شيخ قبيلة البقارة السورية: لن يجدي مع نظام الأسد سوى القوة العسكرية

قال إن صراخ الأطفال الذين عذبوا في زنزانة مجاورة ما زال يؤرقه في منامه

TT

كان الشيخ نواف البشير البالغ من العمر 54 عاما قادرا على نسيان التهديدات التي وجهت له والزنزانة الصغيرة التي حشر فيها والاستجوابات التي خضع لها، ولكن صراخ الأطفال الذين كانوا يعذبون في الزنزانة المجاورة لزنزانته لا يزال يتردد في أذن شيخ قبيلة البقارة السورية، والذي يقول مشيرا لذلك، حسب وكالة الأنباء الألمانية: «كثيرا ما أسمع أصواتهم في أحلامي ليلا، ثم أستيقظ وأظن أني عدت للسجن مرة أخرى».

وحاول الشيخ البشير الذي يتزعم قبيلة البقارة، التي ينتمي إليها نحو 1.2 مليون شخص في سوريا، أن يبدو متماسكا.. فألقى بنظراته من نافذة أحد المقاهي السياحية إلى الأمطار التي تتساقط في مدينة إسطنبول، وعندما جاء النادل ليأخذ حسابه وضع البشير مائة دولار على المائدة وهو شارد الذهن.

البشير، شيخ قبيلة من دون العمامة التقليدية المعروفة عن شيوخ القبائل، وهو يرتدي نظارة وسترة وكرافتة. وألقت المخابرات السورية القبض على البشير في الحادي والثلاثين من يوليو (تموز) الماضي، ثم اختفى الشيخ، الذي كان يشارك من قبل في تنظيم المظاهرات ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد، لمدة 72 يوما كاملة.

وتناقلت المعارضة في هذا الوقت فيما بينها تقارير تفيد بأن الشيخ البشير عذب حتى الموت، ثم ظهر الشيخ البشير فجأة في التلفزيون الرسمي السوري في العاشر من أكتوبر (تشرين الأول)؛ حيث دعا إلى إجراء إصلاحات سياسية في ظل الرئيس بشار الأسد.. وظهر البشير في التلفزيون وكأنه مغيب.

واليوم يقول البشير: «كان هناك من يضع المسدس على رأسي ويهدد بقتل أسرتي إذا لم أقم بهذا الظهور التلفزيوني، كانوا يضعون لافتات كرتونية وراء الكاميرات مكتوبا عليها الجمل التي كان علي أن أرددها».

ثم أطلق سراح البشير بعد هذا الظهور بقليل وعاد إلى مدينة دير الزور، مسقط رأسه. وعندما سمع البشير في يناير (كانون الثاني) أنه سيلقى القبض عليه مرة أخرى هرب إلى تركيا، واضطر إلى ترك أسرته. التحق أحد أبناء البشير الآن بالجيش السوري الحر الذي يقاتل ضد قوات نظام الأسد، وأصبح الشيخ البشير - الذي كان يراهن في البداية على الاحتجاجات السلمية - يعتقد منذ أن احتجز في سجن تحت الأرض بالعاصمة دمشق أن الكفاح المسلح هو الطريق الوحيد.

ومشيرا لذلك، قال الشيخ البشير إنه غير رأيه بعد أن سمع عن المجازر التي ارتكبت، وبعد أن رأى في السجن كيف تعرض 22 طفلا و6 نساء للتعذيب.. «ورأيت بعد إحدى المظاهرات جثة فتى في العاشرة من عمره أطلقوا النار على عينه؛ وكان لا يزال يمسك ببعض البسكويت.. عندها قلت: لا، كفى، هذا كثير».

غير أن خطة البشير لا يمكن أن تتحقق دون مساعدة من الخارج، «فنحن نحتاج لمنطقة آمنة للمتطوعين، منطقة محظورة على الطائرات، ونحتاج لممرات إنسانية وإلى أسلحة، عندها يمكن أن نحرر بلدنا بأنفسنا».

ورغم أن البشير على اتصال بالمجلس الوطني السوري المعارض، الذي يسعى منذ أشهر للحصول على اعتراف به كممثل شرعي عن الشعب السوري، إلا أنه غير راضٍ عن أداء المكتب التنفيذي للمجلس؛ خاصة أنهم عرضوا عليه الانضمام للمجلس كعضو عادي ليست له سلطة اتخاذ قرار.. ويقول الشيخ: «تنتمي (مجموعة بيان دمشق) للمجلس التنفيذي رغم أنها تمثل فقط 200 شخص في سوريا، أما أنا فأمثل 1.2 مليون سوري».. ولا يعرف الشيخ البشير متى يعود لسوريا، ولكنه عبر عن أمله في أن يسقط النظام السوري قريبا بقوله: «أعتقد أن ذلك سيحدث في يوليو».

التأم الجرح الذي أصيب به الشيخ البشير، ذو الجسم الكبير نسبيا، في يده اليمنى عندما كان يجتاز الأسلاك الشائكة على الحدود السورية التركية أثناء هربه إلى تركيا، ولكن جروحه الداخلية لم تندمل بعد.. وقال الشيخ البشير إنه رأى أثناء ذهابه إلى التحقيق فتاة في الرابعة عشرة ملقاة على الأرض، وكانت لا تزال حية ولكنها لم تعد تتحرك، وإن هذا المشهد يلوح أمامه مرارا.. ثم انصرف البشير أثناء المطر ليحضر موعدا مع معارضين آخرين.