شكوك مشتركة بين الإسلاميين و«الجيش الحر» حول منظمة مجهولة تبنت تفجيرات دمشق

عمر بكري: لا علم لنا بها.. وهيثم المالح: النظام يقف وراءها لتشويه المعارضة

صورة مأخوذة من «أوغاريت» لتفجير سيارة مدبر من قبل الامن السوري في حي برزة بدمشق
TT

أثار إعلان جماعة تدعى «جنود جبهة النصرة الإسلامية السنية» لمسؤوليتها عن تفجير منشآت أمنية في دمشق الأسبوع الماضي، شكوكا حول هويتها، وبخاصة بعد إعلان عدد من القيادات الإسلامية عدم معرفتها بهذه الجماعة أو أهدافها، كما قال معارضون إن هذه الجماعة مدعومة من النظام السوري بغرض تشويه صورة المعارضة.

وجاء في بيان نشر على موقع «شموخ الإسلام» - الذي يستخدمه الإسلاميون - أن «(جبهة النصرة) تتبنى عملية فرع الأمن الجوي وإدارة الأمن الجنائي بدمشق»، بينما توعدت الجماعة بشن المزيد من الهجمات على قوات الرئيس السوري بشار الأسد.

وقالت الجماعة: «قام جنود (جبهة النصرة) - أعزها الله - بسلسلة من العمليات العسكرية في عدة محافظات ضد أوكار النظام. وكان أبرزها فرع الأمن الجوي وإدارة الأمن الجنائي في دمشق». وأضاف البيان «نود أن نحيط النظام علما بأن ردنا على جرائمه في كرم الزيتون من قتل للعوائل بأطفالهم ونسائهم وشيوخهم، وكذلك اغتصابه للنساء، سيكون لاحقا بإذن الله».

وتوجهت الجماعة للنظام السوري قائلة: «أوقف مجازرك ضد أهل السنة، وإلا فإنما عليك إثم النصيريين (العلويين). والمقبل أدهى وأمرّ بإذن الله تعالى».

وأثيرت شكوك بين الإسلاميين حول هوية الجماعة، ومن جهته، قال الإسلامي السوري عمر بكري فستق، لـ«الشرق الأوسط»، إن «(جبهة النصرة) ليست معروفة بين الإسلاميين أو عند أنصار المجاهدين، ولم يزكها أحد من العلماء أو المجاهدين. ولكن، أي مجموعة تطرح أدبياتها يجب التيقن منها أولا، ونظام عملها.. وإن كان أحد من العلماء أو المجاهدين قد زكاها على الساحة السورية». ويوضح بكري: «كخبير في الجماعات والفرق الإسلامية، أستطيع القول إن السند الوحيد لبياناتها هو أن مركز (الفجر) الجهادي هو الذي نشر بيانات تحمل المسؤولية عن عملية دمشق. وقد يأخذ ذلك وقتا قبل التحقق من مناصرتها من قبل الحركات الإسلامية الأخرى»، مضيفا: «بالنسبة لي شخصيا، قد يمكن القول إن أفعالها ربما سبقت أقوالها».

وكان عمر بكري، زعيم التيار الأصولي في بريطانيا سابقا قبل أن يرحل إلى شمال لبنان، أكد في حديث سابق لـ«الشرق الأوسط»، في يناير (كانون الثاني) الماضي، أنه: «لا وجود لتنظيم القاعدة ولا للجماعات الجهادية السلفية في لبنان ولا في سوريا، مع وجود وتوافر الكثير من الأفراد والشباب السلفي الملتزم بنهج السلفية الحقة، ولكنهم مبعثرون من دون تنظيم أو قائد يصهرهم في بوتقة واحدة».

