ملك البحرين: المسؤولية الوطنية تقع على الجميع للرقي بالديمقراطية

في حفل تسليم التقرير الثاني في أحداث العام الماضي

العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة لدى وصوله إلى حفل تسليم تقرير اللجنة المستقلة البحرينية (رويترز)
TT

شدد عاهل البحرين، الملك حمد بن عيسى آل خليفة، أمس، في كلمة ألقاها في حفل تسليم تقرير اللجنة الوطنية لمتابعة تنفيذ التوصيات، على أن ما يؤثر على استقرار البلاد يؤثر على سيادتها، ويفتح الباب للتدخل الأجنبي، وقال: «إن الدول لا تنشد الاستقرار لمصلحة الاقتصاد فحسب، وإنما تنشده لحماية سيادتها وكيانها، ولن نفرط في ذلك أبدا».

كما أكد أن المسؤولية الوطنية تقع أيضا على جميع أفراد المجتمع والجمعيات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني، ليقوموا بدورهم المطلوب في المشاركة والرقي بالممارسة الديمقراطية وفق القانون والنظام العام. واحتفلت مملكة البحرين، أمس، بتسليم التقرير الثاني للملك حمد بن عيسى آل خليفة، وهو التقرير الذي يرصد مدى التزام الحكومة البحرينية بتنفيذ توصيات أفرزها التقرير الأول للتحقيق في أحداث فبراير (شباط) ومارس (آذار) من عام 2011 ومدى تغيير السلوك الذي مارسته الأجهزة الرسمية في الأحداث التي عاشتها البحرين آنذاك. ففي مراسم احتفالية مشابهة لمراسم تسليم تقرير لجنة تقصي الحقائق البحرينية، استقبل الملك حمد بن عيسى آل خليفة، أمس، لجنة متابعة تنفيذ توصيات لجنة تقصي الحقائق، وهي لجنة شكلها الملك في الـ27 من نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2011، وتضم في عضويتها 18 شخصية وطنية، مناصفة بين السنة والشيعة، لمتابعة تنفيذ توصيات اللجنة البحرينية المستقلة المعروفة اختصارا بـ«لجنة بسيوني» التي أجرت تحقيقات موسعة حول الأحداث التي وقعت في البحرين بين 14 فبراير و16 مارس، وقدمت تقريرها في الـ23 من نوفمبر من عام 2011.

وقال ملك البحرين في كلمته إن التوصيات كانت واسعة النطاق، كما أن تنفيذها كان يمثل تحديا كبيرا في حد ذاته، مشيرا إلى حرص اللجنة الوطنية على التطبيق الأمثل للتوصيات وفق المعايير الدولية وبالتشاور مع الخبرات العالمية.

وأكد أن التقرير خلص إلى أن الحكومة اتخذت خطوات مهمة في انتهاج الشفافية المستمدة من قيم الديمقراطية، كما تم وضع الآليات الإدارية والقانونية اللازمة لتنفيذ ما يتطلب تحقيقه من خطط متوسطة وطويلة المدى. كما أوضح الملك حمد بن عيسى آل خليفة في كلمته إن الإصلاح شمل القطاع الأمني والقضائي، وتحسين المناهج التعليمية، ووضع خطة مفصلة لإصلاح الإعلام، والعمل من أجل ضمان إعادة الموظفين إلى أعمالهم، ووضع خطط التعويض لضمان توفير سبل إنصاف المتضررين في أقرب وقت ممكن.

وقال إن التقرير سجل بدء الحكومة برامج للتحقيق لم الشمل الوطني في المجالات الاجتماعية والاقتصادية، وكذلك إنشاء مكتب مستقل لأمين عام التظلمات في وزارة الداخلية، إضافة إلى إنشاء مكتب مستقل للمفتش العام في جهاز الأمن الوطني، وإنشاء وحدة خاصة للتحقيق للمساءلة في الأحداث التي وقعت العام الماضي. ولفت ملك البحرين إلى أن ما يدعو إليه ويتمناه هو سرعة الحكومة في الإنجاز والجودة في جميع أعمالها، لا في تنفيذ التوصيات فحسب.

وفي ما يخص جانب دور العبادة وهي إحدى التوصيات التي أشار إليها تقرير «لجنة بسيوني»، قال الملك حمد بن عيسى في كلمته إن الدولة تقوم بدورها في رعاية وإعمار دور العبادة، حيث وجه باستمرار العمل وفقا للقوانين والأنظمة المعمول بها، وذلك بالتنسيق بين وزارة العدل والشؤون الإسلامية ودائرتي الأوقاف والجهات ذات العلاقة حتى لا تتكرر نفس الأخطاء السابقة.

