منظمة حقوقية مغربية تطالب بعدم تنفيذ حكم الإعدام ضد منفذ تفجير «أركانة»

آخر حكم إعدام نفذ ضد عميد شرطة قبل عقدين

TT

قال «الإتلاف المغربي ضد الإعدام» إنه سيعمل ضد تنفيذ عقوبة الإعدام ضد متهمين في تفجير مقهى «أركانة» في ساحة جامع الفنا بمراكش، كان قد أصدرت محكمة استئناف مختصة في قضايا الإرهاب الأسبوع الماضي حكما بإعدامهم. ويضم «الإتلاف المغربي ضد الإعدام» فاعلين وناشطين في مجال حقوق الإنسان ومحامين، ضمنهم من ترافعوا ضد هؤلاء المتهمين نيابة عن أسر الضحايا، إلى جانب دفاع المتهمين أيضا.

وكان «الإتلاف المغربي ضد الإعدام» أصدر بيانا يرفض فيه الحكم الابتدائي الذي صدر في أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي ضد المتهم الرئيسي عادل الثماني، قبل أن يصدر حكم بالإعدام الأسبوع الماضي ضد متهم آخر هو حكيم الداح، وجهت إليه تهمة مساعدة العثماني.

وبذلك يكون صدر حكمان بالإعدام في المغرب خلال خمسة أشهر، بيد أنه يلاحظ أن تنفيذ مثل هذه الأحكام التي تلقى معارضة شديدة داخل الأوساط الحقوقية لم تنفذ منها أي حكم منذ نحو عقدين، أي منذ آخر إعدام نفذ عام 1993 ضد مصطفى ثابت، وهو عميد شرطة مباحث تورط في قضايا أخلاقية أثارت ضجة واسعة النطاق في تلك الفترة.

وكانت محكمة الاستئناف في سلا المجاورة للرباط حكمت بالإعدام ضد عادل العثماني الذي نفذ عملية تفجير مقهى «أركانة» في أبريل (نيسان) من العام الماضي على الرغم من أنه أنكر أمام المحكمة ما كان قد أقر به في التحقيقات من مسؤوليته عن حادث التفجير الذي كان قد أودى بحياة 17 شخصا وجرح 21 آخرين معظمهم من السياح. كما قررت المحكمة نفسها تحويل حكم المؤبد ضد حكيم الداح إلى الحكم بالإعدام وبرفع باقي الأحكام التي أصدرتها محكمة ابتدائية في وقت سابق ضد سبعة متهمين آخرين من سنتين وأربع سنوات إلى 10 سنوات. وكانت خصصت آخر جلسة من تلك المحاكمة، التي استقطبت الاهتمام داخل وخارج المغرب، للاستماع للمتهمين قبل النطق بالحكم.

وكان العثماني تطرق في آخر مداخلاته أمام المحكمة إلى ما قبل التفجيرات الإرهابية التي هزت الدار البيضاء في 16 مايو (أيار) 2003، وحاول القاضي إيقاف حديثه عن تلك التفجيرات، بيد أنه أصر على ربط تلك الأحداث بباقي التفجيرات التي حدثت في المغرب بما فيها تفجير مقهى «أركانة»، وأشار إلى ما نشرته بعض الصحف المحلية عام 2003 حول تعاون بين المخابرات المغربية والأميركية، وقال إن تلك الصحف توقعت حدوث تفجيرات، في إشارة إلى تفجيرات الدار البيضاء، وذلك لتبرير حملة اعتقالات في صفوف «الإسلاميين» على حد زعمه. وقال العثماني في ما يشبه محاولة لإبعاد التهمة عن نفسه بعد أن كان قد اعترف أثناء التحقيق بجريمة تفجير مقهى «أركانة»، إن صحيفة مغربية تنبأت أيضا بحدوث تفجير مراكش. وكان العثماني يقصد أن بعض المصادر الصحافية تعلم من يقف وراء هذه التفجيرات، وادعى أنه «لا مصلحة له في ما وقع». وطالب باقي المتهمين أمام قاضي الاستئناف بالبراءة مما نسب إليهم، بيد أن الأحكام جاءت متشددة، وأحبطت عائلات المتهمين، حيث تعالى يومها الصراخ والعويل والبكاء، في حين لم يخف أفراد أسر الضحايا شعورهم بالفرح بعد صدور الأحكام.

يذكر أن الجلسة التي سبقت الجلسة الختامية خصصت لمرافعات دفاع المتهمين الذي اعتبر أن الحكم الابتدائي الصادر في حق المتهمين التسعة «مجانب للصواب لأنه لم يعلل تعليلا سليما، واكتفى بما جاء في محاضر الشرطة القضائية التي شابتها مجموعة من التناقضات ولم يأخذ بتصريحات المتهمين»، على حد قول أحد المحامين.

وفي سياق ذي صلة قال حسن بطار شقيق المتهم عبد الصمد بطار لـ«الشرق الأوسط» إن دفاع المتهمين كشف أمام المحكمة غياب الدلائل والشهود وبرهنوا على أن المحاكمة لم تكن عادلة وروعي فيها شيء واحد وهو أرضاء الأجانب والفرنسيين الذين حضروا الجلسات.

تجدر الإشارة إلى أن معظم الضحايا في تفجيرات «أركانة» كانوا سياحا فرنسيين، وأضاف: «إن مرافعات الدفاع أخذت الوقت الكافي للتعبير عن تطلعات أسر المتهمين في الحصول على حكم البراءة لغياب الأدلة، وإن طول المرافعات لم يترك الوقت لإصدار الحكم، لذلك تم تأجيل النطق به».

وفي هذا السياق اعتبر الدفاع أن محاضر الشرطة القضائية «لا تتوفر على حجج ودلائل واقعية مما يستوجب استبعادها»، ملتمسا «إلغاء الحكم الابتدائي بما قضى وتبرئة المتهمين». وكان دفاع المطالب بالحق المدني قد التمس خلال الجلسة الختامية الحكم وفق ما طالبت به النيابة العامة مع تحفظه بخصوص عقوبة الإعدام على اعتبار أن لكل شخص الحق في الحياة. وسبق لممثل النيابة العامة أن التمس تأييد الحكم الابتدائي الصادر ضد المتهمين عادل العثماني وعبد الحكيم الداح والقاضي تباعا بعقوبة الإعدام والسجن المؤبد وبرفع عقوبة السجن ضد باقي المتهمين، تتناسب وخطورة الأفعال المنسوبة إليهم.