السلطات الإيرانية تلغي حفلا لتكريم المخرج الإيراني الحائز على الأوسكار

رجال الدين انزعجوا من فيلم «انفصال» الذي يتناول رغبة الكثير من الإيرانيين في ترك بلادهم

أصغر فرهادي لدى تسلمه جائزة الأوسكار (أ.ب)
TT

ربما لم يدر بخلد المخرج الإيراني أصغر فرهادي، الحائز على جائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي الشهر الماضي، عن فيلمه «انفصال»، أن تقرر السلطات الإيرانية إلغاء حفل خاص في طهران كانت مقررة إقامته أمس لتكريمه، وللاحتفاء بعودته إلى بلاده حاملا معه أهم جائزة سينمائية في العالم، والأولى من نوعها التي تحصل عليها إيران، إذ حرص فرهادي في خطابه، لدى تسلمه الجائزة في هوليوود، على أن يكون دبلوماسيا متحاشيا الإشارة إلى المصاعب التي تتعرض لها السينما الإيرانية جراء النظام الإسلامي، وكذلك خلافات بلاده مع الغرب ومع الولايات المتحدة تحديدا. وشدد لدى وصوله مطار طهران مؤخرا على «وفائه» لبلاده، وأنه سيبقى فيها ولن يتركها كما فعل الكثير من المخرجين الإيرانيين، جراء الضغوطات والتدخلات التي تمارسها السلطات على أعمالهم.

وألغي حفل أمس فجأة بعد أن رفضت السلطات السماح بإقامته، حسب ما أوردته وكالة أسوشييتد برس، نقلا عن وكالة إيلنا العمالية الإيرانية. ومن المعروف أن إقامة أي مناسبات عامة تتطلب موافقة السلطات المختصة في الجمهورية الإسلامية.

وعلى الرغم من أن أسباب عدم السماح بالحفل بقيت مجهولة، فإن المحافظين المتشددين في الجمهورية الإيرانية كانوا قد أعلنوا عن استيائهم من موضوع الفيلم الذي يتناول الخلافات داخل العائلة الواحدة، والرغبة لدى الكثير من الإيرانيين في مغادرة بلادهم والاستقرار في دول أخرى.

وحسب وكالة إيلنا الإيرانية فقد أصدرت مجموعتان مختصتان بالسينما في إيران، وهما مركز المخرجين في السينما الإيرانية والمجلس الأعلى لمنتجي السينما في إيران، بيانا شجبتا من خلاله إلغاء حفل التكريم.

وخاطب البيان المخرج فرهادي قائلا: «كان غرضنا إقامة حفل متواضع وودي كي نقول شكرا لك على إنجازك العظيم الذي حققته لإيران وللسينما الإيرانية، لكن (حرس الثقافة) حرمونا من ذلك». وأضاف البيان: «نأسف بشدة لما حصل».

ولم يعرف رد فعل المخرج فرهادي على إلغاء الحفل، لكنه كان قد أكد لأكثر من مرة بعد تسلمه جائزة الأوسكار، أنه «وفى لبلاده إيران وسيبقى فيها ولن يتركها أبدا»، حسب ما نقلته وكالات الأنباء الإيرانية آنذاك.

ورد لدى عودته، قبل أيام، في مطار الإمام الخميني، على بعض الشائعات التي دارت حول رغبته في ترك إيران قائلا: «إنني أحب بلادي ولن أستبدل أي مكان في العالم بها». وأضاف أن «هذه الجائزة ستبقى في بلادي إيران إلى الأبد». وقال عن لحظة تسلمه الجائزة: «لقد شعرت في تلك اللحظة بأن كل أبناء بلادي يشعرون بالبهجة والسرور لهذا الأمر».

وتباينت ردود فعل المسؤولين الإيرانيين حينها حول موضوع الجائزة، بين من رحب به باعتباره «نصرا على إسرائيل»، لأن من بين الأفلام الأربعة الأخرى التي تنافست على جائزة أفضل فيلم أجنبي، فيلما إسرائيليا. وهناك من المسؤولين الإيرانيين من تحفظ على الفيلم مع أصوات قللت من شأنه. كما اتهمت وسائل إعلام محلية المخرج بنقل صورة للمجتمع الإيراني من خلال التركيز على قصة مأساوية مريرة بدلا من إظهار تقدم البلاد.

ويتناول الفيلم مشكلات زوجين إيرانيين، حيث ترغب الزوجة في ترك إيران والسفر للخارج وبدء حياة جديدة مع زوجها وابنتها، بينما يرغب الزوج في البقاء في البلاد والاعتناء بوالده المريض.

وينصب التركيز الأساسي في النزاع على الابنة، التي تعيش ممزقة بين خطط والديها.

ووصف علي رضا ساجدبور، المدير العام لقطاع السينما في البلاد، الجائزة قائلا: «هذه الجائزة هي للسينما الإيرانية بأكملها». كما وافقه أغلب الإيرانيين الذين سهروا حتى الصباح لمتابعة الحفل ومشاهدة فوز فرهادي. كما عمدوا إلى الإنترنت لنشر الأنباء بعد مشاهدة حفل توزيع الجوائز على القنوات الفضائية.

ومن المعروف أن هناك سنوات طويلة من العلاقات المتأزمة بين السينما الإيرانية ورجال الدين الذين يعتبرونها تقليدا غربيا أعمى، وليبرالية لا تتناسب مع الأوضاع المحافظة في الجمهورية الإسلامية.

وفي يناير (كانون الثاني) الماضي أمرت السلطات بإغلاق «بيت السينما»، وهو مجموعة مستقلة مختصة بصناعة الأفلام تنشط في إيران منذ 20 عاما، وتضم نخبة من أبرز صناع السينما الإيرانية، من بينهم فرهادي.

والعام الماضي، قضت محكمة إيرانية بوضع المخرج الإيراني جعفر بناهي، الحائز على جوائز في مهرجانات كان وفينيسيا ومهرجانات سينمائية عالمية أخرى، رهن الإقامة الجبرية مدة ست سنوات، وحظر قيامه بأي نشاط سينمائي مدة 20 عاما، بتهمة «الدعاية المغرضة» ضد النظام الحاكم في إيران.