الشرطة المغربية تحقق مع أحد أبرز وزراء حكومة اليوسفي

جراء خروقات مالية عرفتها مؤسسة مصرفية إبان توليه إدارتها

TT

واصلت شرطة مكافحة الجرائم الاقتصادية والمالية في الدار البيضاء، أمس، التحقيق مع خالد عليوة، أحد أبرز وزراء حكومة عبد الرحمن اليوسفي الاشتراكية، والرئيس الأسبق للمجموعة المصرفية «القرض السياحي والعقاري»، وهو مصرف مملوك للدولة.

وتحقق الشرطة مع عليوة حول خروقات مالية عرفتها هذه المؤسسة إبان توليه مسؤولية إدارتها منذ أن عينه العاهل المغربي، الملك محمد السادس، في هذا المنصب عام 2004 إلى حين إعفائه عام 2009.

والمثير في هذه القضية، وهي الثانية ضمن ملفات الفساد المالي التي تحال إلى القضاء في عهد الحكومة الجديدة، التي يهيمن عليها الإسلاميون، أن المتهم شخصية سياسية وحزبية بارزة، ذلك أن عليوة عضو سابق في المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي انتقل إلى المعارضة، وكان أحد المقربين من اليوسفي، الزعيم الاشتراكي الذي قاد أول حكومة تناوب عام 1998، تشارك فيها المعارضة، حيث كان عليوة ناطقا رسميا باسم الحكومة ووزيرا للتنمية الاجتماعية والتضامن والعمل والتكوين المهني، قبل أن يخرج من هذه الحكومة إثر تعديل جزئي جرى في سبتمبر (أيلول) 2000، ليعود وزيرا للتعليم العالي في حكومة 2002، بعد أن أصبح عضوا في المكتب السياسي للحزب، ومسؤولا عن العلاقات الخارجية فيه، ونائبا برلمانيا عن مدينة الدار البيضاء، ومديرا ليومية «الاتحاد الاشتراكي».

وتعود فصول هذه القضية إلى عام 2008 عندما نشرت تقارير صحافية محلية تقول إن عليوة اشترى عقارا فاخرا في ملكية البنك في وسط الدار البيضاء بسعر يقل بكثير عن سعره الحقيقي، خارج الإجراءات القانونية المعمول بها لبيع الممتلكات التابعة للبنك، الأمر الذي أكده تقرير صادر عن المجلس الأعلى للحسابات (مؤسسة حكومية للرقابة) عام 2009، الذي كشف تفاصيل إضافية مثيرة عن مخالفات مالية عرفتها هذه المؤسسة في عهد عليوة، الذي وضع موارد الفنادق التابعة للمؤسسة تحت تصرفه الشخصي عبر الاستفادة هو وعائلته وأقاربه من الإقامة في أجنحة فاخرة في الفنادق، وتسخير العاملين في تلك الفنادق لخدمته أثناء عطلاته وسفراته، وكذا تزويد مقر إقامته بمواد تموينية من تلك الفنادق، حسب ما جاء في التقرير، الذي كشف أن عليوة منح قروضا لمؤسسات عقارية بالملايين دون استخلاصها.

وظل عليوة، الذي قال عنه قيادي في حزب الاتحاد الاشتراكي إنه لم يعد ينتمي إلى الحزب، ينفي ما أوردته التقارير الصحافية، وكذا تقرير المجلس الأعلى للحسابات، حيث قال إنه «استفاد من هذا العقار كأي موظف من موظفي المصرف وفق ضوابط قانونية، بعد أن تقدم بطلب شراء صادق عليه مجلس المؤسسة». ورد على الاتهامات التي وجهت إليه، إبان تسرب الملف إلى الصحافة، بالقول إنه «من حق أي مؤسسة من المؤسسات أن تفوت ملكا من أملاكها لمن تشاء ولو بالمجان»، مؤكدا أن ما نشر يرمي إلى المس بشخصه وبالمؤسسة التي أنقذها من الإفلاس.

يذكر أن «القرض العقاري والسياحي» عرف قبل 10 سنوات اختلاسات مالية ضخمة، تورط فيها مسؤولون كبار، وبعد تفجر القضية، فر مولاي الزين الزاهدي، الرئيس السابق للمؤسسة، وهو وزير سابق أيضا، وكذا مسؤولون آخرون متورطون في اختلاس الأموال العامة إلى خارج البلاد، ومنح قروض من دون ضمانات، ولم تصدر الأحكام ضدهم إلا في يناير (كانون الثاني) الماضي، حيث حكم على الزاهدي غيابيا بالسجن مدة 20 عاما.

أما الملف الأول الذي أحيل إلى القضاء قبل شهر، فيتابع فيه في حالة اعتقال عبد الحنين بنعلو، المدير العام للمكتب الوطني للمطارات، إلى جانب 3 مسؤولين آخرين، بتهمة تبديد المال العام، بالإضافة إلى عدد من الموظفين بالمكتب يتابعون في حالة إفراج.

وكان تقرير المجلس الأعلى للحسابات قد كشف أن المكتب الوطني للمطارات عرف خلال فترة تولي بنعلو مسؤولية إدارة هذه المؤسسة من 2003 إلى حين إعفائه عام 2010 مجموعة من الخروقات المالية. ونفى بنعلو بدوره التهم الذي وجهت إليه بعد صدور التقرير، موضحا آنذاك، أن تقرير المجلس الأعلى لم يتحدث عن «اختلالات أو اختلاسات» بل مجرد «ملاحظات» تتعلق بالتسيير اليومي لهذه المؤسسة الحكومية.