محاصرة «إرهابي تولوز» في منزله على مدار الساعة

فرنسي من أصل جزائري رحّله الجيش الأميركي من أفغانستان * قال إنه نفذ الهجمات انتقاما لمقتل أطفال فلسطينيين

الشرطة الفرنسية في مدينة تولوز تحكم الحصار على المسلح المشتبه فيه في حوادث قتل سبعة أشخاص، بينهم ثلاثة أطفال يهود (رويترز)
TT

أحكمت الشرطة الفرنسية في مدينة تولوز، بجنوب غربي فرنسا، الحصار على المسلح المشتبه فيه في حوادث قتل سبعة أشخاص، بينهم ثلاثة أطفال يهود، في نوبة قتل باسم تنظيم القاعدة. وحاصر نحو 300 شرطي، بعضهم يرتدي ملابس مضادة للرصاص، مبنى مكونا من أربعة طوابق في ضاحية بمدينة تولوز، حيث يتحصن المسلح الذي نفذ الهجوم على المدرسة حتى وقت متأخر من ليلة أمس. والمشتبه فيه مسلم يدعى محمد مراح عمره 24 عاما. وسبق أن أوقف في قندهار بأفغانستان في قضايا تتعلق بالحق العام، ورحله الجيش الأميركي إلى باريس.

وقال كلود جيان، وزير الداخلية الفرنسي، إن المسلح رجل فرنسي من أصل جزائري زار باكستان وأفغانستان، وأبلغ مفاوضيه من الشرطة أنه نفذ الهجوم انتقاما لمقتل أطفال فلسطينيين وبسبب مشاركة الجيش الفرنسي في الحرب في أفغانستان.

وقال محقق إن مسلحا مرتبطا بتنظيم القاعدة، يشتبه في قتله سبعة أشخاص في جنوب غربي فرنسا، خطط لقتل جندي آخر ومسؤولين اثنين بالشرطة، قبل أن تحاصره الشرطة في مداهمة في ساعة مبكرة من صباح أول من أمس.

وقال المدعي العام في باريس فرانسوا مولان، إن المسلح المحاصر محمد مراح أبلغ المتفاوضين معه من الشرطة أنه تدرب على يد «القاعدة» في أفغانستان.

وأضاف أن مراح زعم أيضا مسؤوليته عن قتل ثلاثة جنود من أصل شمال أفريقي الأسبوع الماضي وأربعة أشخاص عند مدرسة يهودية في تولوز يوم الاثنين. وأجلت الشرطة سكانا من المبنى وبدأت إجلاء المنازل القريبة. وقال مصدر في الشرطة إن السلطات لن تسمح للحصار بأن يستمر إلى أجل غير محدد. وقال جيان إن مراح الذي كان يخضع للمراقبة منذ الهجوم على أول مجموعة من الجنود الأسبوع الماضي أراد الانتقام: «للأطفال الفلسطينيين، وأراد أيضا الهجوم على الجيش الفرنسي بسبب تدخله في دول أخرى». وقال وزير الداخلية للصحافيين إن مراح عضو في جماعة أصولية في فرنسا، لكن التنظيم المنتمي إليه ليس متورطا في أي مؤامرات لأعمال عنف.

وأضاف أن مراح ألقى بمسدس من طراز كولت 45 وهو النوع الذي استخدم في تنفيذ الهجوم على المدرسة من شرفة العمارة السكنية المتحصن بها مقابل الحصول على هاتف جوال، لكنه لا يزال مسلحا. وقالت مصادر بالشرطة إنها أجرت تفجيرا تحت السيطرة لسيارة المشتبه فيه نحو الساعة التاسعة صباحا بالتوقيت المحلي بعد أن اكتشفت أنها محملة بأسلحة.

وشيئا فشيئا، توافرت قرائن أخرى حول الدراجة النارية وهي من طراز «ياماها تي.ماكس 530» رصدت في مواقع الاغتيال، فأضيفت إلى المعلومات، ومنها أن رجلا سأل بائع هذا النوع من الدراجات النارية كيف يمكن إبطال مفهوع جهاز تعقب مضاد لسرقة الدراجة كان مثبتا فيها.

وقالت المصادر إنه «تعين التمعن في كل ذلك» وفي قرائن أخرى متعلقة باتصالات بواسطة الهاتف الجوال «قبل المضي قدما».

