قلق إسرائيلي من المسيرة المليونية في ذكرى يوم الأرض

مخاوف من زحف شعبي إلى حدودها من سوريا ولبنان نهاية الشهر

TT

في أعقاب إعداد ما وصف بأنه «تقرير مقلق» لدى المخابرات الإسرائيلية، عقدت قيادة الجيش الإسرائيلي جلسة طارئة لبحث سبل مواجهة «خطر زحف شعبي نحو الحدود الشمالية والشرقية من سوريا ولبنان وربما الضفة الغربية»، خلال مسيرة القدس العالمية المقررة لها يوم الثلاثين من الشهر الحالي في ذكرى «يوم الأرض».

وقالت مصادر عسكرية لصحيفة «معاريف» الإسرائيلية الناطقة باللغة العبرية، أمس، إن الجيش يتأهب لمواجهة خطر زحف مئات آلاف الفلسطينيين وغيرهم من الناشطين الدوليين نحو الحدود الإسرائيلية، ويعقد جلسات بحث ماراثونية حول السبل الكفيلة بمنع هذه الظاهرة. وكان متضامنون عرب وأجانب من 20 دولة قد بادروا إلى تنظيم «مسيرة القدس العالمية» المقرر أن تنطلق من أربع دول عربية باتجاه فلسطين في 30 مارس (آذار) الحالي، وهو يوم الذكرى السنوية ليوم الأرض الذي انتفض فيه فلسطينيو الداخل ضد مصادرة الحكومة الإسرائيلية أراضيهم، وذلك للتضامن مع الشعب الفلسطيني والمطالبة بإنهاء الاحتلال. والدول الأربع التي تم التخطيط للانطلاق منها باتجاه إسرائيل هي الأردن ومصر وسوريا ولبنان، إضافة إلى قطاع غزة والضفة الغربية.

لكن الإسرائيليين يقدرون أن المسيرة ستتركز على الحدود السورية واللبنانية. وقالت المصادر الإسرائيلية إن المخابرات العسكرية وغيرها من أجهزة الأمن الإسرائيلية تتابع التحضيرات الجارية لهذه المسيرة، منذ شهرين، ووجدت أنها تتم على مستوى عال من التنظيم وبحجم عال من التمويل. ووجدت أكثر من برهان على أن إيران هي الدولة التي تقف وراء هذه المبادرة، وأنها تحاول من خلال هذه المسيرة نسخ النموذج التركي في إطلاق أسطول الحرية في شهر مايو (أيار) 2010، حتى تكسب الشعوب العربية، كما كسبها رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان. وقد نجحت إيران، حسب المزاعم الإسرائيلية، في استقطاب العديد من المنظمات الدولية إلى جانب هذا المشروع، وبضمنها تنظيمات نشطت في المشروع التركي. وقالت صحيفة «معاريف» إن هذه المسيرة ترفع شعار «الزحف السلمي»، لكن تقديرات المخابرات تشير إلى «وجود احتمالات كبيرة لأن تتحول إلى نشاطات عنيفة دامية». ولذلك، فإن الجيش الإسرائيلي، الذي سبق أن اصطدم بمسيرات كهذه في ذكرى «يوم النكبة» في شهر مايو (أيار) من السنة الماضية، أسفر عن مقتل عدد من المتظاهرين، حينما حاول الآلاف اجتياز الحدود السورية إلى هضبة الجولان، ووصل أحدهم إلى يافا في قلب إسرائيل، ولهذا، فقد أجرت في حينه تدريبات واسعة لفض مسيرات كهذه بأقل ما يمكن من ضحايا. وقد تدرب الجيش يومها على وسائل لقمع المظاهرات، كما زرع حقول ألغام جديدة «لمنع متسللين من التدفق على إسرائيل».

وقالت تلك المصادر إن الطابع الأساسي لهذه المسيرة يشير إلى سيطرة التيار الإسلامي، لكن التيار القومي أيضا يشارك فيها. وعلى سبيل المثال فإن مسؤول المسيرة في لبنان هو قائد حركة «فتح» هناك، منير مقداح. واقتبست تصريحا له يقول فيه إن هذه المسيرة ستكون مسيرة العودة، لأنها ستشكل انطلاقة الانتفاضة الفلسطينية الثالثة، التي لن تتوقف إلا بعد ضمان عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى وطنهم.

وتأخذ السلطات الأمنية الإسرائيلية في الاعتبار احتمال أن تشمل هذه المسيرة قدوم بضع مئات، أو حتى الألوف، عبر مطار بن غوريون في اللد، مثلما خططوا في «يوم النكبة». وقالت الصحيفة المذكورة إن المخابرات واثقة في هذه الناحية من أنها ستنجح في إجهاض هذه الخطوة، مثلما نجحت في إحباطها السنة الماضية. واتضح أن المخابرات الإسرائيلية رصدت انضمام تنظيمات جماهيرية أجنبية عديدة تشارك في الإعداد لهذه المسيرة، من دول صديقة لها مثل النمسا وبريطانيا والهند وألمانيا وإيطاليا والولايات المتحدة وكندا. وهي تتعاون مع قوى أخرى في تلك الدول لمنع نشطائها من تنظيم مسيرة عبر الجو إلى إسرائيل ضمن مسيرة القدس العالمية.