اليمن: انفلات أمني في عدن.. وخسائر كبيرة لـ«أنصار الشريعة» بأبين

مصادر تكشف لـ «الشرق الأوسط» قدوم مئات المسلحين الصوماليين إلى سواحل الجنوب

TT

قتل شخص وأصيب جندي في تفجير عبوة ناسفة زرعها مسلحون من تنظيم القاعدة، في مدينة عدن، صباح أمس، وأعلن تنظيم القاعدة مسؤوليته عن قصف معسكر بدر في مدينة عدن بقذائف الهاون، فيما أكد الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي تجاوز اليمن الكثير من الصعاب والتحديات، في إطار المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية. وقال مصدر عسكري إن مواطنا قتل بعد انفجار عبوة ناسفة، وضعت بالقرب من فندق المطار بخور مكسر، القريب من مطار عدن الدولي، وكانت تستهدف ضابط شرطة بخور مكسر. وأوضح المصدر لـ«الشرق الأوسط» أن «المواطن كان يمر بسيارته وهي من نوع (دينا)، وقت مرور سيارة ضابط الشرطة، فقتل المواطن على الفور فيما أصيب جندي كان برفقته». وتبنى تنظيم القاعدة قصف معسكر بدر ومطاره الحربي، بقذائف الهاون، لكن مصدرا عسكريا نفى أن يكون هناك إصابات جراء هذه القذائف. وتشهد مدينة عدن منذ أيام حالة انفلات أمني، كان أبرزها انتشار مسلحين يعتقد أنهم من «القاعدة» في عدد من شوارعها كما حدث في منطقة البريقة، ودار سعد، وخور مكسر، كما نهب مجهولون مبلغ 75 مليون ريال يمني من أموال البنك الزراعي.

ويكثف تنظيم القاعدة في جزيرة العرب من أنشطته الإرهابية في مناطق جنوب اليمن، خلال الآونة الأخيرة، وبالأخص منذ أن بدأت القبضة الأمنية للمؤسستين الأمنية والعسكرية تتراخى في جنوب البلاد. وقالت مصادر سياسية يمنية رفيعة لـ«الشرق الأوسط» إن «القاعدة» تخطط للاستيلاء على مدينة عدن، حاضرة جنوب اليمن، بعد أن تمكنت من بسط سيطرتها على أجزاء كبيرة من محافظة أبين، وتسعى للسيطرة على محافظات أخرى كحضرموت وشبوة والبيضاء، والأخيرة بوسط البلاد ومجاورة لأبين، وجرى استهداف معسكرات «القاعدة» فيها عبر الطيران العسكري خلال الأيام القليلة الماضية.

وذكرت المصادر أن هناك مئات المسلحين الصوماليين من «حركة الشباب المجاهدين» وصلوا إلى الشواطئ اليمنية للمشاركة في الاستيلاء على عدن وغيرها من المدن، في سياق تنسيق بين المتشددين الإسلاميين في المنطقة والقرن الأفريقي، وأعربت تلك المصادر عن مخاوفها الشديدة من التحركات الجارية، ووصفت الاستيلاء على عدن بأنه «كارثة حقيقية».

وكشف اللواء صادق حيد، مدير أمن محافظة عدن، عن اختفاء شاحنتين محملتين بالأسلحة خلال الفترة الماضية، حينما كانت في طريقها إلى مخازن إدارة أمن المحافظة، كما ذكر في مؤتمر صحافي، أمس. ودعا اللواء حيد وزارة الدفاع إلى سرعة التحقيق في الواقعة وكشف مصير تلك الأسلحة والجهة التي ذهبت إليها.

وبدأ في عدن تنفيذ الخطة الأمنية السبت الماضي، والتي تهدف إلى حفظ الأمن بعد التدهور الأمني الواضح وانتشار المجاميع المسلحة في المدينة بصورة علنية، وتهديدات العناصر المسلحة بالدخول إليها عبر أبين. وكانت أجهزة الأمن، في عدن، قالت، أول أمس، إنها ضبطت عددا من المتورطين في نهب ما يزيد على 75 مليون ريال يمني من سيارة تابعة لبنك التسليف الزراعي وهم يرتدون زي قوات الأمن المركزي، وسبق لمسلحين مجهولين القيام بنهب ما يقرب من المليار دولار أميركي خلال العامين المنصرمين.

