مراقب «الإخوان المسلمين» في ليبيا: لا نطمع في التفرد بالسلطة.. ولو كنا نرغب في ذلك لقمنا بتأسيس حزب خاص بنا

الكبتي: الاتهام بالعمالة والحصول على الدعم من قطر أو الولايات المتحدة لا محل له من الصحة

TT

أكد بشير الكبتي، المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في ليبيا، أن جماعته لا تطمع بالتفرد أو الاستئثار بالسلطة، وإنما تطمح للفوز بها مع غيرها من أبناء ليبيا الشرفاء، نافيا تبعية جماعته أو حصولها على أي دعم من قطر أو الولايات المتحدة.

ونفى الكبتي، في حوار أجرته معه وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)، عبر الهاتف من القاهرة، أن تكون جماعته قد خالفت قراراتها السابقة بعدم تأسيس حزب سياسي خاص بها، وقال «حزب العدالة والبناء الذي أعلن تأسيسه مؤخرا هو حزب سياسي وطني ذو مرجعية إسلامية، ولا يعتبر كما يتردد الذراع السياسية لـ(إخوان ليبيا)، لأن من دخلوه من الجماعة دخلوه كأفراد يمثلون أنفسهم لا الجماعة». وأردف «كما أن الحزب مستقل عن الجماعة تماما: الاستقلال في قراراته ومواقفه السياسية ومستقل أيضا إداريا وتنظيميا، ويضم أطيافا عديدة غير (الإخوان)».

ونفى الكبتي أن تكون رغبة «الإخوان» في الاستحواذ على السلطة داخل أي حزب يشاركون فيه هي السبب وراء فشل وجود حزب إسلامي موسع يجمع بين «الإخوان» والحركة الإسلامية الليبية للتغيير أو غيرها من التيارات السياسية الإسلامية، وأوضح «تكوين حزب يجمعنا والحركة الليبية للتغيير أو ما كانت تعرف بالجماعة المقاتلة قد يكون صعبا. هناك بعض المنطلقات تحوي خلافا في التفاصيل بيننا وبينهم.. فالإخوة في الجماعة المقاتلة انتقلوا نقلة كبيرة من مرحلة الجهاد والعمل الثوري المسلح إلى العمل السياسي. و(الإخوان) يعملون في السياسة منذ فترة غير قليلة». وتابع «فضلنا الاكتفاء بالتنسيق في المواقف بيننا وبينهم فقط في الوقت الراهن حتى تتبلور كثير من المفاهيم بيننا وبينهم.. ويمكن لحزب العدالة والبناء أن ينسق إذا أراد مع أي حزب أو جماعة سياسية فهذا قراره.. أما نحن كجماعة فسنركز على التفرغ للعمل الدعوي». وأردف «هدف (الإخوان) ليس الوصول إلى الحكم، بل أن يكون من يصل إليه هو الأكفأ سواء من الجماعة أو غيرها».

وأضاف الكبتي «لو أردنا التفرد بالسلطة دون غيرنا لقمنا بتأسيس حزب خاص بنا وعندنا من الكوادر والانتشار الجغرافي ما يؤهلنا لذلك.. لكن عدم وجود تنازع على فكرة أن تكون الشريعة الإسلامية هي المرجعية الرئيسية للدستور والقوانين في المستقبل جعلنا نميل للتشارك مع الآخرين في حزب منفتح يمثل كل أهل ليبيا». وأردف «من انضموا لحزب العدالة والبناء من غير (الإخوان) هم كوكبة من الشخصيات المشهود لها بالنزاهة والكفاءة والوطنية، ونحن نتعامل معهم بمنتهى الوضوح والشفافية ولا نسيطر على قراراتهم كما يدعي البعض، وهم كما قلت يمثلون كل شرائح المجتمع لا مجرد زمرة من المتشددين الإسلاميين».

واستبعد الكبتي احتمال تصارع التيارات الإسلامية على السلطة بالبلاد مستقبلا خاصة بين «الإخوان» والسلفيين، وقال «هذا لن يحدث بإذن الله، ونحن علاقتنا طيبة مع الجميع. السلفيون في ليبيا مدارس، والسلفيون المعتدلون أقرب لـ(الإخوان) من السلفيين المتشددين».

وأكد الكبتي رفضه لما طرح مؤخرا من إعلان برقة إقليما فيدراليا، مشددا على القول إن «الذين قرروا ذلك يعبرون عن أنفسهم لا عن الشعب الليبي. هذا مشروع تقسيمي لوحدة البلاد سيتم تنفيذه على مراحل». وتابع «الحل لعلاج قضايا التهميش لبعض الأقاليم يكمن في وجود حكم محلي لا مركزي ولا يكون بالانفصال عن الدولة. ربما لم يعلنوا صراحة رغبتهم في الانفصال حتى لا ينقلب الشارع الليبي عليهم، لكن الخطر يبقى موجودا من الوصول لهذه النقطة».

وتساءل الكبتي «لماذا لم يلجأ هؤلاء إلى فكرة الاستفتاء الشعبي على قرارهم؟ لكن طرح الأمر علنا والاتصال بالسفراء الأوروبيين ودعوتهم يوحي بأن الأمر كان مبيتا. ولا أستبعد وقوف أصحاب المصالح والمطامع في موارد الإقليم وراء تلك الخطوة خاصة من أنصار معمر القذافي».