كما وجه الملك حمد بن عيسى آل خليفة إلى اتخاذ كل الإجراءات الممكنة لسرعة حصول المتضررين على تعويضات عادلة، مؤكدا أهمية إنجاز كل القضايا التي تتعلق بحرية التعبير دون تأخير لا لزوم له، والتي تكون في إطار القانون ولا تتضمن تحريضا على العنف، أيا كانت صفة مرتكبها أو مهنته. وقال إن على ممثلي الشعب في مجلس النواب أن يقوموا باختصاصاتهم الأصيلة في متابعة ومراقبة تنفيذ الحكومة خططها في هذا الشأن. وشدد على أن تنفيذ التوصيات يعكس التزام البحرين بالإصلاح في مختلف المجالات، وأضاف: «الإصلاح ينبغي أن لا يتوقف، فالتطور هو سنة الحياة، نريد لشعبنا أن يشعر بالتغيير الحقيقي والملموس الذي تعكسه هذه الإصلاحات في حياتهم، والتحديات التي ستواجهنا خلال الأشهر المقبلة هي كيفية ترجمة ذلك إلى تغيير ملموس في ثقافة المجتمع».

وقال الملك حمد بن عيسى آل خليفة: «إن قيادة البحرين تمد السمع والبصر في ذات الوقت إلى مختلف التجارب العالمية لنستقي منها ما ينفع شعبنا ويحافظ على وحدتنا وقوة مجتمعنا، دون إقصاء لأحد، أو تغليب مصلحة فئة على فئة، فالوطن للجميع، وأبواب الحوار كانت وستظل مفتوحة». وشدد على أن «ما يؤثر على استقرار البلاد يؤثر على سيادتها، ويفتح الباب للتدخل الأجنبي، فالدول لا تنشد الاستقرار لمصلحة الاقتصاد فحسب، وإنما تنشده لحماية سيادتها وكيانها، ولن نفرط في ذلك أبدا». وأكد أن المسؤولية الوطنية تقع أيضا على جميع أفراد المجتمع والجمعيات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني، ليقوموا بدورهم المطلوب في المشاركة والرقي بالممارسة الديمقراطية، وفق القانون والنظام العام. واختتم بأنه على الجميع أخذ العبر مما مر بالبحرين من أحداث، والاستفادة من التجربة، والمضي نحو المستقبل بخطى واثقة، ونيات صادقة.

يشار إلى أن اللجنة الوطنية لمتابعة تنفيذ التوصيات قاطعتها الجمعيات السياسية المعارضة احتجاجا على طريقة تشكلها، التي قال إنها جاءت خلاف التوصيات التي قدمتها اللجنة الوطنية المستقلة، إلا أن البروفسور محمود شريف بسيوني، رئيس اللجنة الوطنية المستقلة، أكد أن لجنة متابعة التوصيات تشكلت وفق القانون ووفق التوصيات.

وكانت اللجنة قد طلب تمديد عملها لتقديم تقريرها النهائي للملك، حيث كانت المهلة التي حددت للجنة لإنجاز تقريرها هي نهاية فبراير الماضي، إلا أن اللجنة طلبت تمديد عملها 20 يوما إضافية.

بدوره أكد علي صالح الصالح، رئيس اللجنة الوطنية لمتابعة توصيات تقرير «لجنة بسيوني»، ورئيس لجنة الشورى، في كلمة ألقاها في الحفل، أن اللجنة سجلت تنفيذ الحكومية لكثير من التوصيات، مضيفا أن التوصيات التي لم تنجر بالكامل تحتاج إلى تشريعات وقوانين دستورية وقضائية، كما أن بعض التوصيات يحتاج إلى مزيد من الوقت حتى يتم التنفيذ. وفي الإطار ذاته أشاد الشيخ خالد بن علي آل خليفة، وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف، باللجنة الوطنية لمتابعة تنفيذ التوصيات، وقال إنها نجحت خلال فترة عملها التي استمرت نحو 4 أشهر في متابعة إنجاز تنفيذ غالبية توصيات اللجنة البحرينية المستقلة، مشيرا إلى أن ما تبقى من توصيات في طور التنفيذ.