رئيس هيئة العلماء المسلمين في العراق: المالكي يريد إقامة دولة الشخص.. والحزب.. والمذهب الواحد

حارث الضاري لـ«الشرق الأوسط»: المقاومة باقية حتى يتحرر العراق من الاحتلال ومن يقوم بدور المحتل *العراقيون لن ينجروا إلى حرب طائفية * علاقاتنا مع إخواننا الشيعة في جنوب ووسط العراق قوية جدا * الأميركيون لم يخرجوا بصورة كاملة من العراق وبقي ما يقرب من ربع عديد قواتهم

حارث الضاري
TT

اعتراضات حارث الضاري، رئيس هيئة علماء المسلمين في العراق كثيرة، بل هي تتصاعد باتجاه إلغاء العملية السياسية والمشاركين فيها وحتى الدستور الذي استفتي عليه العراقيون، كما يلغي حق أكراد العراق في أن يكون لهم إقليم فيدرالي باعتبارهم «يشكلون 12 في المائة من العراقيين» ويعترض على قادتهم كونهم يريدون أن يأخذوا ضعف حقهم في العراق.

الضاري الذي حاورته «الشرق الأوسط» في عمان، حيث يقيم هناك مع أعضاء هيئته منذ عام 2006، أكد أن نوري المالكي، زعيم حزب الدعوة ورئيس الحكومة العراقية «يعمل على إقامة دولة الشخص الواحد والحزب الواحد والمذهب الواحد»، مشيرا إلى أن خيار «قيام ثورة شعبية في العراق كما يحدث في بقية الدول العربية» هو أحد الحلول لما يجري في العراق. وأشار رئيس هيئة علماء المسلمين إلى أن «المقاومة باقية حتى يتحرر العراق من الاحتلال ومن يقوم بدوره» كاشفا عن «وجود خمس قواعد أميركية في العراق حاليا».

وفيما يلي نص الحوار:

* كيف تنظرون إلى مقترح عقد المؤتمر الوطني المزمع عقده في العراق؟ وهل ستشاركون فيه إذا دعيتم إليه؟

- يفهم العراقيون في الداخل والخارج أن هذا المؤتمر وطني عام يشمل كل القوى العراقية الوطنية بينما هو مؤتمر للكتل المشاركة في العملية السياسية لتسوية الخلافات التي احتدمت بين أطرافها بعد إعلان الإدارة الأميركية سحب قواتها من العراق، إذ إن نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي الحالي صعد الأمور بكل الاتجاهات بعد هذا الإعلان فبدأ جملة اعتقالات واسعة شملت كل أنحاء العراق وكل أطيافه من النساء والرجال فاعتقل الآلاف منهم ثم بعد ذلك ظهر للعراقيين وللعالم بإعلانه أن هناك مؤامرة.. أو مؤامرات يقوم بها بعض الأطراف في العملية السياسية وكان المستهدف الأول هو طارق الهاشمي، ومن المعروف أن الهاشمي كان من أكثر الناس دعما للعملية السياسية وأكثرهم إخلاصا وسعيا لتثبيتها وترسيخها حيث أيد المالكي في الكثير من أعماله وخطواته في الحكم، فكان الهاشمي وجبهته التي كانت تسمى «التوافق» هم من أيد المالكي في ترشيحه لرئاسة الوزراء في المرة الأولى ثم هم الذين أيدوه وسكوا له الطريق للموافقة على الاتفاقية الأمنية بين العراق والإدارة الأميركية. وكذلك كان الهاشمي ممن شاركوا المالكي في الخطة الأمنية ثم في موضوع الصحوات التي ثبتت المالكي وجعلته بطلا في عيون الأميركيين لذلك اختاروه لأن يكون هو القائد لهذه المرحلة سواء في الفترة الماضية والحالية وربما يبقى لفترات أخرى لأنهم يجدونه الرجل الأقوى والأكثر استعدادا لتقديم ما يريدون وتنفيذ ما يطلبون، كما أنه (المالكي) المطلوب إيرانيا والمصلحتان الإيرانية والأميركية في العراق متقاربة إن لم تكن متفقة في كل شيء على الأقل، لذلك المؤتمر الوطني إن عقد، هو ليس مؤتمرا وطنيا بالمعنى العام الذي ذكرناه بل يصدق عليه تسمية المؤتمر الوطني للقوى السياسية المشاركة في العملية السياسية لرأب الصدع فيما بينها.