وحول شكل الدولة التي يسعى «الإخوان» من خلال عملهم السياسي لتأسيسها، وهل ستكون دولة دينية بحتة أم دولة يفصل فيها الدين عن القرار السياسي، قال الكبتي «نريد دولة مدنية ذات مرجعية إسلامية، لا تقيد فيها الحريات من قبلنا كما يزعم ويردد البعض عنا، بل ترحيب وانفتاح بكل ما فيه فائدة للمواطن والوطن في مجالات الثقافة والمعرفة والآداب والفنون». وفي رده على تساؤل حول موقفهم إذا ما اختار المؤتمر الوطني في نهاية الأمر دستورا مدنيا بحتا يحترم فيه الدين من دون أن يكون له أثر في توجيه القرار السياسي، أجاب الكبتي «الدستور الإسلامي الذي نفهمه هو دستور مدني بحت».

وتجدر الإشارة إلى أن المؤتمر الوطني هو المجلس التشريعي المؤقت الذي سيجري انتخابه في يونيو (حزيران) القادم، ويتولى كتابة الدستور الجديد. وتابع الكبتي «إصرارنا على أن تكون الشريعة هي المرجعية للدستور والقوانين هو أمر طبيعي. فلا يعقل ببلد كل سكانه من المسلمين أن تكون هناك قوانين تحارب الإسلام عبر إصدار أحكام تعادي أو تخالف شرع الله».

ونفى الكبتي تبعيته أو حصوله وجماعته علي أي دعم مالي من أي دولة تسعى لتحقيق مصالح خاصة بها بليبيا، وقال «الاتهام بالعمالة والحصول على الدعم من قطر أو الولايات المتحدة لا محل له من الصحة. نحن نثمن ونحيي الدور الإنساني لدولة قطر التي وقفت مع الشعب الليبي في معاناته، وهذا فضل لا ينسى لها. لكن ليست لنا علاقة رسمية أو غير رسمية لا مع قطر أو الولايات المتحدة. لقد عشت بالأخيرة مدة طويلة من حياتي، لكن كان هذا بفعل تهجير نظام القذافي لنا لا برغبتنا». وتابع «نحن نعتمد ماليا على ما يصلنا من اشتراكات من إخواننا المحبين لنا فقط ولذا ميزانيتنا متواضعة جدا».

كما نفى استفادة «إخوان ليبيا» من وصول أفرع الجماعة للسلطة بباقي البلدان التي شهدت ثورات الربيع العربي كتونس ومصر، وقال «البعض يتهمنا بأننا ركبنا الثورة لنستفيد منها ونصل للسلطة، والحقيقة أننا وإن كنا لم نبدأها فإننا أعلنا سريعا عن تأييدنا لها مثل باقي أهل ليبيا الشرفاء». وأكد «لا توجد علاقة ولا تأثير مباشر لوجود (الإخوان) في السلطة في بلد آخر علينا هنا في ليبيا، فالكل في ليبيا سيخوض انتخابات تنافسية، ونرجو أن يوفقنا المولى عز وجل».

وأعرب الكبتي عن تخوفه من أن يؤدي قرار المجلس الانتقالي بزيادة عدد المقاعد الفردية مقابل تخفيض عدد المقاعد المخصصة لنظام القائمة الحزبية إلى أن تتحول العملية السياسية للاتجاه القبلي، وقال «سيكون للقبيلة دور سياسي مؤثر بالانتخابات، مما يعني تعطيل وعرقلة تأصيل العمل السياسي الحزبي التنافسي الذي هو جوهر الديمقراطية». وتابع «الانتخابات قد تكون بوابة لعودة الوجوه القبلية التقليدية للحكم والسياسة عبر بوابة المال. لا يستبعد أن يقوم أنصار القذافي بإغداق الأموال بكثرة لضمان تأييد نصرة بعض القبائل لهم». وطالب الكبتي بالإسراع في إنجاز القانون الخاص بتنظيم الانتخابات ووجود نظام قضائي قوي يستطيع أن يراقب عمليات التمويل لكل حزب ويحظر تدفق الأموال المشبوهة للعملية السياسية سواء من الداخل أو الخارج.

وأنحى الكبتي باللائمة على المجلس الانتقالي والحكومة بالنسبة لحالة الفوضى الأمنية التي تعيشها بلاده من انتشار للمظاهر المسلحة وتصارع بعض التنظيمات الخاصة بالثوار، وقال «الأزمة الأمنية جزء منها بدأ من المكتب التنفيذي السابق للمجلس لأن هؤلاء تكلموا سياسيا وإعلاميا كثيرا عن قضية الأسلحة والثوار من دون أن ينظموا الإدارات التي تستطيع أن تستوعب هؤلاء الشباب أو أن يحددوا الآلية التي ترد بها الأسلحة لمخازنها». وتابع «الثوار على استعداد لأن يسلموا ما تحت أيديهم من سلاح ومواقع، لكن في المقابل على الدولة أن ترتب بيتها الداخلي أولا، فكل من وزارتي الدفاع والداخلية لم ترتب بعد».