لافروف: القيادة السورية ارتكبت أخطاء كثيرة.. وتنحي الأسد يجب ألا يكون شرطا مسبقا

أكد عدم وجود قوات روسية في طرطوس.. وحذر من مهاجمة إيران

جانب من مظاهرات مناهضة للأسد أمس بالقرب من إدلب (رويترز)
TT

نفى سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسية ما يقال حول أن موسكو تغير مواقفها تجاه الأوضاع في سوريا، مؤكدا أنه لا مجال للحديث عن أي تغيير في المواقف الروسية تجاه هذه القضية.. ورغم قوله أمس إن القيادة السورية ارتكبت «أخطاء كثيرة جدا فاقمت الأزمة في البلاد»، لكنه جدد التأكيد على أنه ينبغي ألا يكون تنحي الرئيس بشار الأسد شرطا مسبقا لحل الأزمة.. كما حذر من أن إيران لن يكون أمامها من خيار سوى إنتاج أسلحة نووية، في حال تعرضها لهجوم سواء من الولايات المتحدة أو إسرائيل بسبب برنامجها النووي. وقال لافروف لإذاعة «كومرسانت إف إم» الروسية: «نعتقد أن القيادة السورية ردت بشكل خاطئ على الاحتجاجات السلمية عند بدء ظهورها؛ وترتكب أخطاء كثيرة جدا»، وأضاف أن «مسألة من سيقود سوريا في فترة انتقالية لا يمكن تقريرها إلا من خلال حوار يشمل الحكومة والمعارضة»، وأن «مطالبة الأسد بالتنحي كشرط لمثل هذا الحوار غير واقعية».

ومن جهة أخرى، قال لافروف، في ختام مباحثاته مع نظيره اللبناني عدنان منصور أمس: «إنني أقترح مقارنة البيانات والتصريحات التي أدلينا بها في بداية الأزمة السورية والآن، بما في ذلك المبادئ الخمسة التي توصلنا إليها خلال زيارتي لمقر الجامعة العربية في القاهرة»، مشيرا إلى أن الجانبين الروسي واللبناني يدعوان إلى سرعة التوصل إلى تسوية الأوضاع في سوريا على أساس هذه المبادئ الخمسة المتفق عليها بين روسيا والجامعة العربية في العاشر من مارس (آذار) الجاري.

ودعا لافروف إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة من أجل الحيلولة دون تسلل المقاتلين وتهريب الأسلحة عبر الحدود المشتركة، وذكر أن تهريب الأسلحة إلى سوريا يجري عبر حدودها مع لبنان والأردن والعراق بل وأيضا من ليبيا.

ومن جانبه أكد وزير الخارجية اللبناني اتفاقه مع نظيره الروسي تجاه السبل اللازمة لتسوية الأوضاع في سوريا، مشيرا إلى ضرورة سرعة وقف العنف من جانب كل الأطراف والحيلولة دون التدخل العسكري، وما وصفه بـ«التدخل الأجنبي السلبي» واعتماد الحوار سبيلا للتوصل إلى الحلول المنشودة.

وقال منصور إن «القوات اللبنانية استطاعت في الفترة الأخيرة ضبط الحدود مع سوريا ومنع التهريب، وقد تسنى إلقاء القبض على أفراد قاموا بذلك وتجري الآن محاكمتهم»، معترفا في نفس الوقت بأنه لا توجد دولة في العالم تستطيع ضبط حدودها بالكامل.

وحول مهمة مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا أعرب لافروف عن استعداد بلاده لدعم هذه المهمة، ليس فقط من خلال بيان، بل وفي صورة قرار من جانب مجلس الأمن شريطة الإعلان عن ماهية المقترحات التي قدمها إلى القيادة السورية، وألا يتم ذلك في صورة إنذار مع ضرورة أن يقرها مجلس الأمن الدولي باعتبارها أساسا للتسوية في سوريا.

