أوباما يتعهد بكسر «الستار الحديدي الإلكتروني» في إيران

خامنئي مخاطبا شعبه: من يعتقد أن عداوة أميركا تجاهنا ستتراجع إذا تنازلنا مخطئ

علي خامئني خلال إلقاء كلمته للشعب الإيراني بمناسبة عيد نوروز أمس (أب)
TT

انتقد الرئيس الأميركي باراك أوباما، أمس، «الستار الحديدي الإلكتروني» الذي تفرضه إيران على مواطنيها، متعهدا بكسره، وأشار إلى شبكة الإنترنت، كأحد عناصر التقارب بين الأميركيين والإيرانيين، وهما شعبان «لا سبب لديهما»، لأن يكونا منقسمين، على حد قوله. في وقت قال فيه المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية آية الله علي خامنئي «إن الذين يعتقدون أن عداوة الولايات المتحدة حيالنا ستتراجع إذا تنازلنا في الملف النووي مخطئون».

وقال أوباما في كلمة عبر فيديو بث أمس مع ترجمة بالفارسية والعربية، في مناسبة رأس السنة الإيرانية «ليس هناك أي سبب يدعو إلى أن تكون الولايات المتحدة وإيران منقسمتين.. هنا في الولايات المتحدة يزدهر الأميركيون من أصل إيراني ويساهمون بشكل كبير في ثقافتنا». وأضاف الرئيس الأميركي «هذه السنة فاز فيلم إيراني (انفصال) بجائزة الأوسكار عن أفضل فيلم أجنبي»، قائلا «كما أن عناصر بحريتنا كافحوا خطر القرصنة وقام بحارة أميركيون بإنقاذ إيرانيين كانوا محتجزين رهائن». وقال أوباما إن «عيد نوروز هو وقت الاحتفال للعائلات الإيرانية ويذكرنا بالثقافة الغنية للشعب الإيراني والمساهمات الاستثنائية التي قاموا بها في تاريخ البشرية ومساهمة الأميركيين من أصل إيراني في الثقافة الأميركية».

وأكد أوباما أنه «مع (فيس بوك) و(تويتر) والهواتف الجوالة والإنترنت، يستخدم مواطنون الوسائل نفسها للتحادث»، منتقدا في الوقت نفسه القيود التي تفرض على الحريات في إيران، لا سيما إمكانية الاطلاع بحرية على الإنترنت، واصفا إياها بأنها «جدار حديدي إلكتروني». وقال «بشكل متزايد يحرم الإيرانيون من حرياتهم الأساسية بالاطلاع على المعلومات التي يرغبون بها. والحكومة الإيرانية تقوم بالتشويش على أقمار صناعية من أجل منع بث برامج إذاعية وتلفزيونية». وقال أوباما «إن من حق الإيرانيين الوصول إلى المعلومات والتجمع على الإنترنت، ولكن النظام الإيراني ينفي هذه الحقوق على نحو متزايد ويستخدم التكنولوجيا لقمع الشعب وإغلاق التلفزيون والبث الإذاعي وفرض رقابة على الإنترنت للسيطرة على ما يقوله ويسمعه الإيرانيون لدرجة أن الإيرانيين لا يستطيعون التواصل بحرية مع ذويهم داخل إيران أو خارج حدودها». واتهم أوباما إيران بفرض رقابة على أجهزة الكومبيوتر والهواتف الجوالة لحماية النظام.

وأضاف الرئيس الأميركي أن الجمهورية الإسلامية «تمارس رقابة على الإنترنت لكي تضبط ما يمكن للإيرانيين أن يرونه أو يقولونه. وأن النظام يراقب أجهزة الكومبيوتر والهواتف الجوالة لهدف وحيد هو حماية سلطته». وفي حين تخضع إيران لعقوبات اقتصادية مشددة من قبل الأسرة الدولية بسبب برنامجها النووي المثير للجدل، أشار أوباما من دون أن يدخل في التفاصيل إلى «قواعد جديدة لتسهيل تقديم شركات أميركية برامج معلوماتية وخدمات لإيران ليتمكن الإيرانيون من استخدام الإنترنت بسهولة أكبر».

