهذا واضح ولا يحتاج إلى إثبات».

وطلب أن نكون متفائلين، مبينا أن ما يحدث في سوريا «لا يمكن أن يستمر، لكن الأمور لا تظهر على حقيقتها إلا في أضعف أوقاتها؛ حيث يبدو النظام متماسكا الآن، لكن كل قتيل يقتل هناك يضعف هذا الكيان الذي نراه متماسكا، وسيستمر هذا الوضع الراهن إلى أن يهبط الكيان القائم مرة واحدة، فإذا أراد هذا الكيان البقاء فيجب أن يلتفت إلى شعبه، أما إذا أدارت الشعوب ظهرها لقيادتها فلا يمكن لهذه القيادة أن تبقى».

من جانبه، أكد وزير خارجية ألمانيا أن بلاده تعمل على تحقيق ثلاثة أهداف، أولها: إنهاء العنف، وثانيها: توصيل الإغاثة إلى الشعب، وثالثها: التحول السياسي السلمي، وقال: «في اليمن رأينا تحقيق ذلك ممكنا، ونركز على ذلك».

وتابع: «نريد تحقيق حل سياسي وأن ندعم المعارضة كما فعلنا في تونس وتشاورنا حوله، لكن نركز على هذه المسائل السياسية في الوقت الحاضر، هناك نوع من التراجع من قبل نظام الأسد، ونحن نشجع الآخرين ممن ترددوا في السابق ولم يتمكنوا من إدارة ظهرهم والخروج عن نظام الأسد، ونشجعهم على القيام بذلك الآن؛ لأنه طالما استمرت هذه الأعمال البشعة فتتصاعد الأوضاع، وبالتالي على حاشية النظام ومن حولهم ممن يترددون في الخروج عليه حتى الآن أن يدركوا ذلك».

كان وزير الخارجية السعودي قد أوضح أن الأزمة السورية تصدرت الموضوعات السياسية خلال جلسة مباحثاته التي جرت أمس مع نظيره الألماني غيدو فسترفيلي، واستعرض الجانبان مجمل الأوضاع ومستجدات الجهود العربية والدولية، بما في ذلك أهمية تركيز الجهود نحو الوقف الفوري والعاجل للحرب التي يشنها النظام السوري ضد شعبه بلا هوادة، وذلك وفق خطة الجامعة العربية وقراراتها التي حظيت بدعم دولي واسع وتبنتها الجمعية العامة للأمم المتحدة، علاوة على أهمية ضمان إيصال المساعدات الإنسانية العاجلة للشعب السوري واستنفار جهود الوكالات والمنظمات الدولية كافة للإسهام في هذا الأمر.

وقال الفيصل، في بيان صحافي تلاه في مستهل المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقده مع نظيره الألماني بمقر وزارة الخارجية في الرياض: «عقدنا اليوم جلسة محادثات موسعة وبنَّاءة؛ حيث استعرضنا العلاقات الثنائية وسبل تطويرها في المجالات كافة، والدفع بها إلى آفاق أرحب بما يخدم المصالح المشتركة لشعبينا وبلدينا». وأضاف: «الملف النووي الإيراني كان من بين الموضوعات التي تم بحثها، وذلك في إطار الجهود القائمة لمجموعة (5+1) التي تتمتع ألمانيا بعضويتها، والمملكة تؤيد هذه الجهود لحل الأزمة سلميا وتأمل أن تستفيد إيران من المهلة الممنوحة لها بوقف سياسة التصعيد والشروع في مفاوضات جادة مع المجموعة وفتح منشآتها للتفتيش الدولي وإزالة جميع الشكوك حول برنامجها النووي وبما يكفل حقها ودول المنطقة في الاستخدام السلمي للطاقة النووية وفق معايير وإجراءات الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتحت إشرافها، كما بحثنا التدخل السافر لإيران في الشؤون الداخلية للدول العربية ودعوة إيران إلى الكف عن هذا التدخل».

