اعتقال المديرة التنفيذية لمؤسسة مردوخ للمرة الثانية وزوجها في فضيحة التنصت

القضية قد تثير متاعب سياسية جديدة لرئيس الوزراء بسبب العلاقات «الحميمة» بينهما

ريبيكا بروكس
TT

بعد غياب دام عدة أشهر، أي منذ اعتقالها في الصيف الماضي على خلفية فضيحة التنصت عندما كانت تعمل مديرة تنفيذية لمؤسسة «نيوز إنترناشيونال» ومساعدة مقربة من روبرت مردوخ، عادت ريبيكا بروكس إلى واجهة الأحداث بقوة هذه المرة مع اعتقالها وزوجها شارلي بروكس، المقرب من رئيس الوزراء ديفيد كاميرون وصديق المدرسة، بحكم انتسابهما سابقا إلى كلية إيتون الشهيرة، وعلاقات الجيرة التي تجمعهما في مقاطعة أكسفوردشاير.

القضية قد تثير متاعب سياسية جديدة لكاميرون، الذي غادر اليوم في زيارة رسمية للولايات المتحدة للقاء الرئيس باراك أوباما لبحث ملفات إيران وأفغانستان والوضع في الشرق الأوسط. العلاقة بين كاميرون وشارلي بروكس تعود إلى 30 عاما، كما أقر بذلك كاميرون نفسه خلال جلسة مساءلة أمام البرلمان. وأعلنت الشرطة البريطانية القبض، أمس الثلاثاء، على 6 أشخاص، 5 رجال وامرأة، للاشتباه في قيامهم بتضليل العدالة. وقد أكدت مؤسسة «نيوز إنترناشيونال» الإعلامية، الذراع البريطانية لمؤسسة «نيوز كوربوريشن» المدرجة على بورصة نيويورك ويرأسها قطب الإعلام الأسترالي الأصل، روبرت مردوخ، أن مديرتها التنفيذية السابقة ريبيكا بروكس وزوجها بين الستة الذين ألقت اسكوتلانديارد القبض عليهم أمس. وريبيكا بروكس هي الوحيدة بين الأشخاص الستة التي تم اعتقالها للمرة الثانية في إطار التحقيقات الجارية. وكانت قد اعترفت في مساءلة أمام جلسة برلمانية بأنها دفعت أموالا للشرطة مقابل تزويدها بمعلومات، عندما عملت رئيس تحرير «نيوز أوف ذي وورلد» وكذلك شقيقتها «ذي صن».

المفاجئ في الأمر هو اعتقال شارلي بروكس زوج ريبيكا بروكس، صديق كاميرون، كما تبين، الشهر الماضي، عندما اعترف الأخير أنه امتطى الحصان الذي تقاعد من الخدمة في الشرطة ومنحته ريبيكا بروكس وزوجها ملجأ في مزرعتهما. وبدأت قضية الحصان تتفاعل عندما تبين أنها اختيرت من قبل جهاز الشرطة للعناية به في مزرعتها بعد وصوله سن التقاعد، خصوصا أن زوجها يعمل في مهنة تدريب خيول السباق. القضية بينت العلاقة القريبة التي كانت تجمعها بجهاز الشرطة، ومن هنا أثير الكثير من الأسئلة حول دور الشرطة المتواطئ سابقا في قضية التنصت. واضطر كاميرون أيضا إلى الاعتراف بأنه امتطى الحصان، ريسا، مع ريبيكا في مزرعتها، وهذا بين العلاقة القريبة الأخرى بينها وبين رئيس الوزراء. أما اعتقال زوجها فتقول التقارير إنه بسبب جهاز كومبيوتر وجد في صندوق الزبالة تحت شقة زوجته في غرب لندن بعد اعتقالها بيوم واحد في يوليو (تموز) الماضي عندما اعتقلت في المرة الأولى، وأدى ذلك إلى استقالتها من «نيوز إنترناشيونال». ووجد عمال القمامة الجهاز وسلم إلى الشرطة وكان يحتوي على معلومات تخص قضايا التنصت، واحتفظت به الشرطة.

