مفجر الثورة السورية لـ «الشرق الأوسط»: سأخطب الجمعة قريبا في الجامع الأموي

إمام المسجد العمري: التقيت الأسد في أبريل الماضي وكان يستمع ولا يجيب.. وقلت له صراحة: إن كنت تريد الإصلاح فهيئ له الأجواء

أحمد الصياصنة ومظاهرة أثناء جنازة في حلب (أوغاريت)
TT

منذ أن غادر شيخ الثورة السورية أحمد الصياصنة إمام المسجد العمري الذي انطلقت منه الثورة قبل نحو عام في درعا، الأراضي السورية سرا إلى الحدود الأردنية التي دخلها يوم 28 يناير (كانون الثاني) الماضي، لم يتوقف عن التواصل اليومي مع أبناء مدينته وعموم السوريين، عبر الهاتف والإنترنت.

الشيخ الضرير، اعتقل مرات عديدة واستشهد ابنه أسامة خلال الثورة وهدد بقتل باقي أبنائه، ويعتبر الشيخ الصياصنة أول من حرك الثورة السورية من خلال خطبه النارية في المسجد العمري بدرعا بجنوب سوريا، التي كان يحضرها ما يزيد على 50 ألفا في بداية الثورة. يتذكر سبعة أشهر من الإقامة الجبرية بعد اعتقاله تحت حراسة قوى الأمن السورية، وفراره بعد يومين من إطلاق سراحه إلى مدينة الرمثا التي دخلها بعد عبور نحو 16 كيلومترا على القدمين، وسعي المخابرات الجوية السورية لاعتقاله مجددا بعد وشاية أحد العملاء، لكن عناية الله ساعدته في الوصول للحد الفاصل في الحدود السورية الأردنية (الشيك) حيث تم استقباله من قبل حرس الحدود في الجيش الأردني، وقدمت له المساعدات اللازمة قبل أن يتم استضافته في مبنى أحد الأجهزة الأمنية حيث قدم له طعام الغداء قبل أن يتم نقله إلى العاصمة عمان. والشيخ الصياصنة كان من أول الداعين للمشاركة في المطالبات بإسقاط النظام في سوريا انطلاقا من مدينة درعا.. وجاء معه الحوار على النحو التالي:

* نبدأ بآخر تطورات الوضع في محافظة درعا.. وهل أنت على تواصل يومي مع الناس هناك؟

- في درعا البلد أو درعا المحطة، رجال الأمن السوري ينتشرون في الأزقة والحارات، و«الشبيحة» في كل مكان، وقناصة النظام على أسطح البيوت والعمارات بالملابس المدنية يترصدون الآمنين، والانفجارات لا تتوقف أيضا، إنه وضع مأساوي إلا ما رحم ربك، والسلطات تشن «حملة اعتقالات» ضد أبناء المدينة، وذلك على خلفية المظاهرات التي لا تهدأ، وتتجدد الاشتباكات في مدينة درعا بعد مشاركة الآلاف من أبناء المدينة في تشييع القتلى، والجامع العمري تحول إلى دار لتقديم واجب العزاء، في قتلي الثورة الأبرار، وكل السكان يعرفون بعضهم فدرعا «مدينة صغيرة»، وبالتالي فهم يعرفون شبيحة النظام والمخربين.

* ما تعليقكم على ادعاء النظام السوري أن المسجد العمري اتهم بإيواء مجرمين، ما الذي حدث فعلا وأنت إمام المسجد قبل أن تغادر الأراضي السورية؟

- المسجد العمري بريء من تهم النظام التي وجهها إليه، الجامع العمري يزدحم في العادة بحفاظ كتاب الله والمؤمنين القانتين المحافظين على الصلوات الراعين لفروض المولى عز وجل، ولا مكان فيه للمخربين والمجرمين، والذي حدث فعلا أن الأمن المركزي وضع فيه سلاحا وصوره الإعلام السوري الكذّاب، زورا وباطلا، على أنه لجماعات مسلحة، وإذا كانت هناك عصابة مسلحة لماذا لا يقبض عليها الأمن، وكيف نقل السلاح في ظل قيود الأمن المفروضة على كل السوريين.

وكان هذا تكملة للجريمة التي سبقت هذه الحادثة حين اعتقلوا الأطفال والشباب وخلعوا أظافرهم وأطلقوا النار على الناس العزل، وحين ذهب الأولياء للاستفسار قال لهم رئيس الأجهزة الأمنية أخبروا نساءكم أن ينجبن أطفالا آخرين.

* بعد لقائكم بالرئيس السوري بشار الأسد أبريل (نيسان) الماضي، والذي كان لكم معه حديث حول الأحداث التي شهدتها درعا، كانت هناك وعود بتشكيل لجنة لرفع مستويات المعيشة ودراسة إلغاء حالة الطوارئ المفروضة في سوريا منذ 48 عاما.. أين الحقيقة وهل أنتم راضون عن نتائجه؟

