قصف مدفعي وصاروخي لحمص وضواحي دمشق.. و39 جثة مشوهة في حي الرفاعي

ناشطون يتخوفون من تحول حي الخالدية لبابا عمرو جديد

صورة مأخوذة من موقع «أوغاريت» لمظاهرة أربعاء الوفاء لأم الشهيد في معرشورين بادلب
TT

واصل الجيش السوري النظامي حملته الأمنية العنيفة، وبالتحديد في حمص وحماه، فيما قال ناشطون إنه قصَف مدفعيا وصاروخيا ضاحيتين كبيرتين من ضواحي دمشق هما عربين وحرستا، في وقت تحدثت فيه لجان التنسيق المحلية عن سقوط أكثر من 70 قتيلا برصاص الجيش السوري، أمس، 34 منهم في حمص التي بقيت أحياؤها محط الأنظار، خاصة بعدما قال ناشطون إنهم عثروا على 39 جثة مشوّهة في حي الرفاعي في مدينة حمص بوسط سوريا.

وأفاد المتحدث باسم الهيئة العامة للثورة السورية في حمص هادي العبد الله بأنّ «شبّانا من حي الرفاعي تسلّلوا أول من أمس إلى حيهم وتمكنوا من تصوير 39 جثة مشوّهة تم التعرف على أصحابها منتشرة في الطرق وفي بعض المنازل»، وأوضح أن «هؤلاء قُتلوا على الأرجح مع الأشخاص الـ48 الذين تمكن الجيش السوري الحر من سحبهم مقتولين ذبحا أو طعنا في 12 مارس (آذار) من حيي كرم الزيتون والعدوية المجاورين».

وأشار العبد الله إلى أن «الشبان دخلوا الحي عبر التسلل إلى منزل تلو الآخر عن طريق إحداث فجوات في جدران هذه المنازل حتى لا يتنقلوا في الطرق، وعملوا على تصوير الجثث»، مضيفا أنه «سيتم عرض هذه الصور قريبا». وقال العبد الله إن بين القتلى «16 من عائلة واحدة»، معربا عن تخوفه من وجود المزيد من القتلى الذين لم يكشف عنهم بعد في أحياء حمص.

وبالتزامن، أفاد العبد الله بأن «حي الخالدية (في حمص) تعرض أمس لقصف مدفعي وصاروخي لليوم الثاني» من قبل قوات النظام، معربا عن خشيته من تكرار «القصف الذي شهدناه على حي بابا عمرو قبل اقتحامه، لأن ذلك سيتسبب بكارثة». وأوضح العبد الله أن «حي الخالدية متاخم لأحياء البياضة والقصور والوعر، وأن آلاف النازحين من حي بابا عمرو ومن أحياء منكوبة أخرى في حمص مثل كرم الزيتون والرفاعي وعشيرة والعدوية وباب السباع والجندلي وباب الدريب لجأوا إلى الخالدية ومحيطها»، مشيرا إلى أنه «في كل منزل في الخالدية، تقيم أربع أو خمس عائلات. كما أن المساجد مليئة بالنازحين، وكذلك الأبنية التي كانت قيد البناء، سكنت فيها عوائل».

وأردف العبد الله قائلا «إن الخالدية هي الجبهة الأخيرة» في المدينة، معربا عن أمله «في أن تصمد أمام محاولات اقتحامها».

ووفق «الهيئة العامة للثورة»، تعرّض حيا الخالدية والقصور في حمص لسقوط قذائف «هاون» وانفجارات وإطلاق نار كثيف، وطوق الجيش شارع حماه برتل من الدبابات، فيما استمر القصف بالدبابات والـ«هاون» على الرستن، مما أسفر عن سقوط عدد كبير من الجرحى.

وفي دمشق، قال ناشطون إنه سمع صباح يوم أمس دوي انفجارات قرب مخفر للشرطة في حي ركن الدين وفي حي القابون بالعاصمة دمشق، وإن الحواجز الأمنية قرب فرع فلسطين للمخابرات أطلقت النار بشكل عشوائي.

وأضاف الناشطون أن قذائف المدافع الثقيلة والمدافع المضادة للطائرات أصابت ضاحيتي حرستا وعربين خلال ليل الثلاثاء - الأربعاء وأن مروحيات الجيش سمعت وهي تحلق فوق المنطقة على المشارف الشرقية للعاصمة.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن عضو المكتب الإعلامي لمجلس قيادة الثورة في ريف دمشق مرتضى رشيد قوله «إن اشتباكات وقعت بين القوات النظامية وعناصر منشقين قرابة الساعة الثانية فجر (أمس) عند مدخل مدينة حرستا (في ريف دمشق)، أعقبها دخول القوات النظامية إلى المدينة».