وأمس كتب أحد ضحايا التنصت، كريس براينت، وهو عضو مجلس العموم العمالي، على الموقع الاجتماعي «تويتر» قائلا «كاميرون (رئيس الوزراء) يفر من البلد والشرطة تعتقل أصدقاءه»، ويقصد براينت مغادرة رئيس الوزراء في زيارة رسمية للولايات المتحدة الأميركية. وهذه هي المرة الثانية التي تقوم بها الشرطة البريطانية بإلقاء القبض على عدد ممن عملوا أو ما زلوا يعملون في صحيفة «ذي صن» التي تنشرها «نيوز إنترناشيونال»، خلال أقل من شهرين؛ إذ ألقت القبض على الستة في لندن ومناطق أخرى خارج العاصمة البريطانية في أعقاب إلقاء القبض على عدد من كبار المحررين والموظفين في الصحيفة الشعبية الشهر الماضي، ثم إطلاق سراحهم بكفالة.

وفي العام الماضي عندما اندلعت فضيحة التنصت والقرصنة التليفونية، ألقت الشرطة البريطانية القبض على أكثر من 15 شخصا كان بينهم ريبيكا بروكس وآندي كولسون، الذي عمل مديرا إعلاميا لمكتب رئيس الوزراء ديفيد كاميرون، الأمر الذي أظهر وجود علاقات غير صحية بين عدد من المؤسسات البريطانية: الإعلامية والسياسة والأمنية وحتى القانونية. اعتقال كولسون كان محرجا لكاميرون وأثار الكثير من علامات الاستفهام حول علاقته بكولسون والسبب وراء منحه وظيفة في مقر رئاسة الوزراء، خصوصا أنه عمل رئيس تحرير في الصحيفة في الفترة التي تنصت فيها على آلاف الأشخاص. وقال محققون إن ما يربو على ستة آلاف من الشخصيات العامة والمشاهير والجنود وضحايا الإرهاب والجريمة تعرضوا للتنصت على رسائل هواتفهم الجوالة من قبل صحافيين من «نيوز إنترناشيونال». وبعدما بدا الأمر في بدايته كأنه خاص بـ«نيوز أوف ذي وورلد» فقط، امتدت الفضيحة الآن لتشمل «ذي صن». ويمتلك مردوخ أيضا صحيفتي «ذا تايمز» و«ذا صنداي تايمز» في بريطانيا.

ووجهت الاتهام سو اكيرس، وهي ضابطة بارزة في الشرطة البريطانية (اسكوتلانديارد) تقود تحقيقات في تقارير بالفساد حول دفع الصحافية أموالا لعدد من المسؤولين أمام لجنة تحقيق ليفيسون الرسمية الشهر الماضي. وجاءت الاتهامات بعد مرور يوم على قيام روبرت مردوخ، مالك صحيفة «ذي صن»، بإصدار نسخة جديدة ليوم الأحد للصحيفة أملا في طي صفحة فضيحة التنصت على الهواتف التي أرغمته على إغلاق صحيفة «ذا نيوز أوف ذي وورلد» في شهر يوليو الماضي. وقالت اكيرس التي تقود فريقا كلف بفحص ملايين من الرسائل الإلكترونية بحثا عن دليل فيما يتعلق بمزاعم الفساد، إن النتائج تشير إلى أنه تم تقديم أموال لمسؤولين «في كل قطاعات الحياة العامة». وأضافت أنه في حالة واحدة تم دفع 80 ألف جنيه إسترليني (126 ألف دولار) لأحد المصادر. وأوضحت أن «صحافيا قيد الاحتجاز تلقى أكثر من 150 ألف جنيه نقدا على مدى عدة سنوات ليدفع لمصادره». وجرى حتى الآن القبض على عشرة صحافيين من «صن» وعدد من ضباط الشرطة ومسؤول بوزارة الدفاع وجندي في إطار التحقيقات، وقد جرى الإفراج عنهم جميعا بكفالة.

ويأتي التحقيق في دفع أموال للشرطة الذي يطلق عليه اسم عملية «إيلفيدن»، في إطار تحقيق أوسع نطاقا في أنشطة لجمع الأخبار بطريقة غير قانونية هزت المؤسسات السياسية والإعلامية والشرطة في بريطانيا.

وقال رئيس تحرير صحيفة «ذي صن»، دومينيك موهان، في بيان عندما قامت الشرطة بمداهمة منازل الصحافيين: «أنا مصدوم للغاية، مثل أي شخص، للاعتقالات التي جرت اليوم، لكنني مصمم على قيادة «ذي صن» عبر هذه الظروف الصعبة. عندي طاقم رائع من العاملين ولدينا مهمة تتمثل في خدمة قرائنا وسنواصل القيام بها. تركيزنا الآن على إصدار عدد الاثنين من الصحيفة».