خبراء لـ«الشرق الأوسط»: الناتو لن يتدخل عسكريا في سوريا

بيار رازو: التدخل العسكري في ليبيا «كان لضرورات عملية»

TT

أكد بيار رازو، عضو معهد الدفاع التابع للحلف الأطلسي القائم في روما، أنه «ليس للحلف الأطلسي أي نية أو رغبة أو خطة للتدخل العسكري في الموضوع السوري».. مشيرا إلى أن الأمر لا يتوقف على استحالة استصدار قرار يعطي الضوء الأخضر لتدخل عسكري من مجلس الأمن في الوقت الحاضر فقط، بل «لأسباب داخلية وبنيوية» متعلقة بالحلف نفسه.

وجاءت تصريحات رازو، الباحث في السياسيات الاستراتيجية، على هامش مؤتمر دولي نظمه المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية في باريس، وشارك فيه خبراء من أميركا وأوروبا وروسيا والهند والبرازيل والعالم العربي، تحت عنوان: «تأثيرات الربيع العربي على السياسات الدولية».

وقال رازو إن الذين يعولون النفس على تدخل للحلف الأطلسي في الأزمة السورية، على غرار ما حصل في ليبيا، «مخطئون تماما لأن ليبيا كانت استثناء، ولأن العوامل التي تدفع القيادة الأطلسية للبقاء بعيدا عن هذا النزاع كثيرة وأساسية»، مشيرا إلى أن السبب الأول لذلك هو أن الحلف الأطلسي يجتاز أزمة مالية حادة، ويتعين عليه بالتالي «القيام بخيارات» بسبب تراجع ميزانيته ومعه طموحاته ومهماته، بحيث «يعود إلى مهمته الأساسية فيما تبرز بوادر حرب باردة جديدة مع روسيا».

وعليه، يرى رازو أن المتوسط والعالم العربي «لا يشكلان أولوية» بالنسبة للأطلسي، خصوصا أنه «لا يملك إزاءهما رؤية متماسكة وواضحة»، بحيث يستبعد أي دور عسكري للأطلسي في أزمات فلسطين - إسرائيل والملف النووي الإيراني والموضوع السوري.

ويؤكد الباحث الاستراتيجي أن الحلف «لا يريد إثارة مشاكل لا مع تركيا من جهة، ولا مع روسيا من جهة أخرى» يمكن أن يدفع إليها تدخل الحلف عسكريا في هذه النزاعات؛ بسبب التوتر الذي أثاره دور الأطلسي في الأزمة الليبية. وفي هذه النقطة بالذات، يعزو عضو المعهد الأطلسي في روما، الدور العسكري للحلف في ليبيا إلى «أسباب محض عملية بسبب الحاجة إلى استخدام القواعد الجوية الأطلسية في إيطاليا واليونان»، بعد أن باشرت 4 دول أوروبية الأعمال العسكرية في ليبيا وهي فرنسا، وبريطانيا، وبلجيكا وهولندا.

ويتخوف الحلف من رد فعل تركي إذا ما طرح موضوع التدخل في سوريا على النقاش داخل مؤسسات الحلف، حيث تتخذ القرارات بالإجماع، وبالتالي فإن تركيا ستعارض التدخل لأنها «لا تريد جبهة أطلسية على حدودها» مع سوريا، مع ما يعنيه ذلك من دور «إلزامي» لها، فضلا عن ذلك، يؤكد رازو أن قيادة الحلف التي هي في صدد إعادة تقويم علاقاتها مع روسيا «لا تريد في الوقت الحاضر أن تثير نزاعا مع موسكو»، بعد الأزمة التي رافقت التدخل الأطلسي في ليبيا، والتي تشكل أحد الأسباب التي تدفع الكرملين لإجهاض مشاريع القرارات في مجلس الأمن حول سوريا.

وما يقوله بيار رازو تؤكد عليه الكندية جانيس ستاين، مديرة معهد مونك للدراسات الشاملة التابع لجامعة تورينتو، والتي قالت لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا توجد فرصة مطلقا أن تقوم الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا بأي عمل عسكري في سوريا»، عازية ذلك إلى أن الرئيس أوباما «مشغول تماما بحملته للفوز بالبيت الأبيض في ولاية جديدة، ولأنه لا يريد حربا أميركية رابعة ضد بلد مسلم»؛ بعد أفغانستان والعراق وليبيا.

وترى ستاين أن الحل في سوريا «لا يمكن أن يكون عسكريا، وإذا حصل تدخل عسكري فلا مهرب من وقوع كارثة». كذلك، فإنها تستبعد إقامة الممرات الإنسانية أو المناطق العازلة «لأنها تحتاج لحماية عسكرية وقبل ذلك لتدخل جوي من أجل شل القوات السورية التي يمكن أن تتعرض للممرات أو للمناطق الآمنة».

من هذه الزاوية، ترى ستاين أن «الحل» لا يمكن أن يأتي إلا من خلال عمل دولي تضم إليه روسيا والصين والهند والبرازيل «لبدء مسار يبدأ بتغيير سياسة الأسد، وليس تغيير النظام، لأنه إن بدأنا بطلب رحيله فسيتشبث بالسلطة أكثر فأكثر وسيضاعف اللجوء إلى العنف».

وتعتبر ستاين أن الغرض الأول لهذا العمل الجماعي يجب أن يكون وضع حد للمجازر فورا ووقف العنف من أجل التمهيد لعمل سياسي، وتعزو الباحثة الكندية «التذبذب» في السياسة الأميركية لغياب «الرؤية الواضحة» حول ما هو مطلوب وما هو ممكن.. وفي رأيها أن واشنطن «قادرة على التدخل لكنها لا تريده».