طرابلس تريد استجواب السنوسي.. وأنباء عن اتصالات له مع قيادات قبلية ليبية

مطالب بالتحقيق بعمليات «الناتو» بعد عام من بدئها

عمر الخضراوي نائب وزير الداخلية الليبي والى جانبه نيكولا ديفيس وغاريث مونتغومري – جونسون الصحافيان البريطانيان قبل مغادرتهما طرابلس الى بريطانيا أمس (رويترز)
TT

بينما قال احميدة احنيش، المسؤول السابق في اللجان الثورية الليبية، إن عبد الله السنوسي، رئيس جهاز الاستخبارات في نظام العقيد الراحل معمر القذافي، كان على اتصال بقيادات قبلية في الداخل الليبي، قبل توقيفه في نواكشوط أثناء محاولته دخول موريتانيا بجواز سفر مزور منذ يومين، أفاد مسؤول في وزارة الخارجية الليبية بأن طرابلس تريد استجواب رئيس مخابرات القذافي عن جرائم منها «مذبحة أبو سليم واختطاف الكيخيا واختفاء الصدر»، وغيرها، مشيرا إلى أن وفدا حكوميا ليبيا قرر التوجه إلى نواكشوط للمطالبة بتسليم السنوسي، الذي يوصف بـ«الجزار»، ومطلوب للمحكمة الجنائية الدولية والقضاء الفرنسي.

وقال النائب الأول لرئيس الوزراء الليبي، مصطفى أبو شاقور، أمس، في نواكشوط، إن حكومته حريصة على «استعادة» السنوسي، حسب ما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.

وقال شاقور للصحافيين لدى وصوله إلى نواكشوط ليطلب من السلطات الموريتانية تسليم السنوسي: «نحن حريصون على استعادة السنوسي لأن هذا الرجل ارتكب جرائم بحق الليبيين والشعب الليبي وينبغي أن يحاسب عليها في ليبيا أمام القضاء الليبي». وأضاف: «نحن في موريتانيا بين أشقائنا. من دون شك هناك ترابط مصالح بين الموريتانيين والليبيين ونحن حريصون على احترامها».

وإضافة إلى الطلب الليبي بتسليم السنوسي، الذي أوقف ليل الجمعة - السبت في مطار نواكشوط لدى وصوله من الدار البيضاء (المغرب) على متن رحلة عادية، تطالب فرنسا بتسليمه، وكذلك المحكمة الجنائية الدولية.

ولا ترتبط ليبيا باتفاق ثنائي مع موريتانيا، لكن بإمكانها التحرك بناء على اتفاقية مساعدة قضائية تربط الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية، وأبرمت في الرياض سنة 1983، وأقرتها نواكشوط في 1985، وطرابلس في 1988. وفي ما يتعلق بتنفيذ هذه الاتفاقية التي تربط الدول العربية، أكد أبو شاقور أنه «سيتم البحث في كل السبل».

إلى ذلك، قال احنيش، المسؤول السابق في اللجان الثورية التي كانت من مؤسسات الحكم الأمنية الرهيبة في عهد القذافي، إن السنوسي، وهو من قبيلة المقارحة الكبيرة العدد في ليبيا، كان على اتصال بقيادات من النظام السابق الفارين في عدد من الدول المجاورة لليبيا، مشيرا في اتصال مع «الشرق الأوسط» من إحدى الدول العربية، إلى أن «بعض قيادات النظام السابق تجري منذ أشهر اتصالات حثيثة مع زعماء قبائل في الداخل، للمشاركة في إعادة ترتيب الأمور في البلاد»، وأن من بين هؤلاء «السنوسي نفسه»، الذي قال إن له «اتصالات واسعة وكان يحظى بثقة بعض قيادات القبائل».

من جانبه، أوضح المسؤول بوزارة الخارجية الليبية، الذي فضل عدم الإشارة إلى اسمه، أن بلاده «مصممة» على تسلم السنوسي لاستجوابه ومحاكمته محاكمة عادلة على الأراضي الليبية، مضيفا أن طرابلس تريد تسلم السنوسي حتى تتمكن من كشف العديد من الألغاز التي ارتبطت بحكم القذافي ومنها مذبحة سجن أبو سليم بطرابلس، التي راح ضحيتها نحو 1200 معتقل معظمهم من الإسلاميين عام 1996، بالإضافة إلى عمليات اختطاف واغتيالات بحق معارضين ليبيين، أشهرها عملية اختطاف منصور الكيخيا من القاهرة، واختفاء الإمام موسى الصدر في ليبيا في أواخر عقد السبعينيات من القرن الماضي، مشيرة إلى تلقي موريتانيا أيضا طلبين لتسلم السنوسي من فرنسا والمحكمة الجنائية، التي أصدرت صيف العام الماضي مذكرة توقيف بحق الرجل البالغ من العمر 62 عاما، وكان مقربا من القذافي.

