البرلمان المصري يبدأ تلقي ترشيحات لجنة الدستور وسط مخاوف من هيمنة الإسلاميين

في القلب منها باب الحريات ووضع المرأة والمسيحيين

TT

بينما بدأ مجلس الشعب صباح أمس في تلقي ترشيحات أعضاء البرلمان بغرفتيه (مجلس الشعب ومجلس الشورى) والهيئات والشخصيات العامة الراغبين في الترشح لعضوية الجمعية التأسيسية التي ستتولى إعداد الدستور، عبر عدد من الخبراء والمراقبين عن قلقهم من سيطرة التيار الإسلامي على لجنة صياغة الدستور، وهو ما قد ينعكس على صياغة كل ما يتعلق بالحريات في الدستور الجديد. وقال النائب إبراهيم محيي الدين، النائب عن حزب المصريين الأحرار الليبرالي، إن القوة التصويتية للأحزاب الإسلامية ستبعد غير المنتمين للتيارات الإسلامية من اللجنة المكلفة بصياغة دستور مصري بعد الثورة.

وكان البرلمان المصري قد حسم في جلسة مشتركة أول من أمس (السبت) قواعد اختيار الجمعية التأسيسية المنوط بها وضع دستور جديد للبلاد. وصوتت أغلبية البرلمان لصالح مقترح يقضي بأن تتوزع عضوية الجمعية التأسيسية التي تتكون من مائة عضو، بين نواب البرلمان، وشخصيات عامة وممثلي هيئات الدولة المختلفة، بنسبة 50 في المائة من داخل البرلمان، و50 في المائة من خارجه، وذلك بين عدة مقترحات أخرى تنوعت بين إعطاء أغلبية اللجنة لأعضاء البرلمان أو للشخصيات العامة، ومن المقرر أن يجري أعضاء البرلمان تصويتا على المرشحين لاختيار أعضاء اللجنة المائة.

وتشكل الأحزاب المحسوبة على التيار الإسلامي وهي حزبا «الحرية والعدالة» الإخواني و«النور» السلفي، وأحزاب أخرى صغيرة نحو ثلثي مقاعد البرلمان المصري.

وقال النائب محيي الدين، والذي ترشح للجنة التأسيسية للدستور، إنه يستبعد اختياره للجنة بسبب القوة التصويتية للأحزاب الإسلامية في البرلمان المصري، وقال محيي الدين «الأحزاب الإسلامية تشغل أغلبية قوى التصويت، وبالتالي ستتحكم في أعضاء اللجنة». وأضاف محيي الدين في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» أن ما يزيد الأمر صعوبة هو سيطرة «الإخوان» على معظم النقابات المهنية التي ستمثل في لجنة تأسيس الدستور، وهو ما يجعل التيار الإسلامي يسيطر أيضا على عدد وافر من الخمسين مقعدا المخصصة للشخصيات العامة. وطالب حزب المصريين الأحرار في مشروع قانون قدمه لمجلس الشعب بضرورة تجميد العضوية الحزبية لأي شخص ينضم إلى الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور، وذلك لضمان الشفافية وعدم التحيز لحزب أو تيار عند صياغة المواد الدستورية.

ويتخوف مراقبون من سيطرة التيارات الإسلامية على اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور، وهو قد يؤثر على فرض آراء متشددة على مواضيع شائكة تتعلق بالحقوق والحريات ووضع المرأة والمسيحيين، خاصة مع وجود تصريحات حادة من قبل منتمين للتيارات السلفية، خصوصا بشأن الحريات العامة ووضع المرأة وغيرها من النقاط الخلافية الأخرى.

وعبرت الدكتورة مي مجيب، أستاذة العلوم السياسية بجامعة القاهرة، عن تخوفها من أن تتم صياغة الدستور بصورة تعكس طريقة تفكير التيار الإسلامي ورؤيته الخاصة والمتشددة للمرأة والأقليات الدينية.

وقالت مجيب لـ«الشرق الأوسط»: «كل ما أخشاه أن ينشئ الدستور الجديد مواطنين درجة ثانية في المجتمع المصري من المرأة والمسيحيين، بل وحتى الشباب». وأضافت مجيب «لا بد أن ينظر الدستور للمرأة كونها امرأة وليست جزءا من الأسرة.. وينظر للمسيحي على أنه مواطن وليس أقلية».

ومن ضمن 508 أعضاء بمجلس الشعب المصري، يوجد 7 أعضاء مسيحيين منهم خمسة أعضاء معينين، ويبدى الكثير من مسيحيي مصر مخاوف من إعداد دستور يكرس من اعتبارهم أقلية أو يجعلهم من مواطني الدرجة الثانية. ويعتقد النائب المعين حنا جريس، أن المخاوف المسيحية مشروعة ليس فقط لأن التيار الإسلامي يرغب في السيطرة على إعداد الدستور، بل لأن المسيحيين لا يرون مشروعا إسلاميا واضحا يؤكد على الالتزام بالدول الحديثة. وقال حنا لـ«الشرق الأوسط»: «دولة حديثة معناها الشعب مصدر السلطات، وإن السلطات الثلاث منفصلة، وإن الحريات مصدرها الدستور». وأضاف حنا، بعد أن أكد عدم قلقه الشخصي من الأمر «حتى الآن التيار الإسلامي لم يعطنا أي ضمانات».

ويخشى قطاع كبير من المواطنين أن يعطي الدستور الحق للسلطات التنفيذية بالتدخل في الحريات التي تتعلق بالأكل والشرب والملبس والسلوكيات الشخصية على شاكلة النظام الإيراني الذي يحد من الحريات الخاصة للمواطنين، أو أن تكون المواد المتعلقة بالحريات فضفاضة على أن تحددها القوانين اللاحقة. وقال جريس «نريد دستورا يحمي حرية كل المواطنين وليس المسيحيين فقط»، مضيفا أن «ترك تلك المواد بطريقة فضفاضة يجعلها قابلة للعبث من قبل المشرع».

لكن نادر بكار، المتحدث الرسمي لحزب النور السلفي، قال «لن نفرض أي شيء بخصوص الحريات من الحجاب وخلافه.. سنترك النظام العام والقانون الموضوع على الخلفية الإسلامية للدولة أن تحكم في المخالفات».

من جانبه، يعتقد الدكتور أشرف الشريف، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأميركية، أن الدستور المصري سيخضع في نهاية المطاف لتوازنات بين التيار الإسلامي بصفته أقوى التيارات السياسية حاليا وبين المجلس العسكري، وأجهزة الدولة البيروقراطية، والأجهزة الأمنية ومؤسسة القضاء.