اجتماع في الرباط لتطويق خلافات أحزاب التحالف الحكومي بعد أن طفت على السطح

ابن كيران: الأغلبية متماسكة وجدية وتعمل في أجواء مريحة

TT

تسببت تصريحات ومبادرات وزراء حزب العدالة والتنمية الإسلامي، الذي يقود الحكومة الائتلافية في المغرب، في عدد من القطاعات في خلق شرخ داخل التحالف الحكومي (أربعة أحزاب)، حتى بات هناك حديث عن تصدع وشيك ربما ينسف الأغلبية الحكومية.

وسارع عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة إلى إرسال خطاب مطمئن يؤكد فيه أن أغلبيته «متماسكة وجدية وتعمل في جو أخوي ومريح جدا»، وأنها استطاعت معالجة خلافاتها «بفضل روح التفاهم والثقة والانسجام التي كانت سائدة منذ البداية»، على حد تعبيره. كما أنه وتفاديا لتوسع دائرة الخلافات، التي ظهرت في الأسابيع الماضية، اتفقت أحزاب التحالف الحكومي على عقد اجتماع شهري، تفعيلا لميثاق الأغلبية التي وقعت عليه أحزاب: «العدالة والتنمية» و«الاستقلال» و«الحركة الشعبية» و«التقدم والاشتراكية» إبان تشكيل الحكومة، وذلك في أول اجتماع لها السبت الماضي رغم أن الميثاق ينص على عقد هذا الاجتماع كل ثلاثة أشهر.

وكانت تصريحات وزراء «العدالة والتنمية» وكذا بعض مبادراتهم مثل نشر لائحة المستفيدين من رخص النقل من قبل عزيز الرباح، وزير التجهيز والنقل، وكذا انتقاد الحبيب الشوباني، وزير العلاقة مع البرلمان والمجتمع المدني لمهرجان «موازين» الذي يشرف عليه منير الماجدي، السكرتير الخاص للملك، بالإضافة إلى إعلان مصطفى الخلفي، وزير الإعلام، قبل أيام عن إلغاء الحكومة لضريبة الإعلام المرئي والمسموع، دون أن ينص على ذلك مشروع الموازنة العامة، إلى جانب تصريحات أخرى أدلى بها مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات حول عدد من القضايا، قد أثارت حفيظة الوزراء الآخرين المنتمين لأحزاب الأغلبية، وعبروا عن ضيقهم على غياب التنسيق بين مكونات التحالف الحكومي، وانفراد وزراء «العدالة التنمية» بالتصريحات المثيرة التي جعلتهم تحت الأضواء، وكأنهم الوحيدون في الحكومة.

ولم تنحصر الخلافات بين تحالف الأغلبية على مستوى الوزراء فقط، بل انتقلت أيضا إلى أعضاء في البلديات في بعض المدن، ينتمون للتحالف الحكومي نفسه. وفي هذا السياق، قال نور الدين مضيان، رئيس الفريق النيابي لحزب الاستقلال لـ«الشرق الأوسط» إن اجتماع أحزاب الأغلبية الحكومية كان يهدف إلى وضع آليات للتنسيق بين مكونات التحالف ليس فقط على المستوى الحكومي بل أيضا على المستوى المحلي والإقليمي تفاديا لحدوث أي احتكاك، في إشارة إلى الخلاف الذي حدث بين رئيس المجلس البلدي لمدينة وجدة المنتمي لحزب الاستقلال وأعضاء منتمين لحزب العدالة والتنمية.

وأوضح مضيان أنه لوحظ أن هناك انفرادا في التصريحات من قبل وزراء «العدالة والتنمية»، رغم أن الحكومة ليست حكومة «العدالة والتنمية» فقط بل هي حكومة مكونة من أربعة أحزاب، وبالتالي كان لا بد «من وضع النقط على الحروف، وترتيب البيت الداخلي من أجل تقوية التحالف وتحصينه من أي تأثير قد يستهدفه مهما كان مصدره».

وأضاف مضيان أن «أحزاب الأغلبية قررت عقد اجتماع في آخر جمعة من كل شهر، لتطرح خلاله جميع القضايا والملاحظات، وهذا أمر طبيعي جدا لأن الحكومة ما زالت في بدايتها، ورغبة في تقوية التحالف ليعمر طويلا ليس لأربع سنوات المتبقية بل لعقود من الزمن»، على حد قوله. وعزا مضيان التصريحات التي يطلقها وزراء «العدالة والتنمية» إلى «قلة التجربة» واعتبر «الأمر عاديا».

وردا على سؤال حول ما إذا كان وزراء «العدالة والتنمية» سيتحفظون مستقبلا في تصريحاتهم، قال مضيان «نحن نعذرهم لأن (العدالة والتنمية) أمضى سنوات طويلة في المعارضة، وحتى حزب الاستقلال وعلى الرغم من أنه أمضى 15 سنة في الحكومة، ما زالت لديه رواسب المعارضة، لأنه يصعب التخلص من ثقافة المعارضة». وزاد قائلا «تصريحات وزراء (العدالة والتنمية) نابعة من قناعتهم، وانسجاما مع برامجهم بشأن الإصلاح ومحاربة الفساد، ولا يقصد منها شيء آخر» لكن مضيان أضاف «كلنا نريد محاربة الفساد والإصلاح، وابن كيران أشار بدوره إلى أن الحكومة الحالية هي استمرار للحكومة السابقة، لأنها لم تنطلق من فراغ، بل وجدت عملا كبيرا على مستوى وزارات التجهيز والسكن والصحة وعلى المستوى الاجتماعي أيضا، ومن الخطأ أن يعتقد وزراء العدالة والتنمية أنهم هم (المهدي المنتظر)، فالعمل عمل الجميع، لأننا أعددنا البرنامج الحكومي بشكل مشترك، وكذلك قانون المالية (الموازنة العامة) ونجاح الحكومة هو نجاح الأغلبية، وفشلها هو فشل للأغلبية وليس فشلا لـ(العدالة والتنمية)».

وأوضح مضيان «هدفنا واحد هو خدمة البلد وتنميته والحفاظ على مصالحه العليا، والمطلوب في هذه المرحلة هو توحيد الرؤى، أما أن ينفرد هذا الوزير أو ذاك بتصريح، فهو يشكل إحراجا لباقي القطاعات الأخرى ولباقي المكونات السياسية للأغلبية»، وختم حديث بالقول إن «الخلافات بسيطة عولجت في وقتها ورئيس الحكومة تفهم ذلك، وهو يحرص على دعم وتقوية هذه الأغلبية».

من جهته، قال عبد العزيز عماري، رئيس الفريق النيابي لحزب العدالة والتنمية لـ«الشرق الأوسط» إن «اجتماع مكونات الأغلبية الحكومية جاء تفعيلا لميثاق الأغلبية، وحضره الأمناء العامون لأحزاب الأغلبية، لتكريس الانسجام، حتى إذا ما ظهرت صعوبات يتم تداركها ومعالجتها حتى لا تؤثر على السير العادي للحكومة».

وردا على سؤال حول ما إذا كانت تصريحات وزراء «العدالة والتنمية» هي التي تسببت في هذا الشرخ بين مكونات التحالف الحكومي، قال عماري «في تقديري أن الخلافات بين أعضاء الجماعات المحلية (البلديات) ومنهم نواب برلمانيون، هي ما يؤثر على مستوى العمل المركزي، لذا فتفعيل آلية التنسيق السياسية من شأنه تطويق كل القضايا والخلافات»، مشيرا إلى أن التنسيق سيشمل أيضا الفرق البرلمانية المنتمية للأغلبية داخل البرلمان.