من جهته، قال الشيخ أبو بصير الطرطوسي، ردا على فتوى على أحد المواقع الإسلامية: «لم يسبق لي معرفة بهذه المجموعة المعلن عنها، والمسماة (جبهة النصرة) لأهل الشام من مجاهدي الشام، ولا بالقائمين عليها. وعدم معرفتي بهم لا يضيرهم شيئا إن كانوا مجاهدين مخلصين وصادقين»، مضيفا: «قد تشكل لي بعض الملاحظات والتحفظات من خلال المتابعة، منها: جميع من ظهر في التسجيل - حتى المتكلم باسمهم - كانوا ملثمين بصورة تخفي جميع معالم وجوههم، وهذا من وجه لا يليق بمن يستشرف النصرة لأهل الشام المستضعفين، إذ إن مستضعفا لا ينبغي أن يغيث مستضعفا ويسمي نفسه جماعة النصرة.. في الوقت الذي فيه جميع أهل الشام المستضعفين قد نزعوا الخوف من صدورهم وطلقوه ثلاثا، والكل يتظاهر ويقاتل بوجوههم السافرة متحدين رصاص الطاغوت ونظامه. والسؤال الذي يفرض نفسه: فكيف يُقاتل الشعب المسلم المستضعف ويجاهد متحديا الطاغوت بوجوه سافرة، معرفا عن نفسه واسمه وهويته، حتى النساء الحرائر يفعلن ذلك، بينما الذي يريد أن ينصرهم - خوفا على نفسه - يُخفي نفسه ومعالم وجهه، ولا يُعرف عن نفسه واسمه؟! ومن وجه آخر؛ نحن نواجه طاغوتا مجرما لا يتورع عن أن يمثل جميع الأدوار من أجل بقاء حكمه ونظامه، بما في ذلك دور المجاهدين.. وبالتالي فالشعب السوري بحاجة ماسة لأن يطمئن لهذا الفريق - أو أي فريق يعرف عن نفسه بأنه من المجاهدين - بأنه حق من المجاهدين.. يدافع عن الشعب السوري، وعن دينه وعِرضه وحرماته».

من جهة أخرى، اتهم رئيس «التجمع الوطني من أجل دعم الجيش الحر»، المعارض السوري هيثم المالح، النظام السوري «بالوقوف وراء هذه الجماعة وأمثالها بهدف تشويه صورة قوى المعارضة»، مشددا على أن «لا علاقة لهذه القوى بهذه الجماعة التي لم تسمع بها يوما». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «الكل يعلم تماما أن النظام على ارتباط بـ(القاعدة) وأنه هو من أرسل عناصرها إلى مخيم نهر البارد في لبنان. من يستهدف المدنيين ليس منا، بل هو من النظام»، لافتا إلى أن «(الجيش الحر) قد يستهدف المنشآت الحكومية، ولكنه لن يقدم أبدا على استهداف المدنيين، لأن قضيته الأساسية تقتضي حمايتهم».

بدوره، نفى المقدم المظلي المنشق خالد الحمود أي علاقة لـ«الجيش الحر» بهذه الجماعة، متوقعا أن «يكون النظام السوري من قام بالتفجيرات، وأن تكون هذه الجماعة تبنتها ليكون لها موطئ قدم على الأرض»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لا اتجاه سياسيا أو دينيا لـ(الجيش الحر)، فعناصرنا ينتمون لمختلف الطوائف، فنحن لا ننتمي - كما يتهمنا البعض - إلى (القاعدة)، كما أننا لسنا من الإسلاميين المتطرفين».

وإذ شدد الحمود على أن «(الجيش الحر) أبعد ما يكون عن القيام بعمليات تؤذي المدنيين»، أكد أنه «لا يعتمد التفجيرات الانتحارية»، موضحا أنه «في بعض الحالات يتصرف العنصر تلقائيا أو بالصدفة لجهة إمساكه بالمتفجرة بنفسه». وأضاف: «نحن لا نشجع عمليات مماثلة لأننا نتقيد بقوانين الحرب وبالاتفاقيات الدولية».

ورأى الحمود أن وجود مجموعات مماثلة للجماعة التي تبنت تفجيرات دمشق يؤذي «الجيش الحر، كما يؤذي قوى المعارضة، ويسيء إلى الثورة»، وقال: «هناك بعض المجموعات الصغيرة على الأرض، تسعى في بعض الأحيان لاختطاف أشخاص وتطالب بفدية أو تفاوض عليهم، وهي جماعات لا علاقة لـ(الجيش الحر) بها على الإطلاق».

وكانت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) قالت إن «التحقيقات الأولية التي أجرتها الأجهزة الأمنية السورية انتهت إلى أن التفجير الذي وقع في دمشق السبت الماضي وخلّف 17 قتيلا، كان انتحاريا نفذ بسيارة مفخخة دخلت البلاد من دولة عربية مجاورة». في وقت اتهمت فيه قوى المعارضة النظام السوري بالوقوف وراء تفجيري دمشق وحلب لتشويه صورة المعارضة أمام المجتمع الدولي.