خبير إعلامي لـ «الشرق الأوسط»: تكلفة الحملة الجادة والمخططة لن تقل عن 100 مليون جنيه

شكوك حول التزام مرشحي الرئاسة في مصر بضوابط تمويل الحملات الدعائية

الدكتور سامي عبد العزيز
TT

بينما أبدى عدد من مرشحي الرئاسة المحتملين في مصر استنكارهم لتحديد الحد الأقصى لتمويل الحملات الانتخابية بـ10 ملايين جنيه (1.6 مليون دولار أميركي)، مؤكدين أن الحملات تتحمل أضعاف هذا المبلغ، قال مراقبون وخبراء في الدعاية الانتخابية إنه يستحيل ضبط هذه العملية حسب الجدول الزمني المعلن للدعاية الرسمية الذي حدده القانون بـ21 يوما فقط، مشككين أيضا في التزام المرشحين بالقانون، خاصة سقف المبالغ المحددة للصرف على الحملات ومصادر هذه الأموال، وسط اتهامات بالاستعانة بجهات خارجية.

وأكد الخبير في حملات الدعاية الانتخابية والإعلانية، الدكتور سامي عبد العزيز، لـ«الشرق الأوسط» أن أي حملات جادة مخططة ومدروسة ستتكلف ما لا يقل عن 100 مليون جنيه، وأن القانون الموجود حاليا سيتم الالتفاف عليه بالطبع، مع صعوبة ضبط أي مخالفات من قبل لجنة الانتخابات.

وقال مرشحون محتملون إنهم ينوون جمع تكاليف حملاتهم الانتخابية عبر تبرعات من مؤيديهم وأموالهم الخاصة، في ظل عدم وجود غطاء حزبي لمعظم المرشحين حتى الآن، الذين قرروا النزول كمستقلين. وحدد قانون الانتخابات الرئاسية 10 ملايين جنيه حدا أقصى للدعاية الانتخابية في الجولة الأولى، ومليوني جنيه في الإعادة. وتسمح أحكام الحملات الانتخابية، لكل مرشح بفتح حساب بنكي لتلقي التبرعات لحملته الانتخابية عبر ثلاثة بنوك مصرية فقط هي: «الأهلي، مصر، القاهرة».

وقررت اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية حظر الدعاية الانتخابية حتى 30 أبريل (نيسان) المقبل، على أن يبدأ المرشحون في الدعاية الانتخابية اعتبارا من مطلع شهر مايو (أيار) ولمدة 21 يوما فقط.

وقال المستشار فاروق سلطان، رئيس اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة: إن اللجنة ستبلغ النائب العام بالمخالفات الخاصة بالدعاية التي قد تحدث؛ لأنها تمثل جريمة جنائية، كما أخطرت وزير الإعلام ومجلس الشورى باتخاذ اللازم نحو الدعاية التي تبثها وسائل الإعلام، وفى حالة ثبوت دعاية سيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة. وشدد سلطان على أن تمويل الحملات الانتخابية سيكون مراقبا، ولن يتم السماح للمرشحين بالحصول على تمويلات بما يخالف القانون؛ حيث يقوم الجهاز المركزي للمحاسبات برصد تمويلات المرشحين وإخطار اللجنة أولا بأول بالإيرادات التي حصل عليها المرشحون.

وتشهد اللجنة العليا للانتخابات إقبالا غير متوقع من قبل الراغبين في الترشح؛ حيث وصل عدد من سحبوا أوراق الترشح للانتخابات التي تجرى يومي 23 و24 مايو (أيار) المقبل، إلى أكثر من 600 مرشح حتى الآن.