كما أعلن لافروف عن عقد لقاء بين الرئيس الروسي المنتخب فلاديمير بوتين والرئيس الأميركي باراك أوباما، في أعقاب تنصيب بوتين رئيسا في السابع من شهر مايو (أيار) المقبل. وقال لافروف إن «أوباما أجرى اتصالا مع بوتين، وناقشا في المقام الأول مجمل العلاقات الروسية - الأميركية.. وتم التوصل إلى اتفاق على عقد اجتماع مباشر بينهما بُعيد تنصيب الرئيس الروسي»، ولكن لافروف لم يوضح موعدا دقيقا للاجتماع أو مكان انعقاده، فيما ذكرت وكالة «ريا نوفوستي» الروسية أن الاتصال التليفوني بين أوباما وبوتين جرى في 10 مارس (آذار) الحالي. وانتقد لافروف سحب جميع سفراء دول الخليج العربي والعقوبات الجديدة من جانب الاتحاد الأوروبي، وقال: إن ذلك شأن العمليات الإرهابية التي وقعت في دمشق وحلب ومدن أخرى وما تروجه وسائل الإعلام حول وجود سفن حربية روسية مزعومة في الموانئ السورية لا يساعد على نجاح مهمة كوفي أنان في دمشق.

ونفى لافروف ما قيل حول وجود سفن روسية في ميناء طرطوس تحمل على متنها وحدات مكافحة الإرهاب، وقال: «ما يقال حول وجود سفن حربية روسية في ميناء طرطوس السوري مجرد أساطير مزعومة.. وأنا لا أعلم الأمر الذي جعل البعض يعتقد بوجود تناقض بين بيانات قيادة الأسطول البحري الحربي ووزارة الدفاع. فقد أعلنت وزارة الدفاع رسميا أنه توجد في ميناء طرطوس ناقلة نفط لتوفير الوقود اللازم للسفن التابعة لأسطولي البحر الأسود وبحر الشمال العاملة في خليج عدن في إطار عمليات مكافحة القرصنة، والتي تشارك فيها كذلك سفن الاتحاد الأوروبي والناتو».

وقال تفسيرا لما قيل حول وجود وحدات لمكافحة الإرهاب على متن هذه السفن: «توجد وحدة حراسة وتأمين على متن هذه الناقلة وكذلك أي سفينة إسناد مدنية تشارك في عملية مكافحة القرصنة. وإذا ما وقع هجوم القراصنة على سفينة غير حربية فإن رجال الحماية يتولون مهمة الحيلولة دون الاستيلاء على السفينة. وهذا كله منشور وبشكل لا يثير أي شك على موقع وزارة الدفاع». وحول الأوضاع في الشرق الأوسط قال لافروف بضرورة ألا تصرف أحداث الربيع العربي الأنظار عن القضية الفلسطينية والنزاع العربي - الإسرائيلي، مؤكدا أهمية اجتماع الرباعية الدولية المرتقب في أبريل (نيسان) المقبل، ووجوب العمل من أجل استئناف المباحثات الفلسطينية - الإسرائيلية سعيا نحو التسوية السلمية وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على أساس قرارات الشرعية الدولية.

من جهة أخرى، قال لافروف لإذاعة «كوميرسانت»: إن «مسؤولين من وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وغيرهم من المسؤولين يقرون بأنه ليست لديهم أي معلومات الآن بأن القيادة الإيرانية اتخذت قرارا سياسيا بإنتاج أسلحة نووية»، مضيفا: «ولكنني شبه متأكد من أنه سيتم اتخاذ مثل هذا القرار بكل تأكيد بعد أي هجمات على إيران». وجرى بث هذه المقابلة المسجلة مسبقا بعد تأكيد المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية آية الله علي خامنئي الثلاثاء أن بلاده مستعدة لضرب الولايات المتحدة وإسرائيل في حال مهاجمتها «بنفس مستوى هجومها». وتعتبر موسكو حليفا عسكريا وتجاريا قويا طهران، إلا أن لافروف قال: إن روسيا لا تدافع عن حليفتها ولكنها تحاول تجنب وقوع نزاع أوسع أو ربما سباق تسلح نووي في المنطقة.. كما وجه انتقادا شديدا للرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد على تهديده المتكرر بتدمير إسرائيل، وقال: «هذا غير مقبول بتاتا، ونحن ندينه بشدة.. وهو أمر غير متحضر ولا يليق بدولة بتاريخ إيران».