ويعتقد أن المشتبه فيه قتل سبعة أشخاص بدم بارد في تولوز ومونتوبان منذ 11 مارس (آذار)، فقتل أولا مظلي في تولوز يدعى عماد بن زياتن في كمين نصبه رجل يركب دراجة نارية أعطاه موعدا، موضحا أنه يريد أن يشتري منه دراجة نارية، ثم مظليين في مونتوبان هما عبد الشنوف ومحمد لقواد قتلا على أحد أرصفة تلك المدينة في 15 مارس، وأصيب ثالث بجروح خطيرة، والجنود الثلاثة القتلى من أصل مغاربي والجريح من الانتي.

وقال مسؤولون إنه جرى اعتقال صديقة مراح وشقيقه، وهما أيضا متشددان إسلاميان معروفان للسلطات.

وقال جيان إن مراح أجرى اتصالا مع أول جندي هاجمه، زاعما أنه يريد شراء دراجته النارية.

وتوصل المحققون إلى عنوان جهاز الكومبيوتر المتصل بالإنترنت الذي استخدمه مراح والذي يخص والدته لأنه يخضع بالفعل للمراقبة بسبب معتقداته المتشددة.

وقال الوزير: «عرفنا، ولهذا السبب كان يخضع للمراقبة لأنه سافر إلى أفغانستان وباكستان».

وقال مصدر للشرطة لـ«رويترز» إن المحققين تلقوا أيضا بلاغا من ورشة لإصلاح الدراجات النارية في تولوز، طلب المسلح منها تغيير لون دراجته، وهي من طراز ياماها التي استخدمها للفرار بعد إطلاق الرصاص للهروب من أمام المدرسة والإفلات من تحديد مكانه من خلال جهاز تتبع متصل بالنظام العالمي لتحديد المواقع.

من جهته، حرص الرئيس نيكولا ساركوزي على لقاء ذوي الضحايا، معربا عن «تأثره العميق بشجاعتهم». وتحدث ساركوزي أمس عن ما سماه «تشابها مذهلا» بين حادث تولوز وواقعتين منفصلتين لإطلاق النار، قتل فيهما ثلاثة جنود الشهر الحالي. وقال «ذهلنا للتشابه بين كيفية تنفيذ الدراما التي حدثت وتلك في الأسبوع الماضي رغم أن علينا أن ننتظر الحصول على المزيد من الشرطة لتأكيد هذا الافتراض».

كما قال الرئيس إن أحد الجنود الثلاثة الذين قتلوا في الواقعتين السابقتين كان من أصل كاريبي، والاثنين الآخرين مسلمان، في مونتوبان وتولوز أيضا. وقال ساركوزي لمسؤولين من منظمة يهودية إن المسلح الذي قتل سبعة أشخاص بالرصاص في فرنسا كان يعد لشن هجوم جديد اليوم الأربعاء.

وقالت نيكول يارديني، المسؤولة بالمجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية الفرنسية، في حوار هاتفي مع قناة «بي إف إم» التلفزيونية الفرنسية عقب اجتماعه مع الرئيس الفرنسي، إن ساركوزي أشار إلى أن هذا المسلح «كان يخطط للقتل صباح (أمس)». إلى ذلك، قال مدع فرنسي أمس إن الجيش الأميركي قام بترحيل المشتبه فيه بجريمة تولوز إلى فرنسا بعد اعتقاله في أفغانستان. وصرح المدعي فرانسوا مولان للصحافيين بأن الشرطة الأفغانية اعتقلت الشاب ثم سلمته إلى الجيش الأميركي «الذي وضعه على أول طائرة متوجهة إلى فرنسا».

وفي إسرائيل، ومع الإعلان الفرنسي بأن منفذ العملية الإرهابية في تولوز هو عربي، زادت حدة الاستنكار وبدأت ماكينة الدعاية والوزراء والنواب من ورائها يهاجمون «الإرهاب العربي» ويظهرون إسرائيل ويهود العالم ضحية. وجدد النواب الإسرائيليون في الكنيست (البرلمان) هجومهم على وزيرة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كاثرين أشتون، التي تحدثت عن آلام العائلات الثكلى في كل مكان في العالم، بما فيه تولوز وقطاع غزة. وطالبوها بالاعتذار الصريح عن هذه المقارنة.