وبثت وزارة الخزانة لاحقا قائمة برامج مجانية يسمح ببثها في إيران وفقا لاستثناء مطبق، خصوصا برمجيات تواصل على غرار «ياهو ماسنجر» و«غوغل توك» وأجهزة تخزين معلومات على الإنترنت. وشملت القائمة برامج الاتصالات وتبادل الرسائل الفورية وخدمات تخزين البيانات وبرامج التصفح على الإنترنت مثل برنامج «غوغل». وسمحت وزارة الخزانة الأميركية بتوفير تراخيص سماح ذات أفضلية للبرامج والخدمات الإلكترونية الأخرى التي لم ترد في المبادئ التوجيهية الحالية حيث سمح مكتب مراقبة الأصول الأجنبية لوزارة الخزانة الأميركية بتصدير الخدمات والبرامج التي يستفيد منها مباشرة الشعب الإيراني، مثل برامج استضافة المواقع والإعلان على شبكة الإنترنت ورفع الرسوم عن تقديم تطبيقات الجوال وخدمات الاتصال على الإنترنت. وتحاول الولايات المتحدة التحايل على قيام النظام الإيراني بإحكام السيطرة على أجهزة التواصل الإلكتروني والسيطرة على الحركات الإيرانية المطالبة بالديمقراطية.

وفي إشارة إلى الثورات التي تهز العالم العربي منذ مطلع 2011 وتطورت خصوصا بفضل استخدام مواقع التواصل على الإنترنت، قال أوباما «تبلغنا مجددا بأن قمع الأفكار لا يساهم أبدا في محوها». وأوضح أوباما أن «الحكومة الإيرانية تتحمل مسؤولية احترام هذه الحقوق (الوصول إلى الإنترنت) كما من مسؤوليتها احترام تعهداتها في مجال برنامجها النووي». وأضاف «إذا سلكت الحكومة الإيرانية نهجا مسؤولا ستتمكن من العودة مجددا إلى صفوف الأسرة الدولية».

وقال أوباما «بالنسبة إلى الشعب الإيراني تأتي (رأس السنة الإيرانية) في مرحلة من التوتر المستمر بين بلدينا. لكن في الوقت الذي تجتمع فيه الأسر.. نتذكر بأننا ننتمي جميعا إلى البشرية». ومنذ وصوله إلى سدة الحكم في 2009 يلقي أوباما كل سنة كلمة في هذه المناسبة. وهذه السنة أخذ مبادرة تاريخية بالتوجه مباشرة إلى المسؤولين الإيرانيين واقترح عليهم تجاوز العلاقات المتوترة بين البلدين القائمة منذ ثلاثة عقود. لكن اللهجة تغيرت في 2010 بعد إعادة انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد المثيرة للجدل في منتصف 2009 وقمع المظاهرات المنددة بعمليات الغش التي تخللت هذه الانتخابات. وقال أوباما إن طهران «اختارت العزلة». وفي 2011 انتقد أوباما نظام طهران، مؤكدا أن قمع المعارضة يدل على «خوفه».

من جهته، حذر خامنئي من أن بلاده سترد على أي هجوم تشنه واشنطن وتل أبيب على بلاده. وقال في خطاب بثه التلفزيون مباشرة في مناسبة رأس السنة الإيرانية «لقد قلنا إننا لا نملك أسلحة نووية ولن نقوم بصنعها. لكن إذا شن الأعداء أي هجوم سواء كانت الولايات المتحدة أو النظام الصهيوني فإننا سنهاجمهم بنفس المستوى الذي يهاجموننا به». وأضاف خامنئي، الذي كان يتحدث من مدينة مشهد (غرب)، أن إيران لديها حق إلهي بالرد إذا تعرضت لهجوم. وقال «المعتدون هم الخاسرون». وأوضح أنه حسب «شرع الله، لا نفكر بالهجمات والاعتداءات لكننا متمسكون بوجود وهوية الجمهورية الإسلامية». واتهم خامنئي الولايات المتحدة وحلفاءها الأوروبيين بتغيير الذرائع للتدخل في إيران، معتبرا أن الهدف الحقيقي وراء ذلك السيطرة على احتياطي النفط والغاز الهائل في البلاد. وقال خامنئي «أولا كانت المشكلة النووية.. ثم مسألة حقوق الإنسان. الرهان الحقيقي هو أن إيران تملك احتياطيا من النفط والغاز». وأضاف أن «الذين يعتقدون أن عداوة الولايات المتحدة حيالنا ستتراجع إذا تنازلنا في الملف النووي مخطئون. موقف (الولايات المتحدة) حيالنا غير مرتبط بالبرنامج النووي أو حقوق الإنسان، هذا لأن الجمهورية الإسلامية تقاوم».