وأضاف مرتضى في اتصال عبر «سكاي بي» أن «مقاتلي الجيش الحر انسحبوا إلى المزارع خارج حرستا». وأوضح: «أن القوات النظامية كانت تقوم أمس بعمليات في منطقة دوما، ووقع في صفوفها عدد من الانشقاقات، ودخل العناصر المنشقون إلى حرستا»، مشيرا إلى أن «عناصر من المخابرات الجوية تدخلوا في الاشتباكات بحكم قرب مقر هذا الجهاز من المكان».

وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان وقوع الاشتباكات، مشيرا إلى «عدم ورود أي معلومات حتى اللحظة عن سقوط إصابات»، وإلى «هدوء حذر يخيم على المدينة».

وفي حماه، تحدث أبو غازي الحموي الناشط في المنطقة لـ«الشرق الأوسط»، عن استمرار الحملة التي بدأت أول من أمس مع تصاعد وتيرة القصف الذي طال عدة أحياء وخاصة الأحياء الشمالية الشرقية تزامنا مع انتشار للقناصة بشكل مكثف وقطع جميع الطرقات التي تصل بين القسم الجنوبي والقسم الشمالي للمدينة. وقال الحموي: «الجيش الأسدي قام أمس بعملية إعدام ميدانية بحق خمسة أحرار لم نتأكد من هويتهم حتى الآن. فقد تم إيقاف هؤلاء الخمسة ومن ثم إطلاق النار عليهم وبعد سقوطهم على الأرض اقتربوا منهم وقاموا بإطلاق النار عليهم مجددا وعلى مسافة قريبة».

بدوره، قال المرصد السوري في بيان إن «بلدة قلعة المضيق في ريف حماه تعرضت أمس لإطلاق نار من رشاشات ثقيلة وقذائف»، لافتا إلى أن «مجموعات مسلحة منشقة أطلقت قذيفة (آر بي جي) على ناقلة جند مدرعة للقوات النظامية قرب البلدة، مما أدى إلى مقتل جندي وإعطاب الآلية».

وذكر ناشطون أن قوات النظام واصلت قصفها لحيي الحميدية والأربعين بحماه وأن الأهالي لا يتمكنون من نقل الجرحى إلى المشافي التي تعاني نقصا في المستلزمات الطبية.

وفي محيط إدلب التي اجتاحها الجيش السوري مؤخرا، قتل فتى في مدينة سراقب برصاص قناص، حسب الناشطين الذين أشاروا أيضا إلى انفجارات وإطلاق نار كثيف في بلدة طفس بدرعا.

وقالت لجان التنسيق المحلية إن أكثر من 50 جنديا انشقوا عن الجيش في أعزاز بحلب، وانضموا إلى الجيش السوري الحر. وأضافت أن لواء أحرار الشمال التابع للجيش الحر يحاصر فرع الأمن العسكري بالمدينة.

أما ما يخص المظاهرات فبقيت ناشطة في المناطق السورية كافة وبشكل لافت في حلب ودمشق. وقد أظهرت مقاطع فيديو تم تحميلها على صفحات المعارضة على «فيس بوك» مظاهرة طلابية خرجت ليل الثلاثاء - الأربعاء وسارت في حي الزاهرة الجديدة في العاصمة قرب جامع أبو أيوب الأنصاري صدحت فيها أصوات الناشطين قائلة: «سوريا بدا حرية، سوريا بدا حرية». ثم قال المتظاهرون «يا للعار يا للعار عالشب القاعد بالدار»، في محاولة لحث المزيد من الناس على الانضمام إليهم. كما هتف متظاهرون في حارة المغاربة في السويقة «اللي ما بيشارك ما في ناموس».

وسار هؤلاء وهم يحملون علما طويلا لسوريا بعد الاستقلال، وقبل حزب البعث امتد على أمتار عدة. وكانوا يهتفون وهم يتقدمون بين المحلات التجارية التي كانت لا تزال مفتوحة، بحسب ما ظهر في الشريط: «سوريا للثوار غصب عنك يا بشار»، و«بالحق بالدين بدنا المعتقلين». وفي حي العسالي في دمشق، عمد بضعة أشخاص إلى إحراق إطارات، قال المعلق على الشريط إنهم قطعوا بها «الطريق العام في الحي نصرة للمدن المحاصرة والمنكوبة».

وتم تصوير كل المظاهرات من الخلف، في حين غطى معظم المشاركين رؤوسهم حتى لا يتم التعرف إليهم.

في مدينة حلب، بدت المظاهرات أكثر عددا، وسارت مظاهرة في حي سيف الدولة هتف خلالها المشاركون «الجيش يريد إسقاط النظام». ورفعت خلال المظاهرة لافتة كتب عليها «حرية، حرية، حرية»، وسمع خلال المظاهرة إطلاق عيارات نارية عدة، إلا أن المظاهرة تابعت طريقها.

وسارت مظاهرة أخرى في حي السكري في حلب طالبت بتسليح الجيش السوري الحر. كما سجلت مظاهرة مسائية في البشيرية في جسر الشغور في محافظة إدلب.