نتنياهو يهدد باغتيال من يخرق التهدئة وغزة محاطة بشبكة رصد إسرائيلية متطورة

غارات جوية على القطاع لليوم الرابع والضحايا 27 قتيلا بينهم 5 أطفال

إحدى بطاريات صواريخ القبة الحديدية المضادة للصواريخ تطلق صاروخا لإسقاط صاروخ فلسطيني خلال المواجهات قبل 4 أيام (إ.ب.أ)
TT

تبادل الفلسطينيون والإسرائيليون، أمس، الاتهامات والتهديدات حول خرق الهدنة التي رعتها مصر بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل عقب أربعة أيام من القصف الجوي الإسرائيلي الذي خلف وراءه 27 قتيلا، بعد وفاة طفل متأثرا بجروحه أمس، وعشرات الجرحى ومئات المنازل المدمرة كليا أو جزئيا. فبينما اتهمت إسرائيل الفصائل بمواصلة القصف الصاروخي للبلدات الإسرائيلية، قالت مصادر فلسطينية إن إسرائيل قصفت ورشة خشب لتصنيع الخيزران في غزة. وهدد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بتنفيذ اغتيالات جديدة، في صفوف القادة الفلسطينيين في قطاع غزة الذين يخرقون، حسب قوله، الهدنة الجديدة، في ما نفذت قواته تدريبات علنية حول سقوط صواريخ على تل أبيب، أمس، في إشارة إلى أنها مستعدة لجولة حربية أوسع من الجولة الأخيرة. وقال نتنياهو، في بيان عممه الناطق بلسانه: «إن النشاط الأخير (ويقصد الغارات الإسرائيلية على القطاع التي تسببت في مقتل 27 فلسطينيا، بينهم 5 أطفال)، هو دليل على سياسة الحكومة برئاستي، نشاط هجومي لمنع الاعتداء على مواطني إسرائيل وتعزيز الدفاع عن الجبهة الداخلية». وأضاف أن «رسالتنا واضحة: الهدوء يقابل بالهدوء وكل من يخرقه أو حتى يحاول أن يخرقه، ستجده فوهة مدافعنا».

وتابع البيان: «سدّدنا ضربات دقيقة إلى قادة الإرهاب وإلى بنيته التحتية وأصبنا بدقة الصواريخ التي وُجّهت إلى مدننا وبلداتنا. أريد أن أشيد بالعمل الرائع الذي نفذه جيش الدفاع وجهاز الأمن العام وسلاح الجو والمقاتلون والمقاتلات الذين يشغّلون منظومة القبة الحديدية. أشيد برؤساء البلديات الذين أبدوا روح القيادة والمسؤولية. وأكثر من أي شيء آخر أحيي أهالي الجنوب الذين صمدوا أمام الإرهاب. إن صلابتهم تعتبر عنصرا أساسيا في إطار أمننا القومي. إسرائيل هي دولة داعية للسلام ومع ذلك نحن جاهزون لأي تحد».

وكان إطلاق الصواريخ قد خف بنسبة عالية منذ إعلان الهدنة، في الواحدة من فجر أول من أمس. وخلال 36 ساعة، أطلق فقط 10 صواريخ، أحدها سقط في منطقة سكنية في بلدة نتيفوت الجنوبية. وامتنعت إسرائيل عن الرد المباشر عليها، بدعوى أن «مسألة تطبيق التهدئة تحتاج لبعض الوقت، إذ إن بعض التنظيمات الصغيرة لم تلتزم بعد، وحماس وعدت بمعالجتها». ولكن منذ منتصف الليلة الأخيرة، بدأت «الزنانات» (طائرات بلا طيار تنفذ عمليات قصف واغتيال من الجو)، تحوم فوق سماء مدن القطاع. ثم راحت المدافع الإسرائيلية تقصف من وراء الحدود بعض المناطق الشرقية.

وأرجع المراسل العسكري للقناة الثانية المستقلة للتلفزيون الإسرائيلي، أحد الأسباب الرئيسية لنجاح الغارات الإسرائيلية من جهة وفشل الصواريخ الفلسطينية في إيقاع قتلى في أوساط الإسرائيليين خلال الأيام الأربعة من الصدامات، إلى شبكة مراقبة إلكترونية كبيرة وحديثة نصبت على طول الحدود مع قطاع غزة. وأضاف أن هذه الشبكة، بالإضافة إلى عمل طائرات التجسس التي لا تبرح سماء القطاع، تجعل المدن والمخيمات الفلسطينية مكشوفة تماما لإسرائيل.