- نعم التقينا بالرئيس بشار الأسد في يوم 14 أبريل الماضي، وعموما كان الرجل يستمع ولا يجيب ، وقلت له صراحة: «إن كنت تريد الإصلاح فهيئ الأجواء للإصلاح، أما أن تقتلوا الناس وتطوقوا المدن فلن يحقق ذلك الأمن والأمان»، أوضحنا له الصورة جيدا، وقلنا له إن الصورة نقلت له بشكل غير صحيح، عن الوضع في درعا وعن خلفيات الأحداث، والمجازر والفضائح التي وقعت، كما قلنا له إننا نعاتبه كونه لم يزر المحافظة ليقف على الوضع الحقيقي فيها، واليوم الوقت تأخر كثيرا في سوريا، وهناك انتفاضة شعبية تزأر في الشارع السوري. وأوضحنا أنه منذ شهور طالبنا بإصلاحات جدية وسريعة لتوفير الوقت والجهد والخسائر على الشعب السوري، ووعدنا بسحب قوات الأمن المركزي منها، وقانون للأحزاب وآخر للصحافة، وإطلاق سراح المعتقلين، إضافة إلى رفع حالة الطوارئ، والقيام بإصلاحات شاملة تلبي رغبات السوريين، ولمسنا منه أنه لم تنقل إليه الصورة بوضوح، غير أننا لم نر شيئا من تلك الوعود يتحقق على الأرض في المدن السورية، وأستطيع القول إن آفاق الإصلاحات تأخرت كثيرا في سوريا، ولم يكن هناك أمام الشعب إلا الانتفاضة على ما يجري، والانتفاضة الشعبية في المدن السورية لن تتوقف حتى يتحقق الإصلاح بسقوط النظام.

* كيف تفسّر الاستجابة القوية لعلماء الأمة الإسلامية في الفترة الأخيرة لما يحدث في سوريا.. وما موقفكم من الحملة التي تشن ضد الشيخ يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين؟

- أنا مع الشيخ يوسف القرضاوي في رأيه، أحترمه في آرائه وأحبه، وهو رجل مجاهد يقول كلمة الحق وأجره على الله ، رغم أني لم ألتق به ولا أعرفه عن قرب، ولست مع من يتكلم عنه بأي سوء، أما عن الشيخين البوطي ومفتي سوريا أحمد حسون فهما من علماء السلطان ومنبوذان من قبل السوريين بأنهما اشتريا الضلالة بالهدى، واشتريا الحياة الدنيا بالآخرة، وهذه صفة كل عالم لا يقول الحق، لأنهما لم يقفا إلى جانب المظلومين والمضطهدين، وأقول للشيخين هل من خرج مطالبا بحريته وكرامته أصبح مجرما، الأمن المركزي قتل من تظاهر سلميا للمطالبة بحريته، والنظام تعود على قول نعم فقط، وحين قال الشعب لا، قتلوه، وقالوا إنه مجرم وخائن، هل نقبل بالضرب والتعذيب حتى نكون سوريين، جريمتنا هي المطالبة بالحرية. إن أمنيتي اليوم التي أدعو الله لأجلها ليل نهار، أن يمنحني طول العمر لألقي خطبة الجمعة في المسجد الأموي أو المسجد العمري، الذي تركت فيه أحد تلامذتي هناك حتى يتحقق الفرج من عند الله، إنني أشعر أن فرج الله قريب بسقوط هذا النظام.

* ما السيناريوهات المتوقعة من وجهة نظركم؟

- الوضع مؤلم الآن في الشارع السوري بعد المذابح التي ارتكبها عناصر حزب الله وجيش المهدي القادم من العراق، لأنهم هم الذين ذبحوا الناس في حمص وحماه وإدلب، وأعتقد أن الثورة التي سيرها الله لن تتوقف حتى يتحقق الحق، وستمضي حتى النصر، ولا أعتقد أن المظاهرات ستتوقف، لأن الشعب السوري مل الوعود، والمواطنين اليوم بعد المذابح لا يثقون في وعود النظام، الرئيس بشار الأسد منذ توليه مقاليد الحكم في سوريا تحدث عن الإصلاحات وتفاءلنا خيرا حينها، لكن لم نر شيئا من تلك الإصلاحات على الأرض، يبدو أن الطبقة الحاكمة وقفت ضد الإصلاحات التي جاء بها، وبذلك فقد الناس الثقة في النظام، وبعد جرائم القتل العديدة لا يوجد من يثق في نظام بشار الأسد اليوم، ثم هل يعقل أن ننتظر من الفاسد والمفسد أن ينجز إصلاحا، الجهاز كله فاسد، ولا ننتظر شيئا سوى رحيل النظام، على الأرض عناصر حزب الله والحرس الثوري الإيراني وجيش المهدي القادم من العراق ينفذون المذابح وقطع الرقاب بحق المعارضين، وندعو العلماء والمشايخ في مصر والعالم العربي والإسلامي للدعاء لأهالي درعا وسوريا ليفرج عنهم محنتهم، وعندما أذهب إلى مسجد في الأردن اليوم أو العاصمة عمان وأسمع خطيب لا يتحدث عن مأساة أهل سوريا أشعر بالأسى، ومنذ مدة ذهبت إلى العاصمة عمان وسمعت خطيب الجمعة يتحدث عن الكارثة الكروية في استاد بورسعيد المصرية بين فريقي الأهلي والمصري البورسعيدي، ونسي الشيخ أن يتطرق من قريب أو من بعيد إلى محنة السوريين اليومية لحظتها شعرت بالحزن، ولذا فإني أدعو المولى عز وجل أن يفك كرب السوريين بإزالة هذا النظام.