إضراب موظفي العدل يشل محاكم المغرب من جديد

الوزارة اعتبرته يخدم «أهدافا سياسية»

TT

عادت الإضرابات لتشل المحاكم المغربية في ما يشبه عملية لي ذراع بين مصطفى الرميد، وزير العدل القيادي البارز في حزب العدالة والتنمية الإسلامي، وبين النقابة الوطنية للعدل، المقربة من حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (معارضة).

وبينما اتهمت النقابة الوطنية للعدل، التي دعت إلى إضراب لمدة 48 ساعة، الذي تم تنفيذه أمس وأول من أمس، وزير العدل بـ«محاولة الإجهاز على حق العمل النقابي»، اعتبر الرميد أن الإضراب يخدم أهدافا سياسية لا علاقة لها بالمطالب النقابية والاجتماعية لموظفي وزارة العدل والحريات.

وقال فخر الدين بن حدو، نائب الأمين العام للنقابة الوطنية للعدل: «نحن اليوم لا ندافع عن مطالب الموظفين، وإنما ندافع عن وجود النقابة، وعن الحق في ممارسة العمل النقابي، الذي كفله الدستور، والذي يسعى وزير العدل إلى الإجهاز عليه».

وأوضح بن حدو لـ«الشرق الأوسط» أن سبب التصعيد هو تراجع وزير العدل عن توقيع اتفاق تم التوصل إليه مع النقابة قبل نحو أسبوعين. وأضاف: «تحاورنا معه وتوصلنا إلى اتفاق حول مجموعة من المطالب، وحددنا موعدا لتوقيع الاتفاق، غير أننا فوجئنا بتراجعه».

وقال بن حدو: «إن الاتفاق لا يتضمن أي مطالب مالية». وأشار إلى أن من بين النقاط التي تضمنها الاتفاق إحداث مدرسة لكتاب الضبط، وإلغاء الامتحانات الشفوية، وإرجاع المطرودين بسبب العمل النقابي، وترقية الدرجات السفلى من الموظفين.

وانتقدت وزارة العدل والحريات، في بيان صادر عنها، قرار الإضراب، واعتبرته تعسفا غير مقبول في استعمال الحق في الإضراب الذي كفله الدستور. وأوضح البيان أن الإضرابات لم تعد مبررة بسبب «المكتسبات التي حققها موظفو الوزارة خلال العام الماضي مقارنة مع باقي القطاعات الحكومية»، وأشارت إلى كون موظفي قطاع العدل «استفادوا من زيادات تتراوح بين 34 و69% بالنسبة لأعلى الأجور، وبين 37 و71% لأدنى الأجور»، الشيء الذي «جعل الراتب الشهري لموظفي العدل من أعلى رواتب الوظيفة الحكومية في الدولة»، حسب بيان الوزارة.

وأكدت الوزارة أن الإضرابات التي عرفها القطاع في السنة الماضية خلفت آثارا سلبية على حسن سير المحاكم ووضعية العدالة في المغرب موضحة أن الإضرابات المتتالية لكتاب الضبط في المحاكم المغربية خلال العام الماضي تسببت في إهدار 46 يوم عمل وهو ما جعل عدد الأيام المؤدى عنها من دون القيام بعمل اعتبارا لعدد الموظفين المضربين عن العمل ما مجموعه 305213 يوم عمل أي بتكلفة مالية وصلت إلى 56.16 مليون درهم (6.5 مليون دولار) وهو ما أسهم في التأثير على أداء المحاكم وتسبب في تأخر أكثر من 800 ألف قضية. وأفاد البيان بأن الوزارة سبق لها أن أصدرت بيانا مفصلا «يتضمن الاستجابة الممكنة لمختلف المطالب التي تقدمت بها التمثيليات النقابية العاملة في القطاع بما فيها جميع النقاط المضمنة في مشروع الاتفاق المتحدث عنه في بيان النقابة الداعية إلى الإضراب». وأكدت «استعدادها الدائم لمناقشة مطالب موظفي هيئة كتابة الضبط في إطار المطالب المهنية والنقابية الصرفة، والتعامل الإيجابي مع جميع المطالب في حدود ما تسمح به القوانين والإمكانات».

ودعا بيان الوزارة «جميع كوادر وموظفي العدل إلى التعامل المسؤول مع الظرفية التي تجتازها عدالة وطننا، من خلال تبني مواقف مواطنة تجاه كل الدعوات التي من شأنها التأثير على وضعية القطاع، وتخلط بين مطالبه المشروعة وحسابات ضيقة تخدم أهدافا لا علاقة لها بمصالح هيئة كتابة الضبط، خاصة أن البيان الذي دعت بمقتضاه النقابة الوطنية للعدل إلى الإضراب يبقى بيانا عاما وفضفاضا، ولم يؤسس على أي مبرر معقول للإضراب، الذي لا يمكن إلا أن يزيد في تفاقم الاحتقان داخل القطاع ويكرس اختلال العدالة».

في موضوع منفصل، نفى بيان لوزارة العدل والحريات تصريحات نسبتها جمعية «عدالة» الحقوقية، للوزير مصطفى الرميد، اعتبر فيها أن «ملف الاختفاء القسري ليس من أولويات الحكومة». وأشار البيان إلى أن تصريح الوزير جاء في سياق الرد على سؤال محدد يخص ملف الزعيم اليساري، المهدي بنبركة، ولا يتعلق بالاختفاء القسري بشكل عام.

وأضاف أن وزير العدل والحريات ما فتئ يؤكد «التزام الحكومة المغربية بحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري وحرصها على توسيع مجال الحريات وتعزيز حقوق الإنسان».

وجاء تعليق جمعية «عدالة» الحقوقية المغربية على التصريحات المنسوبة لوزير العدل والحريات في بيان أصدرته بمناسبة قرار الحكومة المغربية مصادقة المغرب على اتفاقية حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري. وأشادت الجمعية، في بيانها، بقرار الحكومة، واعتبرته خطوة مهمة تستجيب لمطلب الحركة الحقوقية المغربية. غير أنها عبرت أيضا في بيانها عن انزعاجها من تصريحات منسوبة لوزير العدل والحريات تصف ملف الاختفاء القسري بأنه ليس من أولويات الحكومة. وأضافت الجمعية في بيانها أنها «تراقب بقلق استمرار ظاهرة الاختطافات في المغرب، خاصة في قضايا الإرهاب، واتهمت الدولة المغربية بالاستمرار في نهج سياسة يتناقض فيها الخطاب والممارسة».