وأجرت قيادة أركان الجيش الإسرائيلي، الليلة قبل الماضية، تلخيصا لهذه الأحداث بحضور وزير الدفاع، إيهود باراك، ورأت أن القيام بالمبادرة لهذا العدوان كان صحيحا. وحسبما نقل على لسان باراك فإن الغارات الإسرائيلية حققت أهدافها بالكامل. ولا حاجة لمزيد منها حاليا. ولكنه أضاف: «لا نعرف متى سنضطر إلى عمليات قادمة، لكننا جاهزون لكل احتمال». وقررت قيادة الجيش الالتزام بالتهدئة، مع البقاء على أهبة الاستعداد لكل طارئ.

وفي القطاع يعيش المواطنون حالة من التوتر والترقب في أعقاب خرق التهدئة. ففي ساعة مبكرة من فجر أمس قصفت الطائرات الحربية الإسرائيلية عمارة تشمل مخزنا للأخشاب في شارع النفق، شمال شرقي مدينة غزة، مما أدى إلى اشتعال حريق هائل. وأكد الدفاع المدني الفلسطيني أن النيران امتدت إلى المنازل المجاورة. وادعى الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي أن القصف استهدف «مراكز للإرهاب وأصابها بدقة»، وأن القصف جاء ردا على قيام الفلسطينيين بإطلاق صاروخ «غراد» على مدينة نتيفوت، شرق غزة.

إلى ذلك، قال أحمد المدلل، القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، إنه تم الاتفاق بين الأذرع العسكرية لكل الفصائل الفلسطينية على استراتيجية موحدة في حال خرقت إسرائيل التهدئة، مشددا على أن هذا التوافق تلتزم به جميع الأذرع العسكرية، وضمنها كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، التي باتت مجمعة على عدم السماح لإسرائيل بالانفراد بفصائل بعينها. وأوضح المدلل أن حركته لا تثق بالاحتلال الإسرائيلي، وإنما تثق برد المقاومة الفلسطينية، مشيرا إلى أن حركته تراقب سلوك إسرائيل.

وأوضح المدلل أنه بخلاف المزاعم الإسرائيلية، فإن مصر أبلغت الجانب الفلسطيني أن إسرائيل التزمت بوقف عمليات الاغتيال التي تنفذها ضد قادة وكوادر المقاومة. وأضاف أن حركته تمكنت من إرساء «توازن رعب في مواجهة إسرائيل»، منوها بأن صواريخ المقاومة تمكنت من إجبار مليون مستوطن على التزام الملاجئ، محذرا من أن سرايا القدس ستضرب في المواجهة القادمة ما هو أبعد من تل أبيب.

وفي ذات السياق، قالت المصادر الطبية الفلسطينية إنه تبين من خلال فحص جثث القتلى وإصابات الجرحى أن إسرائيل استخدمت أسلحة وصواريخ تعمل بشكل خاص على تفجير الأحشاء وبتر الأعضاء وحرق الأجساد. وأوضح أدهم أبو سلمية الناطق باسم الإسعاف والطوارئ أن قطر دائرة القتل الناجمة عن إطلاق صاروخ يمتد إلى 6 أمتار، مشيرا إلى أنه لأول مرة تشتم رائحة حرق غريبة من أجساد الأشخاص الذين قتلوا في عمليات القصف، وأن هناك خشية من أن يكون جيش الاحتلال يستخدم أسلحة سامة جدا. وطالب بإجراء تحقيق في نوعية الصواريخ المستخدمة، مشيرا إلى أن حصيلة القتلى بلغت 27 قتيلا بينهم 5 أطفال وأربعة مسنين وفتاة، في حين وصلت حصيلة الجرحى إلى 96 بينهم 30 طفلا و15 سيدة و5 مسنين، في أكثر من 37 غارة شنها الطيران الإسرائيلي منذ ظهر يوم الجمعة الماضي. وعلى صعيد استهداف المنازل خلال الغارات، قال مدير الدائرة الإعلامية بوزارة الأشغال العامة والإسكان محمد العسكري إن نحو 600 وحدة سكنية تعرضت للتدمير الكامل أو الجزئي.