مستوطنون يساعدون الحكومة الإسرائيلية في السيطرة على منافذ مياه الفلسطينيين «الأفقر مائيا»

استولوا على 30 نبعا في الضفة الغربية ويسعون إلى السيطرة على مثلها.. ويستخدمونها سياحيا

كلب بوليسي يهاجم فلسطينيا أثناء مظاهرة احتجاجية بينما يحاول جندي اسرائيلي القبض عليه في قرية كفر قدوم في الضفة الغربية (أ.ب)
TT

تواصل إسرائيل السيطرة على مصادر المياه في الأراضي الفلسطينية بشكل متزايد، وتتخذ هذه السيطرة أشكالا رسمية وغير رسمية، بينما تتزايد معاناة الفلسطينيين عاما بعد آخر. وقال تقرير للأمم المتحدة، إن المستوطنين الإسرائيليين سيطروا على نحو 30 من ينابيع المياه في الضفة الغربية، ويسعون إلى السيطرة على نحو 30 بئرا أخرى قريبة من المستوطنات، في حرب يحاولون من خلالها منع وصول الفلسطينيين إلى منافذ المياه.

ويفاقم هذا الأمر من صعوبة حصول الفلسطينيين على المياه، في وقت تضع فيه إسرائيل «الرسمية» قيودا كثيرة على فلسطيني الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة، تحرمهم من الحصول على مياه كافية.

وتقول سلطة المياه الفلسطينية، إن استهلاك الفرد من المياه في إسرائيل يزيد أربعة أضعاف عن الفلسطينين، أما في المستوطنات، فإنه يزيد عليه بعشرين ضعفا. ولا تتجاوز حصة الفرد الفلسطيني في اليوم الواحد، 70 لترا، وهو ما يجعل الفلسطينيين «الأفقر مائيا في العالم».

وتسيطر إسرائيل على مياه حوض نهر الأردن والأحواض الجوفية في الضفة الغربية والحوض الساحلي الممتد حتى غزة، كما أنها تكبل الفلسطينيين باتفاقات، تنص على أن السلطة ملزمة بالحصول على تراخيص لمشاريعها المائية، أو حتى مشاريع الصرف الصحي، من اللجنة المائية الإسرائيلية - الفلسطينية المشتركة.

ويشكل موضوع المياه، أحد الملفات النهائية في المحادثات الفلسطينية - الإسرائيلية، وطالما اتهم الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، إسرائيل بسرقة مياه الفلسطينيين ومن ثم بيعها إياهم من جديد. ويقول رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض، إن نسبة المياه المتاحة للمستوطنين نحو 18 إلى واحد مقارنة بالفلسطينيين، ويصف هذا الأمر بجزء من التحكم والسيطرة بشكل تعسفي متصل بالاحتلال الإسرائيلي.

والآن، دخل المستوطنون أيضا على الخط. وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، إنه يوجد حاليا 56 نبعا في الضفة الغربية بالقرب من المستوطنات الإسرائيلية، منها 30 نبعا تم الاستيلاء عليها بالكامل ومنع الفلسطينيين من دخولها، بينما تظل الينابيع الباقية وعددها 26 عرضة «لخطر استيلاء المستوطنين عليها نتيجة ما يقومون به من جولات منتظمة وأعمال دورية».

وقال مدير «أوتشا» رامش راجاسنغهام، إن المستوطنين يستخدمون وسائل مختلفة للاستيلاء على الينابيع، منها تخويف الفلسطينيين وتهديدهم، وإقامة سياج حول المناطق المستهدفة. وأضاف «إنهم يستهدفون من وراء ذلك التوطين على الأرض المحتلة، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني».

ويستغل المستوطنون الأمر على نحو سياحي أيضا. وبحسب التقرير، فإن «40 من إجمالي 56 من هذه الينابيع، شرع المستوطنون في تطوير المنطقة المحيطة بها، لتحويلها إلى منطقة سياحية، من خلال نصب طاولات خلوية لاستخدم السائحين، وإنشاء معرّشات، وتعبيد الطرق المؤدية إلى النبع، وتعليق يافطات تحمل الاسم العبري للنبع، ومن دون الحصول على التراخيص اللازمة».

وجاء في التقرير «إن ممارسات المستوطنين تستهدف تطوير البنية التحتية السياحية للمستوطنات؛ لترسيخ المشروع الاستيطاني الرامي إلى توسيع نطاق سيطرة المستوطنات على الأرض، وخلق مصدر جديد لدخل المستوطنين، بالإضافة إلى تطبيع وجود المستوطنات في نظر شرائح أكبر في المجتمع الإسرائيلي».

وقال التقرير أيضا، «إن عمليات الاستيلاء على الينابيع، أثرت على الحياة اليومية للفلسطينيين القاطنين في المناطق المستهدفة، بما فيها تآكل سبل معيشتهم المعتمدة على الزراعة. وقد أدى استحالة وصولهم إلى الينابيع والأراضي القريبة منها، إلى تقليص دخل المزارعين، الأمر الذي فرض عليهم إما التوقف عن زراعة الأرض، أو مجابهة الانخفاض في إنتاجية محاصيلهم، بالإضافة إلى زيادة في النفقات، بسبب الحاجة لشراء مياه أغلى سعرا سواء تلك المنقولة بالأنابيب أو الصهاريج».

وأوصت الأمم المتحدة بضرورة تنفيذ إسرائيل لجملة من الإجراءات، منها التوقف عن تسهيل نقل المدنيين الإسرائيليين إلى الأراضي المحتلة، بما في ذلك التوقف عن توسيع المستوطنات، واستعادة حق وصول الفلسطينيين إلى الينابيع، التي استولى عليها المستوطنون، وضمان سلامتهم. كما أوصت الأمم المتحدة، بإجراء تحقيقات فعّالة في حالات التعدي على الأرض والعنف الذي يمارسه المستوطنون، ومحاكمة المسؤولين عنها، وتبني إجراءات تحول دون استمرار «جولات» المستوطنين السياحية على الينابيع الواقعة في أراض فلسطينية مملوكة للخواص. وقد رفضت إسرائيل التقرير ووصفته بالمشوه والمليء بالأخطاء.