التصعيد الإسرائيلي يشل الحياة بمناطق التماس في غزة

المزارعون يهجرون مزارعهم خوفا من رصاص جنود الاحتلال

TT

بخلاف ما كان يدرج عليه في هذا الموسم من كل عام، لم يتوجه محمد أبو سمحة لكرم العنب الذي يملكه في شرق مدينة دير البلح، وسط قطاع غزة، لكي يتفقد الأشجار، ويعتني بها. وتعتبر مثل هذه الخطوة بالنسبة لأبو سمحة مخاطرة غير محسوبة، في ظل عمليات القصف العشوائي التي تقوم بها القوات الإسرائيلية للمناطق التي تصنف على أنها «مناطق تماس بالغة الخطورة» بين قطاع غزة وإسرائيل. ويرى أبو سمحة والأشخاص الذين يملكون مزارع في هذه المناطق التي تقع على مسافة 200 متر من خط التماس، أن التصعيد العسكري الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة زاد إلى حد كبير من خطورة الوجود في المنطقة. وحسب إسماعيل سلام، وهو مزارع في المنطقة، فإن الدبابات الإسرائيلية المتمركزة إلى الشرق من الخط الحدودي تطلق قذائفها بشكل عشوائي على المناطق الزراعية، الأمر الذي يعني أن العمل في المزارع قد يفضي إلى الموت. وتبدو ظروف الناس الذين يقطنون على تخوم مناطق التماس مأساوية، إذ إن الأهالي في هذه المناطق يفرضون على أنفسهم حظر تجوال إرادي، وهم لا يقتربون من المزارع المتاخمة للخط الحدودي، وما أن يرخي الليل سدوله حتى يلتزموا منازلهم، فلا يغادرونها حتى يصبح الصباح. لكن الليل في هذه المناطق قاس جدا، حيث تتمرد عيون الأطفال والرجال والنساء على النوم بسبب سقوط القذائف المدفعية في المزارع المجاورة. ويقول يحيى مسلم، الذي يقطن في قرية القرارة، شمال مدينة خان يونس، جنوب القطاع، إنه يشعر وكأن الأرض قد أصابها زلزال بفعل تواصل القصف. ويحرص الناس في هذه المناطق على تجنب استخدام السيارات أو الدراجات النارية خشية أن يتم استهدافهم من قبل طائرات الاستطلاع من دون طيار التي لا تغادر سماء غزة بالمطلق. ويعتقد الناس هنا أن إسرائيل ترى في كل من يقترب من الخط الحدودي مقاوما يخطط إما للتسلل عبر الحدود، أو يهم بزرع عبوة، لذا يتم استهدافهم بالقصف. ويعزز مشاعر الخوف لدى الناس هنا عدم صمود التهدئة التي أعلن عن التوصل عنها فجر الثلاثاء الماضي، فإسرائيل تواصل عمليات القصف، بحجة الرد على ما تعتبره خروقات فلسطينية للتهدئة.

ونفذت الطائرات الإسرائيلية فجر أمس، غارتين على هدفين في مدينتي غزة وخان يونس، دون أن يبلغ عن وقوع إصابات. وشنت الطائرات الغارة الأولى على بيارة (بستان) قرب سوق السيارات جنوب مدينة غزة، ما أحدث حفرة عميقة في الأرض، دون وقوع إصابات، وبعد وقت قصير أغارت طائرات الاحتلال على دفيئة زراعية في قرية عبسان في خان يونس جنوب القطاع.

وكانت الشرطة الإسرائيلية قد ذكرت أن ثلاثة صواريخ فلسطينية سقطت على جنوب إسرائيل في النقب في وقت سابق دون الإعلان عن وقوع إصابات. وذكرت الإذاعة الإسرائيلية أن الدراسة تعطلت في بئر السبع وعسقلان وأسدود وغان يافنية، ما يعني أن 135 ألف تلميذ وتلميذة سيلازمون منازلهم اليوم أيضا.

من جهة ثانية، قالت مصادر سياسية إن إسرائيل لا تعتزم تصعيد عملياتها أكثر من ذلك. وقالت هذه المصادر لموقع «يديعوت أحرونوت»: «إن التجربة تدل على أنه بعد كل جولة تصعيد، هناك ما تسميه المؤسسة الأمنية في إسرائيل (ذيول) المعركة، يتم خلالها إطلاق عدة صواريخ للتدليل على أنهم آخر من أطلق النار، وهي الضربات التي تمتصها إسرائيل وتحتويها». ونقل الموقع عن مصادر عسكرية إسرائيلية قولها إن المعلومات لدى أجهزة الأمن الإسرائيلية تفيد بالتزام عناصر الجهاد الإسلامي بالتهدئة، مشيرة إلى أن تنظيمات صغيرة جدا مدعومة من «جهات كبيرة» تقوم بعملية الإطلاق في محاولة واضحة لتخريب التهدئة الحالية التي توسط فيها المصريون. وأوضحت المصادر أن الجيش سيقوم بردود موضعية على عمليات لإطلاق تستهدف تدمير راجمات صواريخ مخبأة وأنفاق أرضية دون اللجوء إلى توسيع شامل للعمليات.