وأعرب عن إدانة بلاده واستنكارها الشديد لاستمرار إسرائيل في عدوانها الغاشم على قطاع غزة والعودة إلى سياسة الاغتيالات في انتهاك سافر لكل المبادئ الأخلاقية والقوانين والأعراف الدولية، وأكد أنه يجب أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته تجاه وقف هذه السياسات الإسرائيلية العدوانية وحماية الشعب الفلسطيني، وهو أقل ما يمكن عمله، خصوصا في ظل عجزه عن حمل إسرائيل على السير في طريق السلام وفقا لقواعد الشرعية الدولية وقراراتها ومبادرات السلام المطروحة بما فيها مبادرة السلام العربية.

وأضاف وزير الخارجية السعودي: «بحثنا، كذلك، الأوضاع في اليمن، وذلك في ظل الانتقال السلمي للسلطة ووفق مبادرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية وفي هذا الصدد بحثنا في مؤتمر أصدقاء اليمن، المقرر استضافته بالرياض خلال شهر أبريل (نيسان) المقبل بمشيئة الله تعالى، ومن دون شك فإن تحقيق الأمن والاستقرار في اليمن من شأنه تهيئة الظروف الملائمة للجهود الدولية الرامية إلى مؤازرة جهوده التنموية».

وأضاف: «استعرضنا مستجدات الأوضاع في ليبيا وتطوراتها وتأكيد أهمية الحفاظ على أمن ليبيا واستقرارها واستقلالها وسيادتها في ظل وحدتها الوطنية ووحدة ترابها، كما تناولنا العلاقات الخليجية - الأوروبية، والأمل في أن يعطي الاجتماع المقبل للمجلس الوزاري الخليجي - الأوروبي المشترك دفعة وزخما لهذه العلاقات في مختلف جوانبها»، معبرا عن شكره لنظيره الألماني على «حضوره افتتاح مؤتمر سفراء المملكة في أوروبا، الذي عقد في مدينة برلين الجميلة الشهر الماضي».

بينما أكد وزير الخارجية الألماني أن زيارته للسعودية «دليل حي على متانة وقوة العلاقات التي تربط بين البلدين»، منوها بما تشهده المملكة من تطور اقتصادي ملموس في مختلف الجوانب، وقال: «إن من شأن وزارة الخارجية تطوير العلاقات بما يشمل علاقات عدة ومن ضمنها الاقتصاد، وإن المملكة عضو في مجموعة الـ20 وعضو في جامعة الدول العربية، وهي رائدة وخير دليل مشاركتها في التحول السلمي لليمن».

وأضاف: «هناك مشاورات بين بلدينا، ونستفيد معا من ذلك اقتصاديا، وهناك إمكانات كبيرة لدى المملكة في هذه الجوانب نستفيد منها في ما يتعلق بتطوير البنية التحتية وكذلك الطاقات المتجددة، وأيضا مجال الصحة، إضافة إلى الإمكانات الهائلة في توحيد العلاقات الاقتصادية وسوف نتابع هذه التطورات الإيجابية من أجل تسهيل إصدار التأشيرات».

وكشف عن افتتاح قسم لإصدار التأشيرات في القنصلية الألمانية العامة بجدة، مما يسهل لرجال الأعمال زيارة ألمانيا، مفيدا بأنه سيفتتح معهدا لتعليم اللغة الألمانية تابعا للسفارة في الرياض.

من جهة أخرى، اجتمع وزير الخارجية الألماني، في الرياض، أمس، مع أعضاء لجنة الصداقة البرلمانية السعودية - الألمانية بمجلس الشورى، برئاسة الدكتور سالم بن علي القحطاني، عضو المجلس رئيس اللجنة، وقد تناول الاجتماع بحث الموضوعات والقضايا ذات الاهتمام المشترك بين المملكة وألمانيا، واستعراض مجالات التعاون الثنائي في شتى المجالات.

كما ناقش الجانبان سبل تعزيز العمل والتعاون على صعيد العلاقات البرلمانية بين مجلس الشورى والبرلمان الألماني (البوندستاغ)، وأهمية تفعيل دور لجان الصداقة البرلمانية في البلدين بما يسهم في دفع العمل البناء بما يخدم الجانبين.