تحركات سياسية في مصر لحسم الرئاسة

«شورى الإخوان» يجتمع لتحديد مرشح الجماعة.. وقوى سياسية تسعى لطرح «فريق ثوري»

ندد مئات النساء في يوم المرأة المصرية بكشوف العذرية على الفتيات اللاتي تم القبض عليهن يوم 9 مارس 2011 معترضات على براءة الطبيب المجند المتهم في قضية كشف عذرية سميرة إبراهيم (أ.ب)
TT

شهدت مصر أمس تحركات سياسية محمومة لحسم خيارات القوى السياسية بشأن مرشح الرئاسة في الانتخابات المقرر إجراؤها يومي 23 و24 مايو (أيار) المقبل. وبينما بدأت جماعة الإخوان المسلمين أمس طرح الملف على بساط البحث داخل هياكلها المختلفة، دشنت شخصيات عامة وقوى سياسية مبادرة جديدة لاختيار فريق رئاسي ثوري (رئيس ونائبان) لخوض الانتخابات، في محاولة لحصار ما قالوا إنه مشروع إجهاض ثورة 25 يناير.

ووسط أجواء من التكتم والسرية عقدت جماعة الإخوان المسلمين في مصر اجتماعين أمس، الأول لمجلس شورى الجماعة أعلى سلطة تشريعية داخل الإخوان، والثاني لأعضاء الهيئة العليا لحزب الحرية والعدالة الذراع السياسية للجماعة التي حازت أغلبية البرلمان. وقالت مصادر داخل الجماعة إن الاجتماعين ناقشا نتائج ملفي حسم مرشح الرئاسة الذي يمكن أن يحظى بدعم جماعة الإخوان المسلمين، وتشكيل حكومة ائتلاف وطني بقيادة إخوانية.

وكان البرلمان المصري قد قرر مطلع الأسبوع الماضي البدء في إجراءات سحب الثقة من حكومة الدكتور كمال الجنزوري، وسط جدل بشأن الموقف القانوني والسياسي لهذا الإجراء، في ضوء مواد الإعلان الدستوري الصادر في نهاية مارس (آذار) من العام الماضي، والمعمول به حاليا في البلاد.

وأكد الدكتور عصام العريان رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان لـ«الشرق الأوسط» أن حزب الإخوان سيمضي قدما في إجراءات «سحب الثقة»، مستبعدا أن يكون اسم نائب المرشد خيرت الشاطر من بين الأسماء المطروحة لتولي منصب رئاسة الحكومة، على الرغم من إعلان محامي الإخوان أمس أن الشاطر الذي صدر بحقه حكم بالسجن في القضية المعروفة إعلاميا بقضية ميليشيات الأزهر، حصل بالفعل على حكم برد الاعتبار من المحكمة العسكرية العليا، وهو ما يتيح له تولي المناصب السياسية.

وقال العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة، عضو مجلس شورى الجماعة إنه لا يزال من المبكر الحديث عن شخص رئيس الوزراء.. «هناك أسماء مطروحة لتولي المنصب لكن لم يتم حسم الأمر بعد».

وليس من المعروف إذا ما كانت جماعة الإخوان قد توافقت بالفعل مع المجلس العسكري (الحاكم) بشأن تشكيل حكومة جديدة أم لا. لكن مراقبين قالوا إنه في حال عدم وجود توافق بهذا الشأن فإننا أمام مأزق سياسي يصعب تجاوزه.

وبينما جرى اجتماع مجلس شورى الإخوان في أجواء من التكتم، قال مصدر داخل جماعة الإخوان المسلمين إن اجتماع مجلس شورى الجماعة اجتماع دوري ولا صحة لما يتردد عن كونه اجتماعا طارئا، مؤكدا أن الاجتماع ناقش ما توصل له مكتب الإرشاد (أعلى سلطة تنفيذية) بشأن ملف الانتخابات الرئاسية، في ضوء تكليف مجلس شورى الجماعة في اجتماعه السابق، مكتب الإرشاد والهيئة التنفيذية لحزب الحرية والعدالة بالتشاور حول اسم المرشح الذي سيحظى بدعم جماعة الإخوان التي تملك حضورا قويا في الشارع المصري.

وفي غضون ذلك عقد عدد كبير من الشخصيات العامة والسياسية البارزة مؤتمرا، بأحد فنادق القاهرة أمس، لإعلان تأسيس مجلس رئاسي للدفاع عن الثورة المصرية في مواجهة ما وصفوه بـ«المشروع العسكري».

وصدر عن اجتماع أمس بيان حذر فيه المؤتمرون من مخاطر إعادة ما اعتبره ممارسات القوى التقليدية التي تسعى لإعادة إنتاج النظام القديم، وقال البيان إنه «في ظل الصراع بين قوى ثورة 25 يناير المجيدة من جهة وقوى نظام الفساد والاستبداد التي ما زالت تمسك بمفاصل ومفاتيح الدولة، استشعرت رموز القوى الوطنية الثورية الجديدة مخاطر هذه المرحلة وصعوبة المعركة ذاتها، فتنادت من كافة التيارات السياسية والروافد الفكرية والثقافية لإنشاء تيار وطني رئيسي لإدارة هذه المعركة الكبرى والتي تتخذ من انتخاب رئيس جديد للدولة رمزية خاصة، نظرا لما يمثله هذا الموقع من حساسية خاصة في النظام السياسي المصري».

وأوضح البيان أن «هذا التنادي الوطني للتيار الرئيسي في ساحة الثورة المصرية، هو إدراك لخصائص اللحظة ومخاطر المرحلة وصعوبة المعركة الفاصلة التي تتخذ من شعار (اختيار الرئيس) عنوانا لها، لذلك قرر هذا التيار أن يضع المسألة أمام الشعب المصري وقواه الحية في إطارها الصحيح، فنحن لا نسعى لاختيار رئيس للجمهورية، وإنما نقاتل من أجل انتزاع مؤسسة للرئاسة تقوم على هيكل وبناء جديدين».

وأضاف البيان أن بناء وإدارة معركة المؤسسة الرئاسية التي تنادينا وتحالفنا من أجلها لا تعني اختيار رئيس من بين صفوف الثورة فحسب، وإنما اختيار فريق عمل رئاسي متكامل ومتناغم ومنسجم بصرف النظر عن الروافد الفكرية والانتماءات المتنوعة لأعضاء هذا الفريق الرئاسي. وأوضح المؤتمرون أن خياراتهم مفتوحة ومعاييرهم واضحة لاختيار الأكفأ للمرحلة الراهنة، ووفقا لهذه المعايير تم تشكيل لجنة لمقابلة بعض مرشحي الرئاسة وغيرهم من الشخصيات التي يمكن دفعها إلى غمار السباق الرئاسي في سبيل ترجمة هذا المشروع الرئاسي على أرض الواقع وبما لا يخل إطلاقا بالمعايير.