الدكتور سامي عبد العزيز، الذي قاد حملات دعائية من قبل للرئيس السابق حسني مبارك ومنافسه الدكتور نعمان جمعة في آخر انتخابات رئاسية في مصر عام 2005، قال لـ«الشرق الأوسط»: «هناك دول كثيرة تحدد سقف الدعاية الانتخابية، لكن الأهم هو مصادر التمويل وليس سقف المبلغ»، موضحا أن هناك نقطة مهمة في مفهوم الحملات الدعائية في الخارج غائبة عن المشهد في مصر، هي أنه نادرا ما يكون في الخارج مرشح بلا سند حزبي؛ حيث يكون جهد الحزب وأعضائه مجانا، وهذا لو تم حسابه بمفرده سيتجاوز ملايين الدولارات. وأضاف عبد العزيز أن تحديد مبلغ الـ10 ملايين جنيه يعني استمرار الازدواجية وأننا نضع قاعدة من أجل أن نخالفها، موضحا أن أي حملات جادة وحقيقية مخططة ومدروسة تكلف ما لا يقل عن 100 مليون جنيه، مشيرا إلى أن 10 صفحات إعلانية في أي صحيفة ستكلف مبلغ الـ10 ملايين وحدها، وبالتالي فإن هذا الكلام هو نوع من أنواع الوهم وضرب من الخيال.

وقال عبد العزيز إن الالتزام بهذا الأمر مستحيل، وإنه سيكون هناك التفاف حول هذه القوانين، لكن أيضا من الصعوبة على الرقابة أن ترصد ذلك، كما أنها لن تستطيع حسم مصادر التمويل، فكل مرشح له مريدون، كما يمكن أن يكون هناك تمويل خارجي، لكن كيف يمكن إثبات ذلك؟ وختم عبد العزيز حديثه مشبها هذه الضوابط قائلا: «نحن نلعب مباراة كرة قدم بقوانين الهوكي».

«الشرق الأوسط» استطلعت وجهات نظر مرشحي الانتخابات المحتملين حول مصادر تمويلهم، من خلال منسقي ومديري حملاتهم الدعائية. فقالت حملة المرشح اليساري أبو العز الحريري إن تمويلها سيكون من خلال التبرعات الشعبية، وإنها سوف تعتمد على ظهور الحريري في وسائل الإعلام، إضافة إلى الإنترنت واستغلال شبكات التواصل الاجتماعي («تويتر» و«فيس بوك»).

وأطلقت حملة حمدين صباحي رئيسا، التي ترفع شعار «واحد مننا»، دعوة المصريين للتبرع بجنيه واحد من أجل أن يصبح رئيسا. وقال صباحي إنه قدم إقرار ذمته المالية للجهات المختصة، وإنه سوف يعتمد على تبرعات المواطنين البسطاء والفقراء الذين سيمثلهم. أما حملة الفريق أحمد شفيق، فأكدت أن كل مصادر تمويلها قانونية قائمة على التبرعات وأموال شفيق الخاصة، نافية ما ردده البعض من أن هناك تمويلا من الخارج، واعتبرتها حملات لتشويه صورة المرشح القوي.

المرشح السلفي الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل قال إن هناك أزمة حقيقية في البحث عن مصادر لتمويل حملته، خاصة بعدما نفدت موارده الشخصية، مؤكدا أنه يعتمد حاليا على التمويل الـ«لا مركزي» الذي يعني إقامة مؤتمرات دعائية ولافتات من محبيه دون تنسيق أو اتفاق مسبق.

من جانبه، أبدى الدكتور عبد الله الأشعل، المرشح المحتمل للرئاسة، استغرابه من تحديد الحد الأقصى لتمويل الحملات، مؤكدا أنه قد تم صرف أضعاف هذا المبلغ من بعض المرشحين، مشيرا إلى أن الدعاية الانتخابية بدأت عند بعض المرشحين منذ شهور، مما يؤدي إلى عدم التكافؤ بين فرص المرشحين.

المرشحة المحتملة بثينة كامل قالت إنها لا تملك الكثير لمواجهة هؤلاء المرشحين الذين ينفقون ببذخ شديد في المؤتمرات الانتخابية، مؤكدة أنها ستعتمد بشكل كبير على رصيدها في الشارع من شباب الثورة.

وفي تعليقه على حظر الدعاية الانتخابية للمرشحين خلال فترة سحب أوراق الترشح، قال الدكتور محمد سليم العوا، المرشح المحتمل، إنه سيواصل حملته الانتخابية من الآن؛ لأنه وفق القانون ليس مرشحا حاليا، وأن القانون يمنع الدعاية الانتخابية أو لقاء المواطنين في سرادق أو بشكل ودي مع المرشحين، والذين سوف تعلن القائمة النهائية لهم في 24 أبريل (نيسان) المقبل.