ولقي مئات الجنود حتفهم وجرح المئات، أيضا، في عمليات نفذتها «القاعدة» في جنوب اليمن ضد معسكرات تابعة لدوريات الأمن وقوات الجيش في أبين وعدن ولحج وحضرموت والبيضاء، والأخيرة في المحافظات الشمالية، ووجهت أصابع الاتهام إلى قادة عسكريين بالتواطؤ مع التنظيم لمهاجمة تلك المواقع العسكرية.

وذكرت وزارة الداخلية اليمنية أن مقاتلا صوماليا يكنى «مصطفى» أحضر إلى مدينة عدن بعد أن ألقي القبض عليه في إحدى النقاط الأمنية وهو مصاب بشظية في مؤخرة الرأس، وقد أسعف إلى أحد مستشفيات عدن تحت حراسة مشددة. وفي محافظة أبين جنوب اليمن، تكبدت جماعة «أنصار الشريعة» خسائر كبيرة في العتاد والأفراد على مدى اليومين الماضيين، حيث تواصل القصف الجوي من طائرات يمنية وأميركية على مواقعهم في جعار، وخنفر، وزنجبار، وقال مصدر محلي لـ«الشرق الأوسط»: «إن وحدات الجيش المرابطة حول مدينة زنجبار قصفت بالمدفعية مواقع للجماعة في منطقة باجدار، مساء أمس، أسفرت عن قتلى وجرحى في صفوفهم ». إلى ذلك يعتزم أهالي الجنود والضباط المحتجزين من قبل جماعة «أنصار الشريعة» منذ أسبوع التظاهر أمام مقر قيادة المنطقة الجنوبية مطلع الأسبوع المقبل، لمطالبة وزارة الدفاع والقيادة العسكرية والسياسية، بسرعة العمل على الإفراج عنهم، محذرين من تنفيذ الجماعة تهديداتها تجاه العسكريين، أو إصابتهم بأذى بعد إعلان الجماعة احتجازهم داخل هناجر، بمدينة جعار، قريبة من مواقع تستهدفها الغارات الجوية، واحتجزت الجماعة أكثر من 72 عسكريا، بعد معارك عنيفة مع قوات الجيش، في دوفس والكود، بمحافظة أبين، كما قتل فيها عشرات الجنود. وفي محافظة البيضاء جنوب شرقي العاصمة اليمنية صنعاء، قالت مصادر قبلية إن رجال الشرطة أبطلوا عبوة ناسفة وضعها مجهولون في سوق القات وسط المدينة، يأتي ذلك بعد يوم من هجوم لمسلحين يعتقد أنهم من تنظيم القاعدة على نقطة عسكرية. وكشف محافظ البيضاء محمد العامري عن جنسية الانتحاري الذي فجر نفسه بالنقطة العسكرية، وقال إنه «يحمل الجنسية السعودية وقد فجر نفسه داخل سيارة مفخخة بمبنى الحراسة». وقال العامري إن «المواجهات أسفرت عن مقتل أربعة عناصر من المهاجمين بينهم القياديان البارزان ناصر عبد ربه الظفري وسيف سالم التيسي، والاثنان الآخران هما الصمبحي محمد أحمد الخبزي، وسالم علي الظهري، إلى جانب إصابة ثلاثة آخرين، واعتقال أربعة آخرين يجري التحقيق معهم حاليا».

وفي الشأن السياسي، أكد الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي تجاوز اليمن الكثير من الصعاب والتحديات على الصعد الاقتصادية والسياسية والأمنية في إطار المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية. وقال هادي في لقاء مع مبعوث الحكومة الفرنسية مدير دائرة شمال أفريقيا والشرق الأوسط باتريس باولي: «إن المرحلة الثانية من المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية حافلة بالكثير من الأعمال والبرامج وفي المقدمة المؤتمر الوطني العام الذي ستشارك فيه كل فئات المجتمع». ولفت إلى «تجاوز الكثير من الصعاب والتحديات في طريق حلحلة الأزمة بصورة كاملة من أجل عودة الحياة إلى طبيعتها واستعادة الاستقرار الأمني والاقتصادي وبما يلبي طموحات الشعب اليمني».