ومنذ سقوط نظام القذافي خريف العام الماضي تطالب السلطات الليبية الجديدة دول الجوار، ومن بينها مصر، بتسليم من لديها من القيادات السابقة في النظام الليبي المنتهي، ومن بينهم مقربون من القذافي ووزراء في نظامه، إلا أن هذا الملف لم يتم الانتهاء منه بعد. وأوضح مسؤول في وزارة العدل المصرية أن بلاده وضعت، منذ يومين، أسماء مسؤولين ليبيين من النظام السابق على قوائم الممنوعين من السفر وترقب الوصول، بعد تلقيها طلبا من حكام طرابلس الجدد بتسليم هؤلاء المسؤولين المرجح وجودهم في مصر، أو ترددهم عليها، ومن بينهم أحمد قذاف الدم (كان منسقا للعلاقات المصرية - الليبية)، ونصر المبروك (كان وزير الداخلية الأسبق)، وغيرهما.

وبعد يومين من خروج مزاعم عن رغبة عائشة، الابنة الوحيدة للقذافي، في ترك الجزائر التي لجأت إليها مع عدد من أفراد أسرة العقيد الراحل، والإقامة في الأردن، بسبب تضييق الحكومة الجزائرية عليها، نفى السفير الأردني لدى ليبيا فواز العيطان أن تكون عائشة قد تقدمت بطلب لجوء سياسي إلى الأردن، قائلا في تصريح لوكالة الأنباء المصرية أمس إن «ما أذيع بهذا الشأن في بعض وسائل الإعلام غير صحيح بالمرة».

والوحيد المحتجز داخل ليبيا من أسرة القذافي هو سيف الإسلام، بعد إلقاء القبض عليه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، حيث تجري السلطات أعمال تجهيز عملية التحقيق معه ومحاكمته، وفقا لما أفاد به خالد الزنتاني، مسؤول اللجنة الإعلامية لمدينة الزنتان التي يوجد بها سيف الإسلام، المطلوب أيضا للمحكمة الجنائية الدولية.

وعلى صعيد متصل، قالت منظمة العفو الدولية أمس إن حلف شمال الأطلسي (ناتو) فشل في التحقيق بشكل سليم في وفيات المدنيين التي نجمت عن غارات جوية شنتها طائراته أو في دفع تعويضات عنها. وجاء هذا المطلب تزامنا مع الذكرى الاولى لبدء عمليات «الناتو» في ليبيا امس. وكان حلف شمال الأطلسي قد شن حملة جوية استمرت سبعة أشهر ساعدت على الإطاحة بالعقيد القذافي.

وفي تكرار لاتهامات رددتها روسيا في وقت سابق من الشهر الحالي قالت منظمة العفو الدولية إن عشرات الليبيين غير المشاركين في الصراع قتلوا أو أصيبوا خلال الغارات الجوية التي شنتها طائرات الحلف لكن لم يحدث تحقيق مناسب في الأمر. ونقلت وكالة رويترز قول دوناتيلا روفيرا، كبيرة مستشاري الأزمات في منظمة العفو في بيان: «أكد مسؤولو حلف شمال الأطلسي مرارا التزامهم بحماية المدنيين»، مضيفة أنه «لا يمكنهم الآن تجاهل موت عشرات المدنيين بإصدار بعض بيانات الأسف المبهمة دون تحقيق مناسب في هذه الحوادث المميتة».

ومن جانبها، نشرت صحيفة «الغارديان» البريطانية أمس تقريرا لمعهد الخدمات الملكي المتحدة (روسي) أكد أن حملة حلف الناتو في ليبيا مثلت نجاحا عسكريا، إلا أنها قللت من فرص الحملات المدعومة من الأمم المتحدة في المستقبل لحماية المدنيين. وقالت الصحيفة في تقرير أوردته على موقعها الإلكتروني بمناسبة مرور عام على بدء عملية الناتو في ليبيا: «إن هذه الضربات العسكرية تم تقديمها في البداية على أنها ذات هدف إنساني، إلا إنها تحولت إلى حملة مهتمة في الأساس بتغيير نظام، وانتهت أعمالها العسكرية بمقتل القذافي». وأشارت الصحيفة إلى أن المدافعين عن مبدأ «مسؤولية الحماية» سيتوجب عليهم القلق من أن يخلف الصراع في ليبيا تراثا حيث ستقوم روسيا والصين بالتذرع بأن هذا النموذج من العمليات العسكرية إنما يهدف لتغيير النظم السياسية تحت عباءة «مسؤولية الحماية» وسيقومان باستخدام حق الفيتو وهو ما حدث بالفعل في سوريا.

وعلى الصعيد نفسه، ذكرت قناة «ليبيا» الفضائية أمس أنه تم العثور على مقبرة جماعية تضم رفات 40 شخصا قتلوا من قبل عناصر تابعة لنظام القذافي بالقرب من منطقة «وادي الربيع» بجوار طرابلس. ويعتقد أن هؤلاء الضحايا ممن رفضوا إطاعة الأوامر بقتل «الثوار» إبان الانتفاضة ضد حكم القذافي العام الماضي.

يشار إلى أن صحافيين بريطانيين اعتقلتهما ميليشيا ليبية قبل شهر، واتهما بالتجسس، غادرا أمس طرابلس إلى المملكة المتحدة، بعد تبرئتهما من جميع الاتهامات الموجهة لهما.