* إذن ليس من أهداف هذا المؤتمر تحقيق مصالحة وطنية؟

- لا.. لم يكن ضمن أهدافه تحقيق المصالحة الوطنية.

* لو كانت المصالحة الوطنية ضمن أهداف هذا المؤتمر أو أي مؤتمر آخر مستقبلا، هل تحضرونه فيما إذا دعيت هيئة علماء المسلمين؟

- نحن.. ومن يؤيدنا لن نحضر مثل هذه المؤتمرات، لأن المؤتمر ينبغي أن يقوم بين أطراف سياسية نزيهة، أطراف لم تقم بما قامت به على مدى تسع سنين من قمع وقهر وقتل وفساد وتهجير وإقصاء لأبناء العراق والوصول بالبلد وأبنائه إلى حافة الخطر الذي يوشك أن يصلها العراق في عهد هؤلاء الناس.

* هل التقيتم شخصيات سياسية عراقية من المشاركين في العملية السياسية، أو دعيتم للمشاركة في مؤتمر ما أو لقاء سياسي؟

- لم يحدث ذلك.

* لم يحدث بسبب رفضكم؟ أم أنهم لم يطلبوا اللقاء بكم؟

- هناك من طلب اللقاء بنا، ولكن كيف نقابل من يريد تقسيم العراق من خلال الدعوة إلى الفيدرالية، وكيف نقابل من يسيء إلى العراق والعراقيين، نقابل من يريد أن يعترف بخطئه وأنه شارك بالعملية السياسية مرغما أو مجتهدا والآن وصل إلى طريق مسدود وأن يظهر في الإعلام ويقول أنا اجتهدت وأخطأت ولم أستطع تحقيق شيء وأعتذر من الشعب العراقي، هناك من اعترف بخطئه ولكنه لم يعلن ذلك في الإعلام، وهناك من كتب لنا بأنه أخطأ، وما الفائدة من مقابلة من هو مخطئ وسائر بالخطأ ولا يسمع منا النصيحة.

* تحدثتم عما أعلنه المالكي من وجود مؤامرات واعتقالات واتهامه للهاشمي بالإرهاب، هل تعتقدون أن المستهدف من هذه العملية هو المكون العربي السني؟

- ما قام به المالكي ضد الهاشمي هو جزء من مسلسل يضاف إلى ما قام به من اعتقالات واغتيالات وإقصاء طالت أبناء الشعب العراقي بكل مكوناته، واليوم أتيحت له الفرصة لأن يصفي الساحة ممن لا يشعر بولائهم الحقيقي له ولمسيرة حزبه في العراق، فهو (المالكي) يريد أن يبقى حاكما مطلقا للعراق على مدى العقود القادمة ويريد أن ينفذ أجندة ومنهج حزبه ليقيم في العراق الدولة التي يراها هو ومن على شاكلته لذلك لا بد من أن يعمل على استغلال هذه الفرصة لتهيئة كل الظروف لتنفيذ ما يصبو إليه من حكم مطلق ومن ثم لتنفيذ أيديولوجية حزبه، وأعني حزب الدعوة، لهذا يشعر أن عليه التخلص ممن يشعر بهم غير مؤيدين له تماما ليأتي بغيرهم وبعد فترة يتخلص منهم ويغيرهم ليلغي كل الأطراف التي تعارضه سواء كانت سنية أو شيعية لكن حاليا في مقدمة هذه الأطراف هم السنة لأن مبدأ حزب الدعوة معروف بتطبيق الفكرة الأحادية التي يؤمن بها المالكي وحزبه.

* ما هي هذه الدولة التي أشرت إليها أو الفكرة التي يريد المالكي وحزبه تحقيقها؟

- يريد تحقيق دولة الشخص الواحد والحزب الواحد والمذهب الواحد.

* لكن دولة الشخص والحزب الواحد كانت موجودة في العراق في عهد النظام الأسبق.. فماذا تغير؟

- الذي تغير أنه أضيفت دولة المذهب الواحد وهذا واضح من تصرفات رئيس الوزراء العراقي وأفعاله وطروحاته لأنه الآن متجه إلى إقصاء فئة من العراقيين وإصدار أوامر بإلقاء القبض ورفع الحصانة عن مسؤولين في الدولة وهم ينحدرون من مكون واحد، سواء كان الهاشمي أم صالح المطلك والأمر صار مكشوفا للقاصي والداني.

* تقصد بهذا المكون السنة العرب؟

- هذا ما يبدو لأن من طالب بإلقاء القبض عليهم أو رفع الحصانة عنهم أو إقصائهم من العمل أو نشر ملفاتهم هم من مكون واحد وهذا وكل ما قام به من ممارسات منذ أن تسلم السلطة يؤكد أن الرجل (المالكي) يسعى إلى تحقيق كل ما ذكرنا من أنه يعمل على تحقيق دولة الشخص والحزب والمذهب الواحد.

* لكن هناك قيادات في حزب الدعوة ومنهم مؤرخ الحزب الذي سبق وقال لـ«الشرق الأوسط» إن هذا ليس حزب الدعوة وليست سياسته وإنما هذا حزب المالكي، ما هو تعليقكم؟

- نحن متأكدون أن هذه هي منهجية حزب الدعوة وقياداته تؤمن بها بمن فيهم إبراهيم الجعفري صاحب كتلة الإصلاح التي لها مقعد واحد في مجلس النواب (البرلمان) العراقي والذي يتحدث عن نفسه باعتباره وطنيا لكنه اليوم هو من أبرز مساعدي ومستشاري المالكي الخاصين والمقربين منه، هو ومن كان يعمل معه وهذا يعني أن قيادات حزب الدعوة داعمة لسياسة زعيم حزب الدعوة، وإذا كان هناك بعض الأشخاص الوطنيين في الحزب فهم لا يمثلونه بل يمثلون الاتجاه الوطني الإنساني الصحيح في الدعوة وهم لا يتمتعون بقوة مؤثرة في الحزب.

* باعتقادكم واستنادا إلى ما تشيرون إليه سواء في موضوع إقصاء القيادات السنية من العملية السياسية أو العمل على تحقيق دولة المذهب الواحد، هل سيقود ذلك إلى نشوء حرب طائفية؟

- أنا لا أعتقد أن هذا سيأخذ العراقيين إلى حرب طائفية مذهبية بمعنى ما يراد منه إطلاق مصطلح الحرب الطائفية، وإنما قد تكون هناك حرب سياسية مغطاة بشيء من الطائفية، لأن من مصلحة المالكي ومن على شاكلته من مصلحتهم تغطية ممارساتهم بشيء من الطائفية ليستميلوا بعض البسطاء والجهلة وبعض المنتفعين من إخواننا الشيعة لتأييدهم، مع أني متأكد أن غالبية الشيعة العراقيين ليسوا مع المالكي وحزبه كما أنهم ليسوا مع الأحزاب الأخرى، وبالتأكيد هم ليسوا مع إيران والمخطط الإيراني في العراق فهناك رفض كبير وقوي من قبل الخط الشيعي العراقي العروبي في جنوب العراق لإيران ولحلفائها ولمخططاتها في العراق، ونحن لا نستغرب ذلك فإخواننا في الجنوب هم اليوم وأكثر من أي وقت مضى أشد كرها لإيران بعد أن انكشفت لهم نواياها ومخططاتها في العراق، وبعد نظرتها للشيعي العربي العراقي بعد الاحتلال.

* هل تربطكم علاقات مع شيوخ عشائر أو رجال الدين الشيعة، سواء كهيئة علماء مسلمين أو شخصيا؟

- الفضل لله أن علاقاتنا مع إخواننا الشيعة في جنوب ووسط العراق قوية جدا اليوم وأكثر من أي وقت مضى وبعد أن اكتشفوا أن الدعاية الرسمية والحزبية ضدنا لم تكن صحيحة، كانوا يقولون لهم إن هيئة علماء المسلمين طائفية وإننا نؤيد الإرهاب وإن هيئة علماء المسلمين تؤيد «القاعدة» وتدفعهم لفعل كذا.. وكذا، اليوم عرف إخواننا في الجنوب أن هيئتنا شيء و«القاعدة» شيء آخر، وأننا في طريق هو غير طريق الإرهاب، لهذا فإن علاقاتنا مع إخواننا الشيعة واسعة وقوية وثقتهم بنا عالية وثقتنا بهم بأنهم عراقيون وعرب ووطنيون وأصلاء وأنهم لا يبيعون العراق لأي جهة كانت مهما كانت هويتها ودعواها ومهما بذلت من جهود، وللعلم فإن مقاطعة البضائع الإيرانية في الجنوب وخاصة في محافظتي البصرة والناصرية هي أكثر منها في الوسط والشمال وبلغت نسبتها هناك 100 في المائة وتفضل عليها بضائع بقية الدول كما قوطع التعامل مع مؤسساتها هناك، شعبنا العراقي اليوم وعى اللعبة التي انطلت عليه في السنوات الثلاث الأولى من الاحتلال ولا سيما خلال عامي 2005 و2006 عندما دفع السياسيون أبناء الشعب إلى فتنة طائفية وقع في شراكها الجهلة والمأجورون ومن لا يعرفون الأهداف الحقيقية من هذه الفتنة، ولكن بفضل الله ووعي العراقيين جنب أهلنا من حرب أهلية، وأنا أطمئن أهلنا العرب وإخواننا المسلمين بأنه ليست هناك حرب أهلية في العراق، قد تكون فتنة سياسية يشعلها بعض السياسيين لتحقيق أغراضهم الخاصة ويغطونها بتسمية الحرب الأهلية وأنا أهيب بكل المثقفين والإعلاميين عدم الترويج لطروحات حكام المنطقة الخضراء عن احتمالات وقوع حرب أهلية أو طائفية، فالعلاقات اليوم بين مكونات الشعب العراقي من شيعة وسنة وغير مسلمين هي أقوى ما تكون عليه، بل حتى علاقاتنا مع إخواننا الأكراد متواصلة بعد أن كانت محرمة عليهم من قبل الحزبين الحاكمين في الشمال (كردستان العراق)، لهذا أنا أطمئن الحريصين على العراق والعراقيين على أن شعبنا وعى وعرف حجم اللعبة وأدرك من هم أعداؤه ويبقى في الساحة المنتفعون والانتهازيون ووكلاء الأجنبي في العراق، وأعني بالأجنبي كل من هو ليس عراقيا ويريد الشر بالعراق.

* هل يرضيكم أن تلحق بهيئة علماء المسلمين توصيف (السنية)؟

- والله لا نرضى ولكن هذا التوصيف يلحق بهيئتنا عندما يراد التشكيك بها، نحن أطلقنا على هيئتنا تسمية علماء المسلمين لتضم الشيعة والسنة من الأكراد والعرب والتركمان، لكن الظروف منعت البعض من الإعلان عن علاقاتهم معنا ونحن نقدر ذلك ونعذرهم، مع أن هناك مرجعيات شيعية تعلن باستمرار عن عمق علاقاتهم معنا مثل الأخ جواد الخالصي والخالصيين كلهم، علاقاتنا بهم أكثر من جيدة وكذلك الشيخ الحسن البغدادي وهناك مراجع آخرون في البصرة والنجف وكربلاء والديوانية وقسم منهم يتصلون بنا لكنهم لا يريدون الإعلان عن ذلك بسبب الظروف الراهنة ونحن نقدر ذلك.

* لكن التسمية كهيئة علماء مسلمين كان يجب أن تضم علماء شيعة فلماذا اقتصرت على السنة؟

- الباب مفتوح أمام جميع المسلمين ومن كل القوميات في العراق وهناك من إخواننا علماء الدين الشيعة اتصلوا بنا ولديهم الرغبة للانضمام إلينا لكن الظروف، وكما أخبرتك، تمنعهم عن الإعلان عن هذه الرغبة والدليل على ذلك أن المواقف بيننا وبينهم واحدة خاصة عندما يتعرض الوطن والمواطن لإجراءات مؤذية إذ نجد أن إخواننا يتبنون ما يصدر عنا ولكن بطرقهم وأساليبهم الخاصة، وعندما كنا في العراق حتى عام 2006 كنا نعقد شهريا مؤتمرات وندوات يحضرها كل المعارضين للاحتلال من شيعة وسنة ومسيحيين وصابئة من العرب والأكراد والتركمان، كما كان يحضرها شيوعيون وعلمانيون ومستقلون وإسلاميون وما زالت علاقاتنا مع جميع هؤلاء متواصلة حتى بعد خروجنا من العراق.

* ما علاقة هيئتكم بـ«جيش الراشدين» و«جيش محمد»؟ وهل هذان الفصيلان المسلحان تابعان لكم؟

- نحن نؤيد المقاومة بوجه عام، ولكن المقاومة التي قاومت وتقاوم الاحتلال، أيدناها إعلاميا ومعنويا ودافعنا عنها وبددنا الشبهات التي تثار حولها، ومن المعروف أنه كان هناك في العراق وخارجه جيش إعلامي كبير موجه ضد المقاومة لتشويه سمعتها والافتراء عليها واتهامها بالإرهاب وما إلى ذلك، علما أننا قلنا منذ البداية بأن الإرهاب موجود في العراق وفي مقدمته قوات الاحتلال وليس ببعيد عنا ممارساتهم في سجن أبو غريب وسجن بوكا ومعسكر المطار وسجن الساعة في المنطقة الخضراء، الإرهاب مارسته قوات الاحتلال الأميركي والحكومة وميلشياتها والأحزاب السياسية وميلشياتها، كما تقوم به القوى المتنفذة والمتدخلة في الشأن العراقي ومنها إسرائيل ومخابراتها وإيران وأجهزتها المخابراتية والأمنية وغيرها ثم العصابات الإجرامية المنظمة وبعض الجهات التي سمت نفسها مقاومة، كلها كانت تلعب بالساحة العراقية لتشويه سمعة المقاومة.

* هل هذا يعني أنه ليست هناك أي جهة مسلحة تابعة لكم أو ترتبط بكم حتى لو كانت من المقاومة؟

- نحن ندعم المقاومة التي كانت تقاوم الاحتلال فقط، وهذه المقاومة لها عدة فصائل ومنها من يؤيدنا في توجهاتنا وهناك من لا يؤيدنا، منها إسلامية لها مرجعيات خاصة، ومنها مقاومة إسلامية معتدلة، وهي الغالبية، ووطنية تؤيد توجه هيئة علماء المسلمين ومشروعها الذي اعتمدته القوى الوطنية منذ الأعوام الأولى لاحتلال العراق.

* وما ملخص هذا المشروع؟

- تحرير العراق والمحافظة على وحدته وهويته واستقراره وأمنه وثرواته وحدوده وأن يكون العراق لكل أبنائه وبكل طوائفهم بعد تحريره، هذه النقاط وافقنا عليها العديد من فصائل المقاومة العراقية.

* عندما تقول المقاومة الإسلامية، هل تعني المقاومة الإسلامية السنية أم أن بينها إسلاميين من الشيعة؟

- إذا كانت هناك مقاومة شيعية، سواء كانت إسلامية أو غير إسلامية وقاومت الاحتلال ولم تتورط بالدم العراقي فهي تشارك المقاومة بتحرير العراق.

* الآن خرجت القوات الأميركية من العراق، لمن المقاومة إذن، لماذا هي باقية وستقاوم من؟

- الأميركيون لم يخرجوا بصورة كاملة من العراق وبقي ما يقرب من ربع عديد قواتهم الذين احتفظوا بهم في العراق منذ عامين، لهم اليوم ما يزيد على الثلاثين ألف عسكري ولهم مهمات متعددة.

* هل تعني الموجود منهم بالسفارة الأميركية؟

- في السفارة وخارجها، توجد اليوم خمس قواعد عسكرية أميركية في العراق وهي قواعد: بلد والتاجي (شمال بغداد) والمطار والمنطقة الخضراء (ببغداد) والناصرية (جنوب العراق).

* لكن هذه القواعد تم تسليمها للقوات العراقية حسبما أعلنت بغداد وواشنطن.

- هذا ما تم في الإعلام، تم تسليمها أمام الإعلام فقط ومعلوماتنا الدقيقة تؤكد أن هذه القواعد ما تزال تضم قوات أميركية.

* هذا يعني أن المقاومة باقية..

- نعم المقاومة باقية ومستمرة حتى ينتهي الاحتلال وتزول آثاره، وأعني الاحتلال الأميركي ومن يقوم بدوره.

* يدور الحديث في العراق عن احتلال من نوع آخر وهو النفوذ الإيراني في البلد، ما رأيكم؟

- أنا لا أسميه احتلالا وإنما أسميه هيمنة كاملة على الأمور لا شك فيها.

* في حساباتكم متى ستشارك هيئة علماء المسلمين في العملية السياسية في العراق؟

- الهيئة لا تريد المشاركة في العملية السياسية، لا الآن ولا في المستقبل، نحن نريد أن يكون العراق بلدا مستقلا خاليا من الاحتلال. نريد أن يحكم العراق رئيس متدين، ما دام هو مسلم فيجب أن يكون متدينا، وهذا شأنه الخاص ولكن من خلال دستور يرتضيه الناس، وإلا فكيف يأمنه الناس على حياتهم ومالهم ووطنهم؟ لو كان هؤلاء الذين يحكمون العراق اليوم مسلمين حقيقيين وصادقين في ادعائهم الإسلام وقريبين من الله ويخافونه كما يدعون لما كانوا قد فعلوا ما فعلوا بالعراقيين وسببوا لهم المآسي والمصائب وما كانوا قد جاروا وتماشوا مع أعداء العراق لإذلال الشعب العراقي وقهره.

* هل تعتقدون إمكانية إقامة حكم إسلامي في العراق؟

- العراق غير مؤهل لإقامة الحكم الإسلامي الآن، لهذا نحن في الهيئة نقول أولا تحرير العراق ومن ثم يصار إلى أخذ آراء الناس ومعرفة آراء الشعب العراقي بنوع الحكم الذي يريدونه وهذا بعد أن يتم تحرير البلد وإجراء انتخابات نزيهة تختار مجلسا وطنيا يصوغ الدستور.

* أنتم لديكم اعتراض حتى على الدستور الحالي؟

- بالتأكيد، هذا الدستور الذي استخدمه المالكي، فتارة يعيبه وتارة يقول نحن مسؤولون عنه وكأنه هو من صاغ الدستور، الدستور تمت صياغته ثم أضيفت إليه رغبات معينة للساسة الأكراد ولحزب الدعوة والمجلس الأعلى وحسب رغبات معينة، فصيغت مسألة الفيدرالية بناء على رغبتي جلال طالباني، رئيس الجمهورية، ومسعود بارزاني، رئيس إقليم كردستان، وصيغت مسالة الأكثرية للسيطرة على الحكم بناء على رغبة حزب الدعوة والمجلس الأعلى.

* لماذا تقول إن موضوع الفيدرالية في الدستور هي رغبة كل من طالباني وبارزاني وليست رغبة الشعب الكردي بأن يكون له حكم وإقليم فيدرالي وهذا من حقهم؟

- رغبة الشعب الكردي هي ليست رغبة الشعب العراقي، الشعب الكردي لا يمثل سوى 10 أو 12 في المائة من العراقيين ورغبة الأقلية لا تفرض على الأكثرية، على كل حال لو أجلوا هذا الدستور إلى ما بعد انتخابات نزيهة لكل الشعب العراقي والأغلبية قالت نريد الفيدرالية، وفيدرالية تحدد بضوابط معينة لا تخل بوحدة الشعب العراقي ولا بوحدة العراق، عند ذاك ممكن أن يسمح بها، لكنها وضعت في الدستور قبل الانتخابات وتم عرض الدستور للاستفتاء وكانت الأغلبية رافضة بأغلبية خمس محافظات، لكن الجماعة متفقون وكلهم مشتركون بالعملية السياسية ومشوا الدستور.

* يعني موافقة أكثر من 65 في المائة من العراقيين على الدستور في الاستفتاء لا تعني لكم الأغلبية؟

- الأغلبية لم يوافقوا خاصة في وسط وجنوب العراق، هناك خمس محافظات رفضت الدستور وهي الموصل وديالى والأنبار وصلاح الدين والسماوة والنجف.

* هذه 6 محافظات وليست خمس

- نعم هناك 45 في المائة صوتوا مع الدستور و55 في المائة صوتوا ضده.

* دعنا نعد لموضوع الفيدراليات، ألا تعتقدون أن الشعب الكردي في العراق وبكل تضحياته الكبيرة يستحق حكما فيدراليا، وأن يحكم نفسه ذاتيا؟

- الشعب الكردي جزء مهم من الشعب العراقي، وشعب مقدر لدينا نحن في هيئة علماء المسلمين وله خصوصية وله حقوق يمكن أن يتفاهم عليها بين الشعب العراقي بعيدا عن الضغوطات الخارجية، ثم إن هذه الخصوصية لا تعطيهم أكثر من حقوقهم، لكن الساسة الأكراد، وهم غير الشعب الكردي، يريدون أكثر من حقوقهم مرتين ولذلك عيونهم الآن على الكثير من المحافظات المجاورة لإقليمهم فهم يريدون نحو ثلثي محافظة الموصل (نينوى) ويريدون محافظة كركوك كاملة ويريدون ما يقرب من نصف محافظة ديالى وجزءا من محافظة صلاح الدين، لذلك نحن نقول إن الشمال جزء عزيز من العراق والإخوة الأكراد أعزاء وهم جزء أصيل من الشعب العراقي ولهم حقوق وينبغي ألا يأخذوا حق غيرهم.

* وماذا عن مطالبة بعض المحافظات بأن تتحول إلى الحكم الفيدرالي؟

- الهروب إلى الفيدرالية من البطش والإقصاء والتهميش الذي مارسه رئيس الوزراء لا يخلص أهل هذه المحافظات من المالكي وبطشه وتهميشه لأنه هو المسؤول عن الجيش والأمن وهو من بيده مصادر الثروة، ثم إن هذه المحافظات ممكن أن يكون بها من الفتن ما لا يعلمه إلا الله، من سيحكمها؟ هل سيحكمها الساسة الحاليون الفاشلون والفاسدون، ثم هل سيوفرون لها الأمن والغذاء إن هي خرجت من العراق؟ وألا ترون أن هذه الأقاليم ستؤدي بالنهاية إلى تقسيم العراق لأنها أقاليم طائفية، الفيدرالية تكون في الدول المتجانسة وتكون إدارية عندها لا يخشى منها أن تؤدي إلى تقسيم البلد، هذه الفيدراليات سوف تحمل أعلاما خاصة بها وهذا يعني أن العلم الوطني العراقي سينتهي، العلم الذي يجمع الأمة العراقية، وسيبدأ التقسيم والحدود والمنازعات على الحدود وبالتالي سيؤدي إلى ضياع العراق من المنطقة وهذا ما يريده الأعداء، الدعوة إلى الفيدرالية خطيرة على وجود العراق.

* من تعتقدون من السياسيين العراقيين ببغداد أصلح لحكم العراق؟

- لا يوجد بين الساسة الذين يحكمون أو المشاركين في العملية السياسية ببغداد من هو صالح لإدارة قضاء أو ناحية وليس العراق.

* هل أيدتم شخصيات سياسية عراقية معينة؟

- لم نؤيد أي شخصية سياسية لا قبل الاحتلال ولا بعده وحتى يومنا هذا.

* متى سترضون عن العملية السياسية؟

- نرضى عن العملية السياسية عندما تكون وطنية حقيقية تريد تحرير العراق وتعميره وبناءه بصورة حقيقية وإنصاف العراقيين والمساواة فيما بينهم والتعامل معهم على أنهم عراقيون وليس التعامل معهم على أساس أنهم شيعة وسنة، عرب وأكراد وتركمان، مسلمون وغير مسلمين، نريد الحكومة الوطنية الراشدة العاقلة التي تكون خادمة للعراق وحريصة على وحدته وحريته وثرواته وتعمل من أجل إسعاد العراقيين.

* على ضوء ذلك كيف تجد اتجاه أمور العراق اليوم؟

- الأمور تتجه نحو المجهول ولا توجد أي نية في الإصلاح أو الاستفادة في الأقل مما مضى أو مما هو جارٍ اليوم في الساحة العربية.

* وما تصوراتكم عن مستقبل الأوضاع؟

- هناك احتمالات، منها أن يستمر المالكي بسياسته التصعيدية وفي إلحاق الأذى بالخصوم وحتى الشركاء سواء كانوا من أبناء المذهب الشيعي أو السني فسياسته تقوم على زيادة التوترات والاحتقانات والمشاحنات بين الفئات والمكونات من كل الأطراف، مثلا سياسته الآن بتقريب ميليشيا معينة مع أنه يتعامل مع جهة هي ضد هذه الميليشيا، أليس ذلك غريبا؟

* لماذا لا تسمي الأمور بأسمائها؟

- يعني هو الآن يتحالف مع عصائب الحق وحزب الله العراقي ويعرف حجم الخصومة بين العصائب والتيار الصدري الذي اعتمد على دعمه (التيار الصدري) في تشكيل حكومته الحالية، وكذلك استهدافه للهاشمي وللمطلك وربما يتبعهما بآخرين، هو الآن يريد أن يؤجج النار مثلما يقال في كل حي أو دار. أما الاحتمال الآخر فهو ربما تتطور المشكلات والخلافات بين المكونات السياسية، أو أن تكون هناك ثورة شعبية على غرار ما يحدث في الدول العربية وأنا لا